مقالات

والكلمة صار بشراً

والكلمة صار بشراً

موقع Allah Mahabba – والكلمة صار بشراً

هوذا الكلمةُ الأزليّ، الموجودُ قبل إنشاء العالم، آتٍ إلينا من صمتِ الآبِ الذي لم تكن برهةٌ في كيانه من دونِهِ.

هوذا بيننا، لا فكرةً تجريديّة ولا تعبيراً وهميّاً، بل إعتناقاً إنسانيّاً كاملاً لبشريّتنا، بضُعفِها وحُدودِها: يولدُ في إطارٍ دنيوي، ويكبرُ بالنعمة، ويموتُ برِبَاطِنا ليحرّرنا من ظلُماتِنا.   

هوذا الذي به ظَهَرت الخليقة بأسرِها، يُعلِن لنا أنَّ حضورَ الآبِ في العالمِ مُرتبطٌ بتأنُس إبنه-الكلمة. وهو سيُظهِرُه بصورةٍ محسوسةٍ في تجلياّته، الى أن يُظهِرَ مجدَه متى ستأتي ساعةُ عبورِهِ من هذا العالمِ إلى الآبِ في آلامِهِ وموتِهِ وقيامَتِهِ، فيتمَجَّد أباهُ فيه، ويُمجِّدُه فينا.

كم حيَّرَني هذا السؤال: لماذا الكلمةُ صار بشراً وحلّ فينا؟ أتُراه فقط لأجل حلِّ النزاع القائمِ بين الألوهة والإنسانيّة، مذ ارتأى آدم وحواء، بفعلِ تمرّدٍ، أن يكونَ كلٌّ منهما إله ذاته؟

الكلمةُ تجسَّد، وهو كان مُستمِيتاً لذلك، كي يغدوَ الجسدُ البشريُّ كلمةً.

في الجوابِ سِرٌّ أبعد: كي يغدوَ الجسدُ البشريُّ كلمةَ… الله، في ما هي ينبوعٌ أبديٌّ مخزونٌ في التجدِّد. كلَّما قرأتَهَا تفيضُ بما لم يكن مكشوفاً في الماضي. وبِها، متى حييتَ، تُجدِّدُ الآخرينَ.

على هذا السندِ، تُبنى الصداقة الحقّة بين الكلمة، والعقلِ الذي ينصت، والقلبِ الذي يعي. وفي الحقِّ: الحرُّ يُعطي، والحرُّ الآخرُ يأخذُ.

بذلك، الكلمةُ صارَت بِفعلٍ حرٍّ بشراً، والبشرُ بفِعلٍ حرٍّ إليه صائرون.

فيا أيُّها الكلمةُ الذي صار بشراً، إجعلني بِكَ كلمةً تدخلُ في نجوى الآبِ وتصيرُ نُطقاً بالروح، لكي من يراني يراكَ فيّ!

ايُّها الصارخُ بالأعمى والأصمّ والأعرج والميت والخاطىء والمرذول ومن اليهم: “كن فكانوا”، إجعلني بِكَ لَهَبَاً يصرخُ في ظُلماتِ العالمِ: “مِن مِلئِكَ، نحنُ جميعاً أخَذنا”… فنكونَ!

أيُّها المعنى الذي صارَ للبشرِ طعاماً، إجعلني بِكَ أقتَحِمُ الجوهرّ الالهيَّ وأنسَكِبُ في مِعناه الكثيف، فأُصبِحَ مألوهاً أتخلَقُ بإلوهيَّتِكَ، ضياءَ حياتي!

تسجّل على قناتنا على يوتيوب

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وصلاة “والكلمة صار بشراً”. ندعوك لمشاركتها مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن تثق بأمّنا مريم العذراء، وتضع حياتك وقلبك بين يدَيها، وتتّكل عليها في حلّ كافّة العقد التي تُعيق وصولك إلى القداسة.