الإنجيل اليومي

أربعاء بشارة زكريّا

الإنجيل اليومي

موقع Allah Mahabba  – أربعاء بشارة زكريّا

رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9: 2 – 16

يا إِخوَتِي الضِّيقُ والشِّدَّةُ عَلى كُلِّ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ السُّوء، عَلى اليَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ عَلى اليُونَانِيّ.

وَالمَجْدُ والكَرَامَةُ والسَّلاَمُ لِكُلِّ مَنْ يَفْعَلُ الصَّلاَح، لِليَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِليُونَانِيّ؛

لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ لِلوُجُوه.

فَجَمِيعُ الَّذينَ خَطِئُوا بِدُونِ شَريعَة، فَبِدُونِ شَريعَةٍ يَهْلِكُون. وجَميعُ الَّذِينَ خَطِئُوا في الشَّرِيعَة، فَبِالشَّرِيعَةِ يُدَانُون.

فَلَيْسَ الَّذينَ يَسْمَعُونَ الشَّرِيعَةَ هُم أَبْرارًا عِنْدَ الله، بَلْ الَّذينَ يَعْمَلُونَ بِالشِّرِيعَةِ يُبَرَّرُون.

فَلَمَّا كَانَ الأُمَمُ، الَّذينَ لا شَريعَةَ لَهُم، يَعْمَلُونَ بِحَسَبِ الطَّبِيعَةِ بِمَا في الشَّرِيعَة، فَهؤلاءِ، وإِنْ كَانُوا لا شَريعَةَ لَهُم، هُم شَرِيعَةٌ لأَنْفُسِهِم.

وهُم يُظْهِرُونَ أَنَّ عَمَلَ الشَّرِيعَةِ مَكْتُوبٌ في قُلُوبِهِم، فَضَمِيرُهُم شَاهِد، وأَفْكَارُهُم تَشْكُوهُم تَارَةً، وتَارَةً تُدَافِعُ عَنْهُم

يَوْمَ يَدينُ اللهُ خَفَايَا البَشَر، بِحَسَبِ إِنْجيلي، بِيَسُوعَ المَسِيح.

إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 41 – 45

قالَ الرَبُّ يَسوع لليَهُود: “أَنْتُم تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبيكُم”. فَقَالُوا لَهُ اليَهُودُ: “نَحْنُ لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًى! لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ هُوَ الله!”.

قَالَ لَهُم يَسُوع: “لَو كَانَ اللهُ أَبَاكُم لأَحْبَبْتُمُونِي، لأَنِّي أَنَا مِنَ اللهِ خَرجْتُ وأَتَيْت. ومَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَتَيْت، بَلْ هُوَ أَرْسَلَنِي.

لِمَاذَا لا تَفْهَمُونَ كَلامِي؟ لأَنَّكُم لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَولِي!

أَنْتُم مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْليس، وتُريدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِشَهَوَاتِ أَبيكُم، ذَاكَ الَّذي كَانَ مُنْذُ البَدْءِ قَاتِلَ النَّاس، ومَا ثَبَتَ في الحَقّ، لأَنَّهُ لا حَقَّ فِيه. عِنْدَمَا يَتَكَلَّمُ بِٱلكَذِبِ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَدَيْه، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وأَبُو الكَذِب.

أَمَّا أَنَا، فَلأَنِّي أَقُولُ الحَقّ، لا تُصَدِّقُونَنِي”.

التأمّل

”لو كانَ اللهَ أَباكُم لَأَحبَبتُموني، لِأَنّي مِنَ اللهِ خَرَجتُ وَأَتَيتُ“

          يُشَكِّلُ الإِنتِماءُ في حَياةِ الإِنسانِ عامِلًا أَساسِيًّا لِتَكوينِ شَخصِيَّتِه، وَيُبرِزُ فيهِ بُعدَ انحِيازِهِ لِقَضِيَّةٍ ما. التَّحَزُّبُ يُعرَفُ بِالإِنتِماءِ وَالإِيديولوجِيَّةِ وَالإِلتِزام، وَمَخاطِرُهُ تَكمُنُ في التَّعَصُّبِ وَالإِنغِلاقِ عَلى فِكرٍ أَحاديّ، يُؤَدّي إِلى إِلغاءِ الآخَرين. جَميلٌ أَن يَكونَ للإِنسانِ انتِماءٌ لِعائِلَةٍ وَوَطَنٍ وَقَضِيَّةٍ وَدين، لَكِنَّ الأَجمَلَ في كُلِّ هذا إِدراكُ الإِنسانِ لانتِمائِهِ لِكُلِّ التَّاريخِ البَشَريِّ وَإِن كانَ في الواقِع يَنتَمي إِلى إِتنِيَّةٍ وَبَلَدٍ وَمَذَهَبٍ وَوَطَنٍ مُحَدَّد. مَن يَتَأَمَّلُ  بحَياةِ الرَّبِّ يَسوع، يَكتَشِفُ فيهِ مَعنى الحُرِّيَّةِ الحَقَّة، وَمَعنى القَضِيَّةِ الأَسمى وَمَعنى الإِنتماءِ الأَصَحّ، لِكَونِهِ أَعطى رِسالَةً واسِعَةً تَطالُ كُلَّ الإِنسانِ في كُلِّ زَمانٍ وَمَكان. بَيَّنَ يَسوعُ في تَعليمِهِ أَينَ يَكمُنُ مَرَضُ اليَهودِ وَكُلِّ البَشَرِيَّةِ في مَوضوع الإِنتِماء، وَهوَ في دِفاعِهِم عَن هُوِيَّةٍ مَفقودَة، بَينَما يَسوعُ عَلَّمَ أَنَّ الانتِماءَ الصَّحيح مِحوَرُهُ الأَساسيّ هُوَ في مَعرِفَةِ وَجهِ الله، عَلى أَنَّهُ أَبٌ لِكُلِّ البَشَر، وَلِهذا تَنَصَّلَ اليَهودُ مِنهُ وَلَم يَفهَموهُ لأَنَّهُم لَم يَعرِفوا مَحَبَّةَ الله.

          يَا بُنَيَّ، وَأَنتَ تَتَأَمَّلُ في جِدالي مَعَ اليَهود، أُنظُر أَيضًا إِلى جِدالاتِكَ مَع إِخوَتِكَ البَشَر. عَلامَ تُصارِعُ وَتُواجِهُ وَتُدافِعُ وَتُحاجِج، وَمِن أَجلِ مَن؟ لِتَقولَ أَنَّ الحَقَّ هُوَ عِندَك؟ لِتَؤَكِّدَ أَنَّكَ عَلى صَوابٍ في النَّهجِ الَّذي تَنهَجُهُ؟ أَم لِتُبرِزَ نِقاطَ الضُّعفِ عِندَ الآخَرين؟ مِن هُنا أَقولُ لَكَ، لِتَكُن قَضِيَّتُكَ هِيَ الإِنسانُ الَّذي أَنا افتَدَيتُهُ بِدَمي. لِيَكُن انتِماؤُكَ لِوَطَنٍ يَسَعُ الكُلَّ، وَليَكُن عَمَلُكَ أَن تَجعَلَ مِنهُ سَماءً، يَجِدُ فيهِ كُلُّ إِنسانٍ فَرَحَهُ وَسَلامَهُ وَهَناءَهُ. لَن أُلغيَ انتِماءَكَ الوَطَنيّ، وَأَنا بِدَوري عُرِفتُ بِالنَّاصِريّ، بَل أَدعوكَ لِتَكُن رَسولَ سَلامٍ، تَنظُرُ إِلى حُقوقِ الآخَرينَ لِتُدافِعَ عَنها. لا تَجعَل مِنَ القَوانينِ وَالشَّرائِعِ قُيودًا في عَلاقَتِكَ مَعَ الآخَرين، فَهَذِهِ غايَتُها الأُولى هِيَ في تَنظيمِ وَتَحديدِ وَتَوجيهِ العَلاقات عَلى قاعِدَةِ العَدالَة. مَتى كانَ انتِماؤُكَ لي، وَكُنتَ لي تِلميذًا، لا تَعُودُ تَخشى شَيئًا وَلا تَعودُ تُجهِدُ النَّفسَ حَتَّى في الدِّفاعِ عَن روحِ الإِنجيل، لِأَنَّ مَحَبَّتي الَّتي فيكَ تَجعَلُكَ تُحِبُّ كُلَّ إِنسانٍ، وَتَتَأَلَّمُ مَعي مِن أَجلِ كُلِّ إِنسانٍ يَرفُضُ الإِنتِماءَ إِلى اللهِ الآب، بِفِعلِ المـَحَبَّة الَّتي تَشهَدُ لي. مَن كانَ مِنَ الله يَعمَلُ أَعمالَهُ.

يَسعى الإِنسانُ في حَياتِهِ لِيَكونَ أَحاديَّ الشَّخصِيَّة، فَريدًا وَمُمَيَّزًا. هذا الأَمرُ يَجعَلُهُ يَنفُرُ مِمَّن يُشبِهُهُ بِشَيءٍ، فَيَغدو لَهُ بِمـَثابَةِ الظِّل، لِكَونِهِ يُريدُ أَن تُسَلَّطَ عَلَيهِ الأَضواءُ في أَيِّ لَحظَةٍ وَمَوقِفٍ وَحَدَث. هذا السَّعيُ لِإِبرازِ فَرادَةِ الشَّخصِيَّة، هُوَ سَعيٌ أَعمى، لأَنَّ كُلَّ إِنسانٍ فَريدٌ عَلى وِسعِ الوُجودِ وَالكَونِ وَالتَّاريخ، وَلَهُ مَكانَةٌ خاصَّة في قَلبِ الله. عَلى الإِنسانِ أَن يَكتَشِفَ ذاتَهُ مَع الله، وَأَلَّا يَخافَ حَتَّى مِنَ الغَيرِيَّةِ وَالإِختِلاف. مَن أَعطى الأَولويَّةَ في حَياتِهِ لِبناءِ عَلاقاتٍ قائِمَة عَلى المـَحَبَّة وُفقَ ما عَلَّمَها يَسوع، يَزدادُ حِكمَةً وَمَحَبَّةً وَتَواضُعًا، لِذَلِكُ لِيَكُن مَقصَدُك في البَحثِ عَن الأَسبابِ الَّتي تُؤَدِّي بِكَ لِكَي تُفهَمَ عَلى نَحوٍ خاطِئ، وَتِلكَ الَّتي لا تَجعَلُكَ تَتَقَبَّلُ الآخرينَ أَيضًا.

          رَبِّي يَسوع، أَنتَ الَّذي في جِدالِكَ مَعَ اليَهودِ أَشَرتَ إِلى الخَطيئَةِ الَّتي فيهِم، وَالَّتي مَنَعَتهُم مِن مَعرِفَةِ وَجهِ اللهِ كَأَبٍ لِكُلِّ البَشَرِيَّة، مِمَّا جَعَلَهُم لا يُؤمِنونَ بِكَ كَإِبنٍ وَحيدٍ وَمُخَلِّصٍ فادي. أُريدُ مِنكَ رَبِّي، نِعمَةَ أَن أَعرِفَ وَأُقِرَّ بِالخَطيئَةِ الكامِنَةِ فيَّ وَالَّتي تَمنَعُني مِن أَن أَحيا المـَحَبَّةَ كَما أَنتَ أَحبَبت، فَاجَعلني أَنتَمي لَكَ لِأَكونَ لِلكُلِّ، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل أربعاء بشارة زكريّا “لو كانَ اللهَ أَباكُم لَأَحبَبتُموني، لِأَنّي مِنَ اللهِ خَرَجتُ وَأَتَيتُ”. ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!