مقالات

يَسوعُ نورًا لِلأُمَم وَآيَةٌ مُعَرَّضَةٌ للرّفضِ!

لِماذا فَرِحَ سِمعانُ الشَّيخ عِندَ مُشاهَدَتِهِ للطّفل يَسوع؟ لِماذا أَعلَنَ أَنَّ يَسوع هوَ نورُ الأُمَم، فَما مَعنى هذا؟ لِماذا تَنَبَّأَ أَيضًا بِقَولِهِ أَنَّ يَسوع سَيَكونُ آيَةً مُعَرَّضَةً للرَّفض؟ نَرى في هذا الحَدَثِ إِزدِواجِيَّةً تَحتَوي على الفَرَحِ وَعلى الحُزن في الوَقتِ نَفسِه. إذا وَضَعنا أَنفُسَنا مَكان مَريَم وَيوسُف بِالطَّبعِ كُنَّا سَنَضطَرِب لِأَنَّنا نَسمَع مِن جَديد أَنَّ طُفلَنا مُعَرَّضٌ للقَتلِ وَللرَّفضِ وَهوَ ما زالَ حَديثَ السِنّ.

لَقَد كانَ هَيكَلُ أُورَشَليمَ هوَ المَركَز المِحوَريّ لِكُلِّ يَهوديّ، وَكانَ اعتِقادُهُم أَنَّهُ سَيَكونُ قُبلَةَ أَنظارِ كُلِّ الشّعوبِ الوثنيَّة، وَلَكِنْ إِذا عُدنا إِلى كِتابِ تَثنِيَةِ الإِشتِراع نَجِدُ أَنَّ مَشيئَةَ اللهِ أَن يَكونَ شَعبَهُ نورًا لِلأُمَمِ، وَلَيسَت حِجارَةُ الهَيكَل، وَفي كِتابِ النّبيّ أشعيا نَجِدُ النُّبُؤَةَ الَّتي تَتَكَلَّمُ عَنْ أَنَّ المـَسيح بِشَخصِهِ سَيَكونُ نورًا لِلأُمَم. إِنطِلاقًا مِن هُنا نَفهَم مَعنى فَرَح سِمعان الشَّيخ وَنَفْهَم مَعنى أَنَّهُ كانَ مَدفوعًا بِالرُّوحِ القُدُس إِذْ رَأى بِعَينِ الإِيمان في الطّفل يَسوع أَنَّهُ هوَ مُخَلِّصَ جَميعِ الأُمَم، وَعَرَفَ كَيفَ يُصَلِّي وَيَتَأَمَّل في الكِتابِ المـُقَدَّس.

يَرمُزُ النُّور في قاموس الكِتابِ المـُقَدَّس إِلى جَوهَرِ الله، وَيَعني حِكمَتَهُ وَمَعرِفَتَهُ وَنَقاوَتَهُ. هذا هوَ سَبَبُ فَرَحِ سِمعان الشَّيخ وَمِنْهُ نَتَعَلَّم كَيفَ نُمَيِّز عَمَل الرُّوحِ القُدُس في حَياتِنا. في وَقتٍ لَمْ يَرَ أَحَدٌ في الطِّفلِ يَسوع أَنَّهُ المـُخَلِّص وَنورُ العالَم، تَنَبَّأَ سِمعانُ الشَّيخ راجِيًا. هَذِهِ دَعوَةٌ لَنا لِئَلَّا تَقِفَ نَظراتَنا لِبَعضِنا البَعض وَلِلحَياةِ عِندَ الأُمورِ الخارِجيَّة، وَبِخاصَّةٍ أَمامَ سِرّ الإِفخارستيَّا، لا بَل عَلَينا أَن نَمضي إِلى العُمقِ مُنصِتينَ إِلى الرُّوحِ القُدُس. مَنْ يَرى النُّور يَفرَح لِأَنَّهُ يَشعُر بِالسَّلام، لِذَلِكَ نَشيدُ سِمعان الشَّيخ هوَ تَعبيرٌ حَقيقيّ عَنْ اختِبارِهِ لِحُضورِ المـَسيح، وَهوَ أَداةٌ تُساعِدُنا لِنُمَيِّزَ حُضورَهُ في حَياتِنا الشَّخصِيَّة.

يَسوعُ آيَةٌ مُعَرَّضَةٌ للرَّفض: في الإِنجيل نَسمَع يَسوع يُكَرِّرُ كَثيرًا قَولَ النّبيّ أشَعيا: “لَهُم عُيون وَلا يُبصِرون، وَآذانٌ وَلا يَسْمَعون”، وَهذا ما يَجعَلُنا نَفهَم الرَّفض الَّذي قُبِلَ بِهِ، وَأَيضًا نَفهَم أَنَّنا لا نَستَطيعُ أَن نَعرِفَهُ مِنْ دونِ الرُّوحِ القُدُس، كما حَدَثَ مَع سِمعان الشَّيخ وَحَنَّة النَّبِيَّة، لِذَلِكَ عِندَما لا نَرى حُضورَ المـَسيحِ في حَياتِنا وَلا نَعرِف أَنْ نُمَيِّزَهُ، عَلَيْنا سَريعًا أَن نَطلُبَ بِإِصرارٍ وَإِلحاحٍ الرُوح القُدُس لِئَلَّا نَبقى عُميانًا.

يُصَوِّرُ لَنا روحُ العالَم أَنَّ يَسوع هوَ عَدُوَّنا اللَّدود، وَبِخاصَّةٍ في عالَمِنا المـُعاصِر، لِأَنَّنا عِندَما نَسمَعُ الإِنجيلَ المـُقَدَّس نَجِد أَنَّهُ يَدعونا لِئَلَّا نَكونَ مَسجونينَ في أَهوائِنا وَرَذائِلِنا وَخَطايانا وَبِخاصَّةٍ في كِبرِيائِنا وَأَنانِيَّتَنا، بَينَما نَحنُ نَستَسهِلُ الإِصغاءَ إِلى أَهوائِنا أَكثَر مِنَ الإِصغاءِ للرُّوحِ القُدُس، فَنُفَضِّل الأَسهَل عَلى الأَصعَب، وَهذا ما يَمْنَعُنا دائِمًا عَن النُّمُوّ، وَبِالتَّالي نَرفُضُ المـَسيحَ في حَياتِنا. عِندَما نَعرِفُ نِعمَةَ نورِ الرُّوحِ القُدُس في حَياتِنا، نَرى في يَسوع أَنَّهُ مُحَرِّرَنا مِنْ قُيودِ المادَّة وَالخَطيئَة، وَنَرى أَنَّ كَلِمَتَهُ تَكِشف طَبيعَةَ وَمَصدَرَ أَفكارَنا، وَأَيضًا نَعرِفُ ما مَعنى أَنَّهُ مُخَلِّصَنا الوَحيد، لِذَلِكَ نَحنُ مَدعُوّونَ لِنَطْلُب نِعمَةَ الرُّوحِ القُدُس، حَتَّى نولَد مِنْ جَديد.

ما زالَ يَسوع يُقَدَّمُ عَلى المـَذبَحِ في الكنيسَةِ قُربانًا لِلآبِ، وَما زالَ هُناكَ أَصواتٌ وَشُهودٌ مُؤمِنينَ يُذَكِّرونَنا بِقَداسَتِهِم أَنَّهُ هُوَ نورُ الأَمَمِ، يَبقى عَلَينا أَن نَطلُبَ بِقوَّةٍ الرُّوحَ القُدُسَ لِكَي نُعايِنَهُ وَنَراهُ حَيًّا فينا فتَكونَ عَلامَةَ مَعرِفَتَنا لَهُ ما تَنعَمُ بِهِ قُلوبَنا مِنْ فَرَحٍ وَسَلامٍ.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!