مقالات

الأَحداثُ تَطبَعُنا وَلَكِنَّ الحَياةَ تَستَمِرّ!

غالِبًا ما تُعيدُنا ذاكِرَتُنا إِلى ماضينا، لِتَقولَ لَنا أَمرَين: أَنَّهُ جِزءٌ أَساسيّ مِنْ تاريخِنا، وَأَنَّهُ ما زالَ حاضِرًا وَفاعِلًا بِطَريقَةٍ مُختَلِفَةٍ عَمَّا نَتَصَوَّر، وهذا الأَمر عَن طريقِ الإِيمان يَأخُذُنا إِلى حَضرَةِ اللهِ الَّذي يَعرِفُنا تَمامًا، هوَ فاحِصُ القُلوبِ وَالكِلى. نَعَم سَنَةٌ مَضَت عَلى حَياةٍ كُلٍّ مِنَّا، وَنَحنُ عَلى عَتَبَةِ سَنَةٍ جَديدَة، حَيثُ أَنَّنا مَدعُوُّون لِنُعيدَ قِراءَة ما مَرَّ عَلَينا مِن أَحداثٍ، لِكَي نَنظُرَ إِلى المـُستَقبَلِ بِنَظرَةٍ مَليئَة بِالرَّجاءِ.

يَسرُدُ لَنا الإِنجيليَّ لوقا أَحداثَ الرَّبّ يَسوع عَلى وَقعِ زَمَنَين: كرونولوجيّ وكِروس. أَوَّلَهُما الزَّمَنُ في التَّاريخ وَالثَّاني زَمَنُ الله. وِعنَدما نَتَأَمَّل بِمَجيءِ الرُّعاةِ لِمُشاهَدَةِ يَسوع الطّفل المـَولود، وَذَهابِهِم، نَجِدُهُ يَنقُلُنا مُباشَرَةً إِلى حَدَثِ خِتانَة الرَّبّ يَسوع بَعدَ ثَمانِيَةِ أَيَّام. هَكذا نَرى كَيفَ جَرَتْ أَحداثُ حَياةِ الرَّبّ يَسوع، وَنَرى أَيضًا كَيفَ أَنَّ الطُّقوسَ اللّيتورجيَّة تُدخِلُنا باستِمرارٍ في زَمَنِ اللهِ، حَيثُ نَرى يَسوعَ يُختَن وَلِهذا رَمزٌ ذاتُ ثَلاثَة أَبعادٍ: أَوَّلًا انتِماءَهُ إِلى شَعب الله، تَحتَ علامَة الخِتانَة. خُصوبَةُ حَياةِ الرَّبّ يَسوع تَأتي مِنَ اللهِ الآبِ، وَثالِثًا جِرحُ الخِتانَة يَدُلُّ بِصورَةٍ نَبَوِيَّةٍ عَلى الآلام الَّتي سَيُعانيها كَعلامَةِ تَعاضُدٍ مَعَ كُلِّ البَشَرِيَّة المـُتَأَلِّمَة وَالَّتي سَتُصبِحُ خَلاصِيَّة.

مَجيءُ الرُّعاةَ وَلِقائِهِم الطِّفلَ المـَولود الرَّبَّ يَسوع، طَبَعَ حَياتَهُم بِعَلامَةِ الفَرَح، وَطَبَعَ قَلبَ مَريَم لِتَكونَ فيما بَعد أَرشيفَ إِنجيل القِدّيس لوقا. خِتانَةُ الرَّبَّ يَسوع في اليَومِ الثَّامِن طَبَعَت جَسَدَهُ بِجِرحٍ، وَلِكَونِهِ إبنُ اللهِ في الجَوهَر، فَهوَ مُنذُ بِدايَةِ تَجَسُّدِهِ شارَكَنا بِحَياتِنا، لِذَلِكَ نَستَطيعُ أَن نَقرَأَ حَياتَنا وَماضينا إِنطِلاقًا مِنْ حَياةِ الرَّبَّ يَسوع في التَّاريخ.

إِنطِلاقًا مِنْ هُنا مِنَ المـُهِمّ جِدًّا إِعادَة قِراءَة إِختِباراتِنا ضِمنَ الصَّلاة لِكَي نَنموَ بِالنِّعمَة، وَلِكَيْ نُصَحِّحَ نَظرَتَنا إِلى أَنفُسِنا وَإِلى الحَياةِ، وَقَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخَر، نُصَحِّحَ عَلاقَتَنا بِالله. تُعَلِّمُنا أُمُّنا مَريَمُ العَذراء هيَ الَّتي كَانت تَحفَظُ كُلَّ شَيءٍ في قَلبِها وَتَتَأَمَّلَهُ، كَيفَ نَجعَل مِنْ ماضينًا حاضِرًا، وَكَيفَ نَجعَل مِنْ خِبرَتِنا ذِخرًا وَإِرثًا روحِيًّا يُنَمّي فينا الفَضائِل. مَعَ خِتانَةِ الرَّبَّ يَسوع، نَتَعَلَّم كَيفَ نُدخِل جِراحَنا وَسَقَطاتِنا وَكُلّ الأَحداثِ المُؤلِمَة الَّتي جَرَت في ماضينا مِنْ خِلالِ مُشارَكَتَنا في القُدّاسِ الإِلَهيّ في زَمَنِ اللهِ، حَيثُ يُعطى لَنا المَعنى الإِيمانيّ وَالتَّعزِيَة الرُّوحيَّة.

يَقولُ القِدّيس بولُس: “إِنَّ الزَّمَنَ يَتَقاصَر”، أَيْ أَنَّهُ دائِمًا عَلى عَجَلَةٍ مِنْ أَمرِهِ. الطُّوبى لِمَنْ يُقَدِّس أَيَّامَهُ، فَيُقَدِّسَ حَياتَهُ كُلُّها، لِذَلِكَ عَلَينا أَلَّا نُؤَجِّلَ تَوبَتَنا للغِد، بَلْ عَلَينا أَن نُسرِعَ إِلى الرَّبِ مِثلَ الرُّعاة، وَأَن نَحفَظَ حُضورَهُ فينا مِثلَ مَريَم العذراء، وَأَن نَنَظُرَ إِلى جِراحَنا إِنطِلاقًا مِنْ جِرحِ خِتانَتِهِ وَجِرحِ صَليبِه الظَّافِر.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!