مقالات

السينودسيَّة كأسلوب للتفاعل المتكامل مع تعليم الكنيسة

مع تعليم الكنيسة

موقع Allah Mahabba – السينودسيَّة كأسلوب للتفاعل المتكامل مع تعليم الكنيسة

التعليم واحدٌ، وأما التفاعل معه فمتعدِّدٌ! يكاد لا يتَّفقُ المؤمنون اليوم، في أساليب التعبير عن إيمانهم، على حقيقةٍ واحدةٍ وجامعة، أمام ما يقرأون من تعاليم للكنيسة، وأمام ما يسمعون من عظاتٍ وبرامجَ ومواضيعَ لاهوتيَّةٍ مختلفة. فالروح النسبيَّة الحاضرة في التفكير المعاصر جعلت من فهم تعليم الكنيسة والتفاعل معه منصةً انتقائيَّة: يختارُ المؤمنُ ما يُريحُهُ مبتعدًا عمّا يدعوه إلى المسؤوليَّة الفاعلة، أو يتمسَّك بمعطيات شكليَّة تقليديَّة من دون أن تكون لها أيَّة ثمار في حياته اليوم، أو يتلقَّى ما هو جديد ماحيًا كلَّ ما سبَقَ باسم التطوُّر والانفتاح. ما نقوله عن المؤمنين بشكلٍ عام، ينطبق على العلمانيين والمكرَّسين معًا. صحيح أنَّ الكنيسة هي أعضاء كثيرة في جسد واحد، ولكن هل يمكننا القول إنَّ الأساليب الجزئيَّة والمجزِّئة في فهم التعليم الواحد للكنيسة والتعبير عنه هي لَأمر صحيّ وطبيعيّ، تحت ما نسمّيه التنوّع والمواهبيَّة ضمن الجماعة الواحدة؟

ممَّا لا شكّ فيه اليوم، مدى الشرخ الحاصل بين العديد من الأشخاص داخل الكنيسة الواحدة، بسبب النسبيَّة في فهم التعليم المسيحي وتلقّيه. في الكنيسة مدارسُ فكريَّةٌ متعدِّدة، لكن هذا لا يعني أنَّ الحقيقةَ تتغيَّرُ مع طريقة التفاعل معها. فتنوّعُ أساليبِ البحثِ والتفكيرِ والتأمُّل هو غنًى للكنيسة وهو من ثمار الروح القدس. في هذا الغنى، تبقى الحقيقة الإيمانيَّة واحدة. فكيف يمكن الوصول إلى تفاعل ناشطٍ وشاملٍ ومتكاملٍ أمام تعليم الكنيسة الواحد وأمام تعدُّدِ الخطابات اللَّاهوتيَّة فيها؟

تأتي السينودسيَّة اليوم – السَّيْر معًا – لتكون أيضًا نورًا لنا في المسيرة نحو الحقيقة وفيها، بالأخصّ في تفاعلنا مع التعليم المسيحي؛ المفتاح الأول في هذه المسيرة هو اليقين أننا لسنا لوحدنا أمام الحقيقة الإيمانية المُعلَنَة نصًّا وشَفَهًا في التقليد الكنسي. وبما أننا لسنا لوحدنا، نحن مدعوّون إذًا إلى أنْ نصغيَ بعضنا لبعض، وذلك على عدَّة مستويات. على المستوى الآني اليوم، نحن مدعوون إلى هذا الاصغاء، آخذين بعَين الاعتبار المسيرة الشخصية الروحيَّة والفكريَّة والثقافيَّة لكلٍّ منّا، علمانيّين ومكرَّسين. على مستوى التقليد الكنسي بين الأمس واليوم، دعوتنا هي اكتشاف ما أعلنته الكنيسة سابقًا والاصغاء له “كما صدَرَ”، لا كما نريدُ نحن فهمَه؛ هنا يلعب الاختصاصُ اللاهوتيُّ دورَه بأن يبحث ويوضح وينير تاريخيَّة التعبير الذي تبنَّتْه الكنيسة في وقتٍ معيَّن وفي مكان معيَّن، لسبب معيَّن ولهدفٍ معيَّن. على مستوى العمل الحيّ للروح القدس “الناطق بالأنبياء والرسل”، نحن مدعوّون إلى أن نبقى في ورشةِ بحثٍ وتجديدٍ لطريقةِ تعبيرٍ عن الإيمان، تحاكي إنسانَ اليوم وهواجسَه وتطلّعاتِهِ، من دون أن تقعَ في فخِّ المسايَرة أو المساومة على الحقيقةِ المختَبَرَة والمتناقَلَة تقليديًّا في الكنيسة على مدى العصور. دعوتُنا إذًا، أن نتركَ الروحَ ينطقُ فينا اليوم، لا أن نغرقَ في مفاهيمَ معلَّبَةٍ ومغلَقةٍ تطفئُ نارَ الروح؛ فالإيمان حياةٌ وروحٌ، لا حرفٌ وحجر.

“الكلمة صار جسدًا وسكن بيننا”: إنها الحقيقة التي تجسَّدت بيننا، وأرادت أن تجمعَ أولادَها في مسيرةٍ متعدِّدةٍ في الطّرق ومتَّحدةٍ في الأهداف. فليكنْ سينودسُ اليومِ فرصةً جديدةً ودائمةً، للسَّير معًا نحو إعلان الحقيقة، بديناميكيَّةٍ جامِعَةٍ وبنّاءة. فيبقى التعليم واحدًا، ويُضحي التفاعلُ معه سينودسًا جامِعًا ومتكاملًا.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/allahmahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة “السينودسيَّة كأسلوب للتفاعل المتكامل مع تعليم الكنيسة”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!