الورشا في ذكرى استقلال لبنان
عظات

المطران الورشا في ذكرى استقلال لبنان: أيّها العمّانوئيل، إنّنا نَكِلُ إليكَ لبنانا الحبيب!

موقع Allah Mahabba – المطران الورشا في ذكرى استقلال لبنان: بحسرة ولوعة كبيرتَين يأتي عيد الاستقلال منكّسًا بمصائب ونكبات شتّى، كُتب على صفحات التاريخ وهو يبعد مسافةً كبيرة عن واقع الحال

عظة سيادة المطران يوحنّا رفيق الورشا السامي الاحترام، الوكيل البطريركي الماروني لدى الكرسي الرسولي، في أحد بشارة العذراء في 21 تشرين الثاني 2021 وعشيّة عيد إستقلال لبنان، في كنيسة مار مارون في روما.

أخي صاحب السيادة، قدس الأبوَين العامَّين، حضرة وكلاء الرهبانيات، آبائي الأفاضل، أخواتي الراهبات، إخوتي وأخواتي الأعزّاء،

بحسرة ولوعة كبيرتَين يأتي عيد الاستقلال منكّسًا بمصائب ونكبات شتّى تجعله وكأنّه من نسج الخيال، كُتب على صفحات التاريخ وهو يبعد مسافةً كبيرة عن واقع الحال. ذلك أنّ ما نلبث أن نتلقّى خبرًا سيّئًا لحدث أو فاجعة أو محنة فنسعى أن نتقبّلها ونواجهها إلّا ويأتي بعدها أصعب منها. وهكذا أصبح لبنان مسرحًا لصفقات ولتنفيذ مخططات مع متآمرين فاسدين، فيما الشعبُ هو مَن يدفع الثمن ويكون الضحيّة البريئة للشرّ والأشرار.

أمّا رجاؤنا الوطيد بالعمّانوئيل “إلهنا معنا” الذي بشّر به الملاك للعذراء مريم، فيبلسم جراحاتنا ويعزّي قلوبنا المجروحة ويمسح الدموع عن أعين شعب عانى ويعاني مرارة يوميّة قاسية لا تزيلها إلّا القوّة الإلهية.

إذا ما تأمّلنا مليًّا في إنجيل البشارة هذا الذي سمعناه اليوم، نرانا أمام بشرى خلاصيّة مُفرحة، كانت لتنشلنا من حالة الخطيئة والموت والضياع وتمنحنا الخلاص. إنّها البشرى السّارة يسوع المسيح المخلّص الآتي إلى العالم، المُنتظَر من أجيال وأجيال عطشى للفرح والسلام، توّاقة إلى الخلاص المسيحاني الذي تنبّأ عنه أشعيا: “ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمّانوئيل”. تلك النبوءة تتمّ اليوم “بنَعَم” مريم المطواعة لمشيئة الله الذي دبّر كلّ شيء لخلاصنا منذ الأزل. الله، الصادق في مواعيده والأمين في محبته، يحاكي امرأة متواضعة من الناصرة، ليُريَ مجده لها وللبشرية، هو الذي اختار ضعفاء العالم ليخزيَ الأقوياء؛ هو الذي حطّ المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين.

إنّ حالة مريم المنتظِرة مع “فقراء يهوه” ذلك السلام المسيحاني، وصلاتها وتأمّلها ومخافتها لله، جعلتها تصغي جيّدًا إلى ما قاله الملاك لها، فلبّت دعوته بكلّ طواعية وجهوزية، ومن دون الدخول في حسابات ضيّقة وضمانات بشرية، مستسلمةً بكلّيتها لعمل الله الخلاصي وعنايته. وهو في كلّ ظهور له، حين يدعو إلى مشروع أو مهمّة معيّنة، في العهدين القديم أم الجديد، يطمئن الإنسان، فردًا كان أم جماعة بالكلمة المعزّية باعثًا الرجاء في القلوب: السلام عليك! لا تخف! لا تخافي! لا تخافوا…

إنّ مريم، بتدخّل إلهي، أصبحت عروسَ المسيح وكنّارة الروح القدس على حدِّ قول القدّيس افرام السرياني: “البتولُ تحمل خالقها فما بالُكم يا شعوبَ الأرض خائفين؟ ها بشرى أنا هو الذي هو، لا “تخف” تشمل كلّ مؤمنة أو مؤمن مضطرب ضيّع سلامه الداخلي ومن حوله علّه يجعل في الربّ خلاصه ومرتجاه.

إنّ عمل الله الخلاصي، فعل التجسّد، لهو فعل حبّ مطلق وانحناء متواضع، تُرجم تضامنًا مع البشرية المتألّمة. العمّانوئيل يحمل بمجيئه، ليس فقط خطيئتنا وكبرياءنا، بل ايضًا عاهاتنا وأمراضنا وأوجاعنا؛ فعل حبّ مطلق متجسّد بأعمال تضامن قام بها الربّ يسوع مع الفقراء والمرضى والمحتاجين “والصغار” على حدّ تعبير الإنجيلي متى في الفصل الخامس والعشرين.

إخوتي وأخواتي الأعزّاء،
لقد افتقد الله شعبه في ملء الزمن بابنه الحبيب فسكن بيننا، وشمل كلّ البشرية لتنال الخلاص، ونحن نرجوه تعالى ونصرخ إليه في هذه الذكرى لأن يفتقد شعب لبنان ويرحمه، وهو الرازح تحت الصليب، المتألّم، المضطرب، القَلق على مصيره، المنتهكة كرامته، المهضومة حقوقه،  والذي ليس له أفق في المستقبل؛ يعيش في البطالة، لا يتوافر لديه الحدّ الأدنى من العيش الكريم. نصلّي لكي يفتقد الربّ جميع المسؤولين في أيّ قطاع كانوا لكي يعملوا من أجل الخير العام، لأنّ الخير العامّ ليس مشروعًا محصورًا ببعض المسؤولين، بل هو مسؤولية كلّ مَن لديه السلطة في أي قطاع كان: استشفائيًّا، ماليًّا، اقتصاديًّا، تجاريًّا… هو مسؤولية كلّ مواطن علّه في ذكرى الاستقلال هذه يُعيد النظر في مدى تعلّقه بالوطن وانتمائه له والعمل على بنيانه دون مساومة أو ذوبان على حساب القيم الموضوعية العالية. ما أحوجنا لأنّ نفتح قلوبنا وأذهاننا وضمائرنا لعمل الله راجين منه أن يفتقدنا وينتشلنا من مستنقع اللاعدالة والحقيقة الضائعة، والحقوق المغتصبة…

كم نحن بحاجة نحن المشاركين هنا في الذبيحة الإلهية، كلٌّ من موقعه، إلى تلك الروحانية المريمية القائمة على الإصغاء لهمسات الروح القدس والطاعة لإلهاماته؛ هي روحانية العمل بإرادة الله في زمن ومكان معيّنين من التاريخ.

واليوم في تاريخنا الحاضر، نحن مدعوّون إلى الدخول في روحية زمن الميلاد والتجسّد من خلال التضامن، والوقوف على مثال العمّانوئيل “إلهنا معنا” إلى جانب كلّ متألّم أيًّا كان نوع ألمه.

لقد أطلقنا منذ اسبوعَين دعوة للجميع لكي نتحسّس هذه المسؤولية. أشار القديس البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته “السلام الاجتماعي” سنة 1987 إلى أن السلام هو ثمرة التضامن”.

من هنا نجدّد دعوتنا إليكم جميعًا لعيش هذا التضامن، فنعي خطورة ما يحدث من حولنا؛ ولنقم بمبادرات حسّية تكون بمثابة وضع مدماك في بناء الاستقلال والسلام.

فمن الناحية العمليّة، ستُجمع كلّ صواني أيام الآحاد لجمع التبرّعات ومدّ يد المساعدة للمحتاجين والفقراء بفلس الأرملة. وسنُطلق مشروعًا محدّدًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عسى أن يلقى تجاوبًا فعّالًا من أصحاب الأيادي البيضاء، وبهذه الطريقة نكون قد أسهمنا في سدّ حاجة معيّنة وسط العديد من الحاجات وعلى مستويات مختلفة.
أيّها العمّانوئيل، إنّنا نَكِلُ إليكَ لبنانا الحبيب! افتقده برحمتك! إزرع فيه سلامك.
وأنت يا عذراء، يا سيّدة لبنان، أعطفي نظرك على الشعب اليائس والمحبط، وتشفّعي لدى ابنك يسوع أمير السلام أن يقود سفينة الوطن إلى ميناء السلام والاسقلال والأمان، آمين.

المطران الورشا في ذكرى استقلال لبنان – كلمة مُقتضبة باللّغة الإيطاليّة:

Carissimi fratelli e sorelle, abbiamo lanciato due settimane fa un appello a tutti noi di vivere quest’anno la festa di Natale in un spirito di solidarietà con i bisognosi, poveri, affamati…. E oggi è un momento opportuno, nella memoria della festa dell’indipendenza di riflettere profondamente a questa dimensione vista la situazione drammatica in Libano e il suo popolo sofferente a diversi livelli.

Praticamente, cerchiamo di raccogliere ogni domenica una somma fino alla festa di Natale, compiendo cosí ciò che il Santo Papa Giovanni Paolo II ha espresso nella Sua lettera “la sollecitudine sociale” nel 1987, che la pace è frutto della solidarietà. Di più, vi sarà comunicata prossimamente, tramite i mezzi di comunicazione, un progetto sociale per il quale lavoriamo tutti quanti, e così viviamo la spiritualità autentica di Natale meditando la solidarietà di Dio con l’umanità, Amen.

تسجّل على قناتنا على يوتيوب

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة عظة “المطران الورشا في ذكرى استقلال لبنان: بحسرة ولوعة كبيرتَين يأتي عيد الاستقلال منكّسًا بمصائب ونكبات شتّى، كُتب على صفحات التاريخ وهو يبعد مسافةً كبيرة عن واقع الحال”. ندعوك لمشاركتها مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطي لبنان نعمة السّلام لأرضه وشعبه.