مقالات

أنت قائم!

أمام مشهد الصلب والقبر والقيامة، تقف متأملاً وتتساءل عن حقيقة الموت لتفهم معنى الحياة! لماذا أراد يسوع أن يموت ويقوم؟ وهل هذه كانت مشيئة الآب منذ الدهور؟ هل مات يسوع ليأخذ دوراً بطولياً في مشهد مسرحيّ أعدّه الآب وأرسل ابنه الوحيد ليلعبه؟

منذ البدء، لم يصدّق الإنسان أنه خُلق بفعل حب من الله الآب! وأنك خُلقت لتُحِبّ وتُحبَّ. فالموت بقي الهاجس، ماذا بعده؟ تجسّد الإله وأخذ طبيعتنا، مات وقام يسوع من الموت ليعطيك المعنى الحقيقي للحياة، وليرفعك إلى عالمه اللاهوتيّ، فترتوي من خمرة هذا الحب الالهي وتتحول حياتك الى أنشودة حبّ! الحبّ كان ملخّص الشريعة منذ البدء والى الأبد، محبة الله ومحبة القريب: فعل حبّ واحد لصورة الله المتجسدة. فإنك إن أحببت فأنت قياميٌّ بالرّب، لا تعرف الموت بعد اليوم!

إن تتويج مسيرة اللقاء بيسوع الحيّ تتجدد في أورشليم، أي في المكان الذي يذكّرك بالموت والآلام والقيامة. ألعلّ يسوع بوصيّته لك وحبّه، أراد أن يعلّمك أنّه إن أردت أن تُحبّ فعليك أن تموت؟ إنه موتك، بوحدتك، بمالك، بخيانتك، بفقرك، باستهزائك! ولكنه حطّم الموت بقدرته الالهيّة وأقامك من سقطاتك، لقد هدم هاجس الخوف من الموت القابع في نفسك! هل أنت وحيد أمام الموت؟ أمام الفشل والخطيئة؟ الموت الحقيقي يبدأ عندما تنساه، حقيقة وجودك أنّك تهرب من هذا الموت وهو يتبعك. وتعتقد بأن الحياة ستتوقف إلاّ أنها تستمر بدونك! هل أنت فريسة لهذا الموت؟ يسوع المسيح المعلّق على الصليب هو رمز الموت الذي تخافه وتهرب منه!

 الخبر المفرح أو ال kerygma   هو أن يسوع قام!!! لقد قام منتصراً على الموت، هو من حمل كل الأوجاع والآلام وتحدّى ليوصلك معه الى فجر القيامة. يسوع هو صورة طبيعتنا البشريّة الضعيفة والهاربة من الموت والرافضة للغة الحب. لم يبق يسوع تحت التراب بل أقامه الله وجعله ربّاً وخالقاً! يسوع اليوم أقوى من الموت. وأنت من تحمل يسوع، هل تنتصر به على الموت؟ الخبر السار أن يسوع عندما قام جعل منّك خليقة جديدة! لقد أعطاك يسوع الجواب الشافي بكسره شوكة الموت!  أمام خبر القيامة أنت مدعوّ لأن تفرح لأن الحياة الجديدة بدأت به وفيه. فإما أن تؤمن وتتابع مسيرة اللقاء به، وإما أن ترزح تحت جحيم الموت قابعاً في الحياة القديمة!

 أن تعيش اليوم وأنت قائم، تسير على المياه لأنك تنظر اليه وينظر اليك! هو الحيّ ومعطي الحياة وبدونه لا غلبة ولا انتصار!

المسيحي هو من عرف هذه الحقيقة، ومن تذكّر دوماً أنّه قائم على مثال معلّمه! أنت من تُعلن القيامة أمام رهبة الموت، أنت من تشهد أنّ الذي أقام يسوع من بين الأموات سيقيمك بمجده!

شهادتك اليوميّة أن تعلن القيامة! حين تقوى بحبّ الرّب لك، تقوم بعد كل سقطة لأنك محبوب! إن ثمرة القيامة هي تجددك بفعل الروح القدس، فلا يمكنك أن تأخذ هذا الروح إن لم تكن شاهداً للقيامة. فبيسوع تتحوّل من إنسان خائف الى إنسان مُبشّر واقف مع مريم تحت أقدام الصليب! حياتك المسيحيّة هي أن تسير لتلتقي بيسوع الحيّ من البشارة الى القيامة!

بقيامة يسوع المسيح أعلن الله الآب براءتك، وغفر لك برحمته، لتحيا ملئ الحياة من جديد. لم يأت يسوع ليأخذ دوراً بطولياً في مسرحية الموت والقيامة، بل ليقول لك: إنّي أحبك دون مقابل! لقد أقامك الله من موتك ليبرّرك وليفتح لك باب رحمة جديد، بواسطة يسوع المسيح وجه الرحمة المتجسّدة. قام يسوع من الموت لينتصر لي أنا شخصياً ولك شخصياً، وليجعلك أمام مشاهد حياتك: إنسان قائم!