مقالات

إِعملوا!

إعملوا

موقع Allah Mahabba  – إِعملوا!

الأسبوع الثالث من زمن المجيء بحسب الطقس اللاتيني

إِذا خُيِّرَ الإِنسانُ بَينَ العَمَلِ وَالرَّاحَة، لَفَضَّلَ الرَّاحَةَ على العَمَلِ، مُعتَبِرًا أَنَّ العَمَلَ يُجهِدُ الجَسَدَ وَالفِكرَ وَيُتعِبهُما، وَلَكِن إِذا كانَت الرَّاحَةُ تَعني التَّوَقُّفَ عَن العَمَلِ، تَغدو عِندَئِذٍ جُمودًا لا بَل كَسَلًا، وَفي كِلا الحالَتَينِ وَجهٌ للمـَوتِ وَآخَرٌ للرَّذيلَة. كَيفَ لَنا أَن نَعمَلَ بِراحَةٍ وَبِهِمَّةٍ لا تَفتُر، وَكَيفَ لَنا أَن تَكونَ راحَتُنا عَمَلًا مُجدِيًا ذاتُ مَنفَعَةٍ وَخَير؟! لا بُدَّ لَنا مِنَ الإِتِّزانِ وَالإِعتِدال قَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخَر، وَعَلينا دائِمًا إِختِيارُ الخَير، لِأَنَّ كُلَّ مَوقِفٍ نَتَّخِذُهُ في حَياتِنا هُوَ عَمَلٌ وَإِن لَم يَتَّسِم بِالحَرَكة وَالإِنتاج.
لَيسَ بِمَقدورِنا القِيامَ بِعَمَلٍ ما بِفَرَحٍ وَهِمَّةٍ مِن دونِ الرَّغبَةِ بِهِ، نَحنُ بِحاجَةٍ إِلى دافِعٍ وَمُحَفِّزٍ لِكَي نَنطَلِقَ، لِأَنَّ قَلبَنا يَطلُبُ المـَعنى قَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخَر، وَبِالتَّالي نَحنُ نَنشَدُّ لِعَمَلِ ما تَرتاحُ لَهُ نُفوسُنا، وَما نُحِبُّه فَنُفَضِّلُهُ على سِواه. يَتَكَوَّنُ هذا المـَيلُ مِنَ البَحثِ وَالإِكتِشافِ وَالدَّهشَة، وَما نَجِدُهُ بِالعَمَلِ الَّذي نَقومُ بِهِ أَنَّهُ يُحَقِّقُ جِزءًا مِن ذاتِنا. لَيسَ العَمَلُ لَعنَةً كَما فُسِّرَ في الكِتابِ المـُقَدَّس بِشَكلٍ مُنحَرِفٍ وَخاطِئٍ، لا بَل يَكمُنُ في صَميمِ دَعوَةِ الإِنسان المـَخلوقِ على صورَةِ اللهِ كَمِثالِهِ؛ لَقَد دَعاهُ لِيَكونَ الحاِرس وَالحارِث في جَنَّةِ عَدَن، وَهُما وَجهانِ للسَّهَرِ المـُصَلّي وَلِلعَمَلِ في جَنَّةِ القَلب. العَمَلُ نِعمَةٌ لِأَنَّهُ الوَسيلَةُ الَّتي مِن خِلالِها يَكتَشِفُ الإِنسانُ ما أُعطِيَ مِن مَواهِبَ، وَبِتَفعيلِها يَكتَشِفُ صورَةَ اللهِ فيهِ، وَيَشتَرِكُ في استِكمالِ الخَلق. أَمَّا الدُّخولُ في راحَةِ الله، يَكمُنُ في تَتميمِ العَمَل بِمَشيئَتِهِ القُدُوسَة وَالصَّالِحَة.
نَسمَعُ يوحَنَّا السَّابِقُ بِصَوتِه الزَّائِر، يَدعونا وَيَحُثُّنا لِأَن نَعمَلَ أَينَما كُنَّا. العَمَلُ المـَدعُوّون لِلقِيامِ بِهِ، لا تَستَطيعُ البَطالَةُ المـَعيشيَّةُ أَبَدًا أَن توقِفَهُ أَو تُلغيهِ لِأَنَّ طَبيعَتَهُ تَعني العَلاقَةَ مَعَ الله، وَذَلِكَ مِن مُنطَلَقِ التَّوبَة، وَالبُنُوَّة وَالإِنتِماءِ لله. نَحنُ مَدعُوّونَ لِنَعمَلَ كُلّ ما نَجِدُهُ صالِحًا وَخَيرًا إِنطِلاقًا من إِصغائِنا لِكَلِمَةِ الله، وَفقًا لِلمُمكِنِ الَّذي نَستَطيعُهُ في الواقِع الَّذي نَعيشُهُ. لا بُدَّ لَنا مِن طَلَبِ نِعمَةِ التَّمييزِ بُغيَةَ عَمَل مَشيئَةِ اللهِ في حَياتِنا.
جَميلٌ العَمَلُ الَّذي نَحنُ مَدعُوّونَ لِلقِيامِ بِهِ، لِأَنَّنا نَختَبِرُ فيهِ يَدَ اللهِ وَعِنايَتِهِ الأَبَوِيَّة، لِذَلِكَ يَتَرافَقُ عَمَلُنا بِسَهَرِنا وَاستِعدادِنا، لِأَنَّهُما يُشَكِّلانِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس الرُّؤيَةَ وَالرَّغبَة لِصُنعِ الخَير الَّذي مَصدَرُهُ الله. أَن نَعمَلَ الخَيرَ دائِمًا وَأَن نَلتَزِمَهُ عَن طَريقِ عَيشِنا في التَّوبَةِ الفَرِحَة، لا يَعني أَبَدًا أَنَّنا لا نُقاوَمُ وَلا نُحارَبُ بِقِوى الشَّرّ، وَلَكِن لِأَنَّهُ هُناكَ شَرٌّ في العالَم، عَلَينا أَن نَلتَزِمَ الخَيرَ الَّذي يُؤَدِّي إِلى تَحقيقِ مَلَكوتِ اللهِ وَتَمجيدِه.
يَبدَأُ عَمَلُنا في صَميمِ قُلوبِنا، حَيثُ المـَعرَكَةُ تَقومُ عَلى تَسليمِ إِرادَتِنا بِتَواضُعٍ وَثِقَةٍ وَحُبٍّ لِمَن أَحَبَّنا أَوَّلًا. هوَ الَّذي يُعَلِّمُنا العَدلَ وَالمـُساواة، فَنَستَطيعَ أَن نَبدَأَ بِمَحَبَّةِ القَريبِ مِثلَ مَحَبَّتِنا لِأَنفُسِنا. يَستَمِرُّ عَمَلُنا يَومِيًّا وَيَجِدُ راحَتَهُ في غَمرَةِ الصَّلاة، حَيثُ نَدَعُ الرُّوحَ القُدُسَ يَعمَلُ فينا عَمَلَ النِّعمَة، فيما نَحنُ نَرتاحُ في حَضرَةِ الله.
رُبَّما نَسأَل كَيف لَنا بِالنَّصرِ وَالفَوزِ في عَمَلِ الخَيرِ عَلى طولِ أَيَّامِنا وَحَياتِنا؟! لَيسَ عَلَينا أَن نُفَكِّرَ في كَيفِيَّةِ صُمودِنا لِيَومِ غَد، عَلَينا فَقَط أَن نَتَمَسَّكَ بِقُوَّةِ النِّعمة في اللَّحظَةِ الحاضِرَة، وَأَن نَعيشَها بِمِلئها مَعَ الله. عَمَلُنا نُحَقِّقُهُ الآنَ، وَراحَتُنا نَجِدُها الآن عِندَما نُبادِلُ الرَّبَّ الحُبَّ بِالحُبّ.
“إِعمَلوا للرَّبِّ بِهِمَّةٍ لا تَفتُر وَروحٍ مُتَّقِد” (رو 12: 11). عِندَما نَعمَلُ لله، نَنمو في المـَحَبَّة، وَتَنمو مَحَبَّةُ اللهِ فينا، فَيُمَجَّدُ اللهُ بِأَعمالِنا الصَّالِحَة، وَبِها نَفرَحُ لِأَنَّها أَعطَت ثَمَرًا طَيِّبًا ووافِرًا.

تسجّل على قناتنا على يوتيوب

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة المقالة الرّوحيّة “إِعملوا!”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!