مقالات

وَحدَهُ الغُفران يَجعَل مِنَّا إِخوَة حَقيقيّين!

موقع Allah Mahabba وَحدَهُ الغُفران يَجعَل مِنَّا إِخوَة حَقيقيّين!

       في حَياتِنا الإِجتِماعِيَّة بِصورَةٍ خاصَّة، يَبقى لِلخَطَأ مَساحَةً وَاسِعَة، وَلَهُ تَأثيرَهُ الفاعِل عَلى عَلاقاتِنا. ما مِنْ أَحَدٍ مِنَّا يَقبَل أَو يَرضى أَن يُخطِئ بِحَقِّهِ أَحَد. كُلُّ واحِدٍ مِنَّا إِذا أَساءَ إِلى شَخصٍ يُحِبُّهُ، أَو إِلى شَخصٍ لَدَيْهِ السُّلطَةَ عَلَيْهِ، يُسارِعُ إِلى مُصالَحَتِهِ إِمَّا بِدافِعِ المـَحَبَّةِ وَالنَّدامَة أَو بِدافِعِ الخَوفِ وَالمـَصلَحَة. عِندَما نَرجِعُ إِلى تَعليمِ يَسوع، نَسمَعُهُ يُعطينا دَرساً وَمَنهَجِيَّةً في مَوضوعِ المـُصالَحَة وَالغُفران، بِخاصَّةٍ عِندَما يُخطِئ إِلَينا أَحَد، أَو إِن كُنَّا نُريدُ إِصلاحَ أَحَدٍ بِدافِعٍ مِنْ مَحَبَّةٍ أَخوِيَّةٍ صادِقَة، لِكَي يَبلُغَ الخَيرَ الأَفضَل.

       أَوَّلاً، يُعَلِّمُنا يَسوع أَن يَكونَ مَوقِفَنا مِنَ الشَّخصِ الَّذي خَطِئَ إِلَيْنا، مَوقِفَ الأَخ الحَقيقيّ، أَي مَوقِفَ انفِتاحٍ وَتَفَهُّمٍ وَمَحَبَّة. لِلأَسَفِ الشَّديد، عِندَما تُخدَش كَرامَتُنا، أَو نُجرَح بِكَلِمَةٍ مِن أَحَدٍ بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات نَضَعُ وَصِيَّةَ المَحَبَّة جانِباً، بِسَبَبِ اضطِرابِنا الدَّاخليّ وَتَفاعُلَنا مَع الأَفكار السَّوداوِيَّة. وَأَيضاً في بَعضِ المـَرَّات نَجعَل مِنْ أَنفُسِنا مُصلِحينَ روحِيّين أو إِجتِماعِيّين، نَنتَقِدُ وَنَدينُ الآخَرين، وَنُريدُ إِصلاحَهُم على مُستَوى قَناعاتِنا الشَّخصِيَّة، زاعِمينَ أَنَّنا نَغارُ عَلى تَوبَةِ الآخرين، فيما المـَطلوبُ مِنَّا، أَن نَنطَلِقَ إِلى الآخَرين، بِدافِعٍ مِن حُبٍّ مَليء بِالصِّدقِ وَالرَّحمَة قَبلَ أَيّ شَيءٍ آخَر.

       ثانِياً، يُريدُنا يَسوع أَن نَفهَم أَسبابَ المـُشكِلَة وَالخَطَأ الَّذي أَصابَنا. هو يَدعونا إِلى الحِوار الدَّافِئ وَالمـُصغي مَع مَن أَساءَ إِلَينا وَذَلِكَ على انفِراد. مِن هُنا نَسمَعهُ يَقولُ: “إِذا خَطِئَ أَخوكَ، فاذهَب إِلَيهِ وَانفَرِد بِهِ وَوَبِّخهُ”. في هذا المـَشهَد نَرى وَجهاً مِنْ سِرّ المـُصالَحَة الَّتي تُمارِسُهُ الكَنيسَة وَتُشَجِّع عَلَيْهِ. قَد نَظُنُّ أَنَّ التَّوبيخَ يَعني بِهِ الرَّبَّ، أَن نَرفَع صَوتَنا عالِياً بِوَجهِ مَن أَخطَأ، وَهذا ما لا يَطلُبُهُ مِنَّا الرَّبّ، بَلْ يُريدُنا أَن نُظهِرَ أَسباب وَنَتائِج الخَطيئَة، وَأَن يَكونَ تَحذيرُنا حازِماً، لا قاسِياً. إِنَّ كُلَّ إِصلاحٍ لا يَحتَرِم حُرِّيَّةَ وَكَرامَة الإِنسان وَإن كانَ خاطِئاً، يُصبِح تَعنيفاً وَإِدانَةً لَهُ. يَهدِف يَسوع بِتَعليمِهِ هُنا إِلى بُلوغِ الإِصغاء وَالحِوار بَينَ الطَّرَفَين، لا إلى فَرضِ رأيٍ على آخَر.

       ثالِثاً، عِندَما لا تَسيرُ الأُمور على ما يُرام، يَدعونا يَسوع لِلمُحاوَلَة مِن جَديد، وَلَكِن عَن طَريقِ الكَنيسَة انطِلاقاً مِن شاهِدَين. هُنا، يَضَعُ يَسوع شَهادَةَ الكَنيسَة في خِدمَةِ الخاطِئ لِكَيْ يُصلِحَ ذاتَهُ. كَم مِنَ المـَرَّات نَعمَل عَلى عَكسِ وَصِيَّةِ يَسوع، نَذهَب إِلى الآخَرين لِكَيْ نُشَهِّرَ بِخَطيئَةِ مَن أَخطَأَ إِلَيْنا، جاعِلينَ مِن أَنفُسِنا أَصحابَ الحَقِّ وَالعَدالَة؟ إِنَّ المَحَبَّة تَرأف وَتَلطُف وَتَصبِر.

       رابِعاً، نَسمَع يَسوع في تَعليمِهِ حَولَ الإِصلاحِ الأَخَويّ يَقول: “وَإِن لَم يَسمَع لِلكَنيسَةِ أَيضاً، فَليَكُن عِندَكَ كَالوَثَنيّ وَالجابي”. عَلَينا هُنا أَيضاً أَنْ نَفهَمَ تَعليمَ يَسوع بِشَكلٍ صَحيح. إِنَّهُ، لَم يَدعونا وَلا مَرَّةٍ واحِدَة إِلى تَكفير النَّاس، واحتِقارِهِم، حَتَّى وَإِن هُمْ رَفَضوا التَّوبَةَ وَالخَلاص لِيَبقَوا في الخَطيئَة. لِنَنتَبِه جَيِّداً إِنَّهُ الإِنجيليّ مَتَّى الَّذي نَقَلَ لَنا هَذِهِ الآيَة عَنْ لِسانِ يَسوع، هوَ الَّذي كانَ جابِياً وَيعيشُ على نَمَطِ الوَثَنِيّين، يُريدُ أَن يُؤَكِّد أَنَّهُ عَلَينا أَلَّا نَتَراجَع عَنْ مَوقِفِ المـَحَبَّة الأَخَوِيَّة، لِذَلِكَ عَلَينا عَلى مِثالِ مُعَلِّمنا يَسوع أَن نَدعو مَن أَخطَأَ إِلينا أَو يَعيش في الخَطيئَة، مِثلَما دَعاهُ الرَّبّ لاتِّباعِهِ، وَلنَتَذَكَّر أَن يَسوع قَد جالَسَ الخَطَأَة وَأَكَلَ مَعَهُم، وَهوَ الَّذي قالَ: “ما جِئتُ مِن أَجلِ الأَبرار بَل مِن أَجلِ الخَطَأَة”.

       عَلَينا هُنا أَن نَسأَلَ أَنفُسَنا بِصِدقٍ، إِذا كُنَّا حَقيقَةً نُريدُ الخَيرَ وَالخَلاصَ لِمَن يُخطِئ إِلَينا أَو يَعيشُ في الخَطيئَة، أَم نَحنُ غَيرَ مُبالينَ، وَنُريدُ الثَّأرَ لِأَنفُسِنا؟ إِن تَعليمَ الرَّبّ يُنَمّينا في المَحَبَّة، حَيثُ نَستَطيع بِها وَحدَها أَن نَغفِر وَنَرحَم، وَأَن نَكونَ مَثَلاً صالِحاً، يَبني ولا يَهدِم، يجمَع وَلا يُفَرِّق.

       فَلنَطلُب مِن يَسوع، أَن يُعطينا نِعمَةَ التَّتَلمُذِ لَهُ، لِأَنَّنا أَمامَ كَلامِهِ نَشعُر أَنَّنا بِحاجَةٍ لِمَن يُعامِلُنا عِندَما نَكونُ في الخَطيئَة، مِثلَما هوَ يُعامِلُنا، وَمِثلَما دَعانا لِنُعامِلَ بَعضُنا بَعضاً بِالرَّحمَةِ وَالمَحَبَّة، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!