الملاهي الليليّة
مقالات

الملاهي الليليّة من نظرة القدّيس بولس

موقع Allah Mahabba
“فَإِنَّ مَا أَفْعَلُهُ لَا أَمْلِكُ السَّيْطَرَةَ عَلَيْهِ: إِذْ لَا أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، وَإِنَّ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَعْمَلُ” (روما 7: 15).

إنّ الصرخة التي أطلقها الرسول بولس في هذه الآية، هي بمثابة وصف للإختبار الذي يعيشه المؤمن ضدّ الخطيئة. فنحن نتعرّض يوميًّا للتجارب ومعظمها نتيجة خيارات الانسان الخاطئة، الذي يعتبر نفسه سيّد القرار وسيّد ذاته وباستطاعته السيطرة على الأمور بقوّة الإرادة البشرية.
نعم، الإنسان يمتلك قوّة عظيمة ألا وهي “العقل”، ولكن: يجب ألّا يغيب عن ذهنه بأنَّ العقل هو عطيّة وهِبَة من الخالق ميّزه بها عن سائر المخلوقات، بمعنى أنَّ المرجعيّة هو “الله” وليس “الأنا الذاتيّة”. ومن جهة أخرى، عليه ألّا يستخفّ بقوّة الخطيئة لأنَّ الشيطان مُجرِّب مخادِع، وكذّاب ماهِر في تشويه الحقيقة، ونحن لدينا الاستعداد الدائم لتبرير أنفسنا.

هذا الصراع ينعكس على أداء الانسان في واقع حياته اليومية، إذ أصبحنا نلاحظ اليوم تغيُّر جذريّ في نظرة الناس نحو الأشياء والأمور التي من حولهم، وبشكل خاص التي تتعلّق بمفهوم السعادة. إنَّ مفهوم السعادة بالنسبة للمجتمع يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالأمور الماديّة على أشكالها.
نعم الحياة ليست سهلة! فهي تفرض على الانسان ضغوطات نفسيّة وصعوبات معيشيّة، وتضعه أحيانًا وسط ظروف قاسية يرافقها مشاعر التعب والقلق والخوف… فيَجِدُ الانسان نفسه بحاجةٍ ماسَّة للترفيه والابتعاد عن الضغوطات ومشاكل الحياة وهمومها، وغالباً ما يلجأ إلى “العالم” الذي يقدّم له وسائل الترفيه على أشكالها.
وهنا أتوقف لأطرح بعض الأسئلة:
هل العالم يساعد الإنسان على تحقيق ذاته وعيش السعادة؟
هل الفرح الذي يقدّمه العالم للإنسان هو فرحٌ حقيقيّ؟
هل الإنسان يجد فعلاً وحقيقةً سعادته في الأمور الدنيويّة؟

إنّ أبرز وسائل الترفيه التي يقدّمها لنا عالم اليوم هي “الملاهي الليليّة”. تفتح الملاهي الليلية أبوابها لاستقبال الشبّان والشابات الذين يبحثون عن التسلية وإمضاء الوقت والترفيه. ولكن هل هذه هي الغاية فقط من هذه الأماكن؟؟؟ طبعًا لا، فهناك مَن يبحثون عن أشخاص من أجل غايات جنسيّة، وهناك أيضًا من يفتّشون عن كسبِ الأموال لقاء تجارة المخدّرات، بيع الكحول، وأيضاً من يتنازلون عن أجسادهم وكرامتهم لقاء مبلغاً من المال، وأحيانًا تكون العمليّة مجانيّة فقط لتلبية رغبات جسديّة ونفسيّة.
ناهيك عن الأصوات والضوضاء والموسيقى الصاخبة التي تؤثّر سلباً على سمع الانسان وفكره، بالإضافة إلى أنواع الموسيقى التي لديها تأثير على عقل الانسان الباطني ونفسيّته، إذ تحرّك فيه المشاعر الجنسيّة والشهوانيّة وأحيانًا العدوانيّة.
كما أنّ بعض الدراسات الطبيّة قد أوضحت أنّ التعرّض المستمرّ للضوضاء يؤثّر على عدم القدرة على التركيز، وقلّة الكفاءة فى الأداء، والبطئ فى ردود الأفعال عند الخطر، ممّا يؤدى إلى زيادة التعرّض لخطر الحوادث.

إن اللّجوء لهذه الأماكن حتّى ولو كانت النيّة طيّبة والهدف تفريغ الشُحنات السلبيّة والتسلية والتمويه، إلّا أنّ تأثيرها غالبًا ما يكون سلبيًّا، فهي تعزّز روح العالم في قلب الانسان وتؤمّن له الجوّ المناسب للدخول في التجربة والمكان الأفضل لتلبية شهوات الجسد.

في هذا الإطار يقسم الرسول بولس الناس إلى قسمَين:
الذين ينقادون بحسب الجسد وشهواته، والذين ينقادون بحسب الروح القدس.
المنقاد بالجسد هو الذي يترك نفسه عُرضةً لشهوات ومغريات العالم، فيصبح كالجسد بلا روح، أي بمعنى يصبح سلوكه بحسب شهوات جسده التي تخضع لسلطة “الأنا”.
أمّا المُنقاد بالروح القدس فهو روحانيّ، واهتمامات الروح هي إرضاء الله والتفكير في الروحيّات والخدمة في سبيل مجد الله والاهتمام بالأبديّة.

أمام هذا الصراع الكياني أين تجد نفسك اليوم؟
هل أنت مُنقاد بحسب الجسد أو بحسب الروح؟
وأمام كلّ استحقاق أو قرار، وعند كلّ موقف مُحيِّر هل تسأل نفسك: “ماذا يريدني يسوع أن أفعل؟”.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “الملاهي الليليّة من نظرة القدّيس بولس”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن تعيش بحسب الروح لا بحسب الجسد وتعرف أنّ الملاهي الليليّة وهذه الأماكن تعزّز فيك روح العالم الذي يعارض الروح القدس.