المسبحة
مقالات

لماذا تُعتبر المسبحة الورديّة سلاحاً قويًّا ضدّ التجارب؟

نسمع كثيراً أنّ المسبحة الورديّة هي سلاحٌ قويّ ضدّ التجارب، وهذا صحيح. ولكن لنفهم هذا الأمر بشكلٍ روحيّ عميق وواضح، علينا العودة إلى تعليم الآباء الأوّلون في الحياة الروحيّة.

إنّ ما سنعرضه يأتي من تعليم مهمّ جدًّا لأحد آباء الكنيسة الروحيين، وهو إفاغريوس البُنطي، راهب وناسك مسيحيّ من أواخر القرن الرابع الميلادي. نقل إلينا إفاغريوس اختباره الروحي العميق، قائلاً أنّ هنالك حربٌ لا منظورة في داخلنا، وهي الحرب ضدّ الأفكار. إذ إنّ الشيطان يقدّم للانسان اقتراحات بشكل أفكار، والتقدّم الروحي للانسان يأتي من أن يعرف هذا الأخير من أين تأتي هذه الأفكار. إنّ الأفكار ليست خطايا، بل القرارات الناتجة عنها تقود الانسان إلى الوقوع في الخطيئة.

رأى إفاغريوس أنّ هنالك ثمانية أفكار رئيسيّة تعمل فينا وهي: 1- حبّ البطن، 2- الزنى، 3- حبّ المال، 4- الغضب، 5- الحزن، 6- الضجر، 7- المجد الباطل، 8- الكبرياء.

ولأنّ إفاغريوس كان لاهوتيَّا وكاتباً بارعاً بنعمة من الله، جمع في كتابه بعنوان Antirrhetikos لائحة تضمّ 487 تجربة يمكن أن يتعرّض لها الانسان وكلّها نابعة من هذه الأفكار الثمانية الرئيسيّة. ولأنّ المسيح واجه الشيطان عندما جرّبه في البريّة بآيات من الكتاب المقدّس، وضع إفاغريوس آية كتابيّة للردّ على كلّ واحدة من هذه التجارب.

إلّا أنّ تلامذة إفاغريوس الروحيّين وجدوا صعوبة في حفظ 487 آية من الكتاب المقدّس، فوجد إفاغريوس كلمة واحدة يمكن أن تلخّص كلّ هذه الآيات، وهي كلمة إسم “يسوع”. من هنا جاءت “صلاة إسم يسوع” أو “صلاة القلب” التي كان يردّدها الآباء والنسّاك مع كلّ نفس من أنفاسهم، والتي كانوا يواجهون بها التجارب والأفكار: “يا يسوع يا ابن الله الحيّ، إرحمني أنا الخاطئ وخلّصني”.

هذه الأفكار الرئيسيّة الثمانية التي وضعها إفاغريوس، شكّلت التعليم الأساسي للكنيسة لوضع الرذائل السبعة، أو الخطايا المميتة السبعة، وجعلت الكبرياء قاعدة مشتركة لجميعها. إلّا أنّه يجب التشديد من جديد أنّ هذه الرذائل هي في البدء “أفكار كاذبة” من الشرير ويمكن للانسان مواجهتها بقوّة المسيح وباسم يسوع المسيح.

فأين المسبحة الورديّة من كلّ ذلك؟
إنّ المسبحة الورديّة هي صلاة تكراريّة مثل صلاة القلب، وقوّة صلاة “السّلام عليكِ يا مريم” تكمن في أنّها تحمل في وسطها “إسم يسوع” تماماً مثل صلاة إسم يسوع التي نواجه بها الأفكار.

من خلال صلاة المسبحة الورديّة نهدف كي نصير أكثر تشبّهاً بالمسيح الذي عاش ملئ انسانيّتنا. فمع يسوع، نواجه مغريات العالم، وننتصر على شهوات الجسد، ونضع الله إلهاً وحيداً لحياتنا، ونجابه بالحكمة الغضب الذي في داخلنا، ونعيش الفرح الكامل الذي يأتي فقط منه، ونعمل من أجل رسالة الانجيل، وننبذ المجد الباطل معتبرين كلّ شيء نفاية من أجل ملكوت الله، ونعمل أن نصغر نحن لكي يكبر هو فينا.

من هنا، ففي صلاة الورديّة المقدّسة، نردّد مع مريم إسم يسوع ونتأمّل في حياة يسوع لكي يصبح الانجيل حياة كلّ من يصلّيه.

لنصلّ المسبحة الورديّة ولنتسلّح باسم يسوع، وحده القادر أن ينتصر فينا.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “لماذا تُعتبر المسبحة الورديّة سلاحاً قويًّا ضدّ التجارب؟ ”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تنتصر بقوّة إسم يسوع على كلّ تجربة في حياتك.

Avatar photo

الأب جورج بريدي

مرسل لبناني ماروني
دراسات عليا في اللاهوت الروحي في الجامعة الحبرية الغريغورية - روما، إيطاليا