مقالات

مَجوسُ المـَشرِق أَعلَنوا أَنَّ الطّفل يَسوع هوَ المَلِك!

طُبِعَ ميلادُ الرَّبّ يَسوع بِعَلاماتٍ خارِجِيَّةٍ مُمَيَّزَة، دَلَّت عَلى أَنَّهُ أَكثَر مِن نَبِيٍّ وَمَسيحٍ يَنتَظِرَهُ شَعبُ الله وَفقًا للنُّبُؤاتِ وَللكُتُبِ المـُقَدَّسَة، إِنَّما هوَ الله الَّذي دَخَلَ عالَمَنا وَتاريخنا، وَذَلِكَ لِأَنَّ المـَلِكَ الحَقيقيّ عَلى إِسرائيل هوَ اللهَ وَحدَهُ. هذا ما أَعلَنَهُ تاريخُ شعب الله، وَأَكَّدَ عَلَيْهِ مَجيءُ المـَجوسِ مِنَ المـشرِقِ إِلى أُورَشَليمَ وَمِنْ ثُمَّ إِلى بَيتَ لَحم، وَهُمْ يَتبَعونَ النَّجمَ المـُشرِق كَعَلامَةٍ حِسيّة تُؤَكِّد وُتُنبِئُ أَنَّ “الكَلِمَةَ صارَ جَسَدًا وَسَكَنَ بَينَنا”.

في حَدَثِ الميلاد كانَت مَشيئَةُ الآبِ أَن نَعرِفَ تَجَسُّدَ إِبنَهُ الوَحيد الرَّبَّ يَسوع وَدُخولَهُ في التَّاريخ. لَقَد جَمَعَ في حينِها كُلّ وَسائِل وَسُبُل المـَعرِفَة لِيَكشِفَ لَنا عَنْ مَحَبَّتِهِ الفائِقَة إِذْ صارَ الَّذي لا يُرى مَلموسًا يُرى في وَجهِ طُفلٍ صَغيرٍ إِسمُهُ يَسوع؛ إِنسانٌ كامِل حَقّ وَإِلَهٌ كامِلٌ حَقّ. جَعَلَ الآبُ السَّماويّ بِواسِطَةِ حِكمَتِهِ مِنْ عِلمِ الفَلَكِ وَسيلَةً صالِحَةً تَقودُ المـَجوس إِلى مَعرِفَة تَجَسُّد الكَلِمَة لِيَسجُدوا لَهُ، وَهوَ ما زالَ طِفلًا رَضيعًا مُضجَعًا في المِذْوَد. جَعَلَ مِنْ الأَحبارِ وَالكَهَنَة وَالكَتَبَة يُفَسِّرونَ نُبُؤاتِ الكِتابِ المـُقَدَّس لِهيرودوس وَحاشِيَتَهُ أَمامَ المـَجوس، كَعَلامَةٍ على أَنَّ المـَسيحَ سَيولَدُ في بَيتَ لَحمِ اليَهوديَّة. جَعَلَ مِن مَلائِكَتِهِ يُنشِدونَ للرُّعاةِ نَشيدَ المـَجد، لِئَلَّا يَبقوا خارِجَ مَعرِفَةِ حُضورِ الرَّبّ المـُخَلِّص الَّذي دَخَلَ حَياتَهُم وَتاريخَهُم. لَقَدْ ظَهَرَتْ أُلوهِيَّةِ الرَّبَّ يَسوع في طَبيعَتِنا البَشَرِيَّة، تَأكيدًا عَلى أَنَّهُ غَمَرَ وَخَصَّ هَذِهِ الإِنسانيَّة الضّعيفَة بِثَوبِهِ النُّورانيّ لِتَعرِفَ مَجدَهُ فَتَخْلُص.

صَحيحٌ أَنَّ النَّجمَ السَّاطِع دَلَّ عَلى هُوِيَّةِ المَـلِك الحَقيقيّ، وَأَنَّ المـَلائِكَةَ دَلّوا الرُّعاةَ بِنَشيدِهِم وَمَشورَتِهِم عَلى وِلادَةِ المـُخَلِّص، وَالكُتُبُ المـُقَدَّسَةُ أَعطَت رَجاءَ الخَلاصِ لِكُلّ مَنْ كانَ يَنتَظِرُ مَجيءَ المـَسيح، وَلَكِنْ يَبقى الإِيمانُ وَحدَهُ كَنِعمَةٍ هوَ الَّذي أَكَّدَ عَلى أَنَّ كُلَّ هَذِهِ العَلاماتِ تَجِدُ اكتِمالَها وَمَعناها الحَقيقيّ في إِنسانِيَّة يَسوع، الكَلِمَة المـُتَجَسِّد. لَقَد رَأى المـَجوسُ في وَجهِ الطُفل يَسوع حُضورَ الله الحَيّ وَالحَقَّ وَالقُدُّوس. تَأكيدًا عَلى إِيمانِهِم أَنَّهُ هوَ اللهُ الَّذي صارَ إِنسانًا، فَخَرُّوا أَمامَهُ ساجِدين. لَقَد سَجَدوا لِطُفلٍ فَقيرٍ لا جُنودٌ وَلا حَرَسٌ يَحرُسونَ غُرفَتَهُ وَسَريرَهُ، إِنَّما مَوضوعٌ في مِذوَدِ البَهائِم، مُحاطٌ في تِلكَ المَغارَةِ المـُنعَزِلَة بِحَنانِ أُمِّهِ مَريَم وَأَمانِ أَبيهِ يوسُف. لَقَد قَدَّموا لَهُ ذَهَبًا وَبَخُّورًا وَمُرًّا، دَلالَةً عَلى هُوِيَّتِهِ وَرِسالَتِهِ وَعَمَلِهِ الخَلاصيّ: المَلِك وَالكاهِن وَالنَّبيّ.

مَعَ هذا الظُّهور الإِلَهيّ “الإِبّيفانيّا” نَكتَشِفُ أَنَّ الوَحيَ الإِلَهيّ يَستَخدِمُ العِلمَ بِمَنحاهُ الإِيجابيّ لِيُثمِرَ إِيمانًا. وَالإِيمانُ بِأَنَّ اللهَ يَعمَلَ بِروحِهِ القُدُّوسِ في كُلِّ العُلومِ وَالأَشياءِ بِهَدَفِ وصولِها إِلى غايَتَها فَتَدُلُّ وَتُعَرِّفُ عَن الكَلِمَة المـُتَجَسِّد. أَخيرًا، لَيسَ عَلينا الإِكتِفاءَ بِأَن نَعرِفَ عَنْ الرَّبَّ يَسوع، بَل أَنْ نَعرِفَهُ شَخصِيًّا، فَننتَقِلَ مِنَ الوَسيلَة إِلى الغايَة، لِذَلِكَ عَلَينا نَسعى مِثلَ المـَجوسِ وَراءَ العَلامَة الخاصَّة الَّتي تُعطى لِكُلّ واحِدٍ مِنَّا بِالرُّوحِ القُدُس، لِكَي نَعودَ وَنَبْحَثَ في الكُتُبِ المـُقَدَّسَة، وفي تاريخِ الكَنيسَة وَتَعليمِها وَإِرثِها المـُقَدَّسَة، لِنَصِلَ إِلى مَعنى إِنسانِيَّتَنا وَغايَتَها في يَسوع المـَسيحِ رَبّنا إِلَهنا وَمُخَلِّصَنا فَنَعرِفَ أَنَّهُ الحَيّ وَالحَقّ الَّذي بِتَجَسُّدِهِ قَدَّسَ حَياتنا، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!