مقالات

“قِيامَةُ الرَّبّ يَسوع تَخلُقُ وِلادَةً روحِيَّةً جَديَدة”

تُلفِتُ انتِباهَنا أَناجيلُ القِيامَة عَلى الصِّلَة الوَثيقَة في شَخصِ الرَّبَّ يَسوع، ما بَينَ حَقيقَةَ صَلبِهِ وَحَقيقَة قِيامَتِهِ. عَلاماتُ الصّلب هيَ خَتْمُ القِيامَة. الَّذي ماتَ حَقًّا، قَدْ قامَ حَقًّا. يَظهَر يَسوع لِتَلاميذِهِ لِيُريهِم جِراحَهُ، الَّتي لَم وَلَنْ تَندَمِل رُغمَ قِيامَتِهِ، إِنَّها الشَّاهِدَة عَلى إِنسانِيَّتِهِ الَّتي مَجَّدَها الآب. لَيسَ هذا وَحَسب، هيَ العَلامَة عَلى أَنَّ الرَّبَّ مُتَعاضِدٌ مَعَ كُلِّ إِنسانٍ مَجروح، وَمُتأَلِّم وَمَتروك. إِنَّها عَلامَةُ المَحَبَّة الحَقَّة وَالكامِلَة. هَذِهِ الجِراح أَصبَحَت سَبَبًا لِفَرَحِ التَّلاميذ وَالكَنيسَة الأُولى، وَحَتَّى لِكُلِّ البَشَرِيَّة. لِماذا؟ لأَنَّها تُؤَكِّدُ أَنَّ اللهَ الآبَ قَدْ أَحَبَّنا حَتَّى الغايَة، وَأَعطانا الخَلاصَ في شَخصِ ابنِهِ الكَلِمَة المـُتَجَسِّد. لَسنا مَتروكينَ للعَبَثِيَّةِ وَللضّياعِ وَلِلقَدَر. لَقَد أَخَذَ يَسوعُ على عاتِقِهِ جِراحَنا، حَمَلَ أَوجاعَنا وَخَطايانا، وَخَلَّصنا مِنَ المـَوتِ بِمَعناهُ الوجوديّ وَالأَبَديّ، فَأَصبَحَ آنِيًّا وَمُؤَقَّتًا، يَعني فَقَط انتِقالَنا مِنَ الحَياةِ الزَّمَنِيَّة إِلى الأَبَدِيَّة.
دَخَلَ يَسوعُ إِلى دارٍ مُغلَقَةٌ أَبوابُها بِسَبَبِ الخَوف. دَخَلَ إِلى حَيثُ اختَبَأَ تَلاميذُهُ، هوَ الَّذي مَضى إِلى مَثوى الأَموات، قادِرٌ عَلى أَن يَدخُل إِلى قُلوبِنا الخائِفَة وَالمَجروحَة، وَإِلى إِنسانِنا القَديم وَالمفصول عِن حَياةِ النِّعمَةِ وَالخَلاص. ما حَدَثَ مَع التَّلاميذ عِندَ مُشاهَدَتِهِم الرَّبّ، هوَ عَلامَة لِما أَحدَثَهُ الرَّبَّ عِندَ نُزولِهِ إِلى الجَحيم. يَسوعُ المـَطبوع بِجِراحِ الإِنسانِيَّة، بِقُوَّةِ كَلِمَتِهِ نَفَخَ الرُّوحَ القُدُسَ في تَلاميذِهِ، فَجَعَلَهُمْ رُسُلًا وَشُهودًا لِقِيامَتِه. لَيسَ لِنَقلِ تَعليمِهِ كَسائِرِ تَلاميذ الرَّابِيّين بِشَكلٍ صُوَريّ، إِنَّما مِنْ خِلالِ اختِبارِهِم لِقِيامَتِهِم مِنْ خَوفِهِم وَإِنسانِهِم القَديم، بِفَضلِ نِعمَةِ قِيامَتِهِ المَجيدَة مِنْ بَينِ الأَموات.
إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، لَيسَ الغَرَضْ مِنَ القِيامَة، التَأكيد عَلى قُوَّة اللهِ الجَبَّار وَالقَدير. وَلَيسَ أَيضًا إِعلانَها كَعَجيبَةٍ خارِقَةٍ تَفوقُ واقع الطَّبيعَة وَالمـَنطِق، وَلا تَعني كُلّ إِنسانٍ بِشَكلٍ شَخصيّ وَمُباشَر. هيَ تَهدِفُ إِلى اختِبارِ الرَّبّ القائِمِ مِنْ بَينِ الأَموات، الَّذي يَنتُجُ عَنْهُ وِلادَةً روحِيَّةً تَجعَلُ الإِنسانَ شاهِدًا وَرَسولًا لِيَسوع الرَّبّ المـُخَلِّص الحَيَّ وَالقُدّوس. مَنْ عَرَفَ هذا الإِختِبار، عَرَفَ أَنَّ اللهَ مَحَبَّة. عَرَفَ أَيضًا قُوَّة سُلطان الرَّبّ وَمَغفِرَتِهِ.
مَع قِيامَة يَسوع مِن بَينِ الأَموات، نَراهُ يَمضي إِلى تَلاميذِه، وَكما اعتادَ أَن يكونَ مَعَهُم سابِقًا، هوَ يَفعَل. قَبلَ المـَوتِ أَعطى ذاتَهُ كَذَبيحَةِ شُكرٍ وَمَغفِرَة بِهَدَفِ الحَياةِ الأَبَدِيَّة مِن خِلالِ الإِفخارستيَّا، وَعلى الصَّليبِ بِمَوتِهِ أَتَمَّها في الكامِل. مَع قِيامَتِهِ جَعَلَ مَفاعيلِها مُحَقَّقَة في حَياةِ الرُّسُل وَالكَنيسَة، وَكُلّ مَنْ يُؤمِن بِاسمِهِ. لَيسَت القِيامَةُ انتِظارًا لِما سَنكونُ عَلَيهِ لاحِقًا بَعدَ المـَوت، هيَ تَعني تَحَوُّل كِيانِنا إلى شَخصِ المـَسيحِ القائِم مِن بَينِ الأَموات.
نَرى يَسوع يُعطي سُلطانَ مَغفِرَة الخَطايا لِرُسُلِهِ، وَهذا يُعَلِّمُنا أَمرَين: أَوَّلًا، المـَحَبَّة وَالرَّحمَة هُما أَقوى مِنَ الكَراهِيَّةِ وَالمـَوت. عِندَما نَغفُر نولَدُ مِنْ جَديد، وَالَّذينَ أَخطَأوا إِلَينا، نَسمَح لَهُمْ أَن يولَدوا بِرَحمَةِ اللهِ مِنْ جَديد. الَّذي يَعرِف يَسوع القائِم مِن بَينِ الأَموات يَستَطيع أَن يَغفِر وَيُحِبّ وَيَرْحَم. ثانِيًا، سُلطانُ يَسوع على مَغفِرَةِ الخَطايا سَيَبقى كَعَهدٍ أَبَديّ قائِمًا في كَنيسَتِهِ وَالعالَم. لَقَد قالَ لَنا: “إِنَّ لإِبنِ الإِنسان السُّلطان عَلى مَغفِرَة الخَطايا”.
يَبقى السُّؤال، كَيفَ لَنا نَحنُ أَن نَختَبِرَ قُوَّةَ قِيامَةَ الرَّبَّ يَسوع، وَأَن نولَدَ روحِيًّا مِنْ جَديد؟ إِنَّ قِيامَةَ الرَّبَّ يَسوع كَحَدَثٍ حَقيقيّ وَفَريد في التَّاريخ، قَدْ صارَت لَنا المَدخَل وَالباب لِوِلادَتِنا الروحيَّة. أَوَّلًا هيَ تَقولُ لَنا أَنَّهُ باستِطاعَتِهِ أَن يَختَرِقَ قُلوبَنا المـُغلَقَة وَحَياتَنا المُظلِمَة. ثانِيًا، هيَ تَقولُ لَنا نَحنُ الَّذينَ نَرقُدُ في آلامِنا وَجِراحِنا وَصِراعاتِنا، أَنَّهُ قَدْ ضَمَّ إِلى جِراحِهِ المـُمَجَّدَة جِراحَنا لِتُشفى. ثالِثًا، عِندَما نُؤمِنُ بِما صَنَعَهُ مِنْ أَجلِنا مِنْ خَلاصٍ وَفِداءٍ وَقِيامَة، تُثمِر قِيامَتَهُ فينا مِنْ خِلالِ اختِبارِنا لِحُضورِهِ الشَّخصيّ في حَياتِنا، حَيثُ لا نَعُد نَقِفْ عِندَ خَطايانا، وَنَقَصنا وَضُعفَنا وَهَشاشَتَنا، بَل نَقومُ وَنَحيا بِالإِيمانِ وَالرَّجاءِ وَالمَحَبَّة. اختِبارُنا لِقِيامَةِ الرَّبّ يَجعَلُنا نَعيشُ وَفقًا لِمُتَطَلِّباتِ المَلَكوت وَلَيسَ وَفقًا لِلعالَم. القِيامَة تَجْعَلُنا نَتَمَسَّكُ بِالصَّلاة، وَنَشهَدُ بِالإِلتِزام، وَأَن نَكونَ رُسُلًا بِالمَحَبَّة وَالغُفران وَالخِدمَة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!