مقالات

صوتٌ يَملَأُ فَراغَ البريَّة…!

في مَجال الموسيقى، تُعطى الأَهَمّيَّة الكُبرى للأَصوات الَّتي تُختَبَر وَتُفحَصْ وَفقاً لِقُدُراتِها وَجَمالَها، وَبِخاصَّةٍ الّتي تَنقُلُ إِحساسًا رائِعًا يَلمُسُ قُلوبَ المـُستَمِعين. رُغمَ ذَلِكَ يَبقى للذَّوق الموسيقيّ دَوراً مُؤَثّراً في اختِيار الأَصواتِ وَتَفضيلِها. لَسنا كُلُّنا نُحِبُّ الأَنماطَ الموسيقيَّة نَفسَها، لَكِنَّنا كُلُّنا نَرتاحُ لِلأَصواتِ الجَميلَة، وَنُثني عَلى الأَغاني وَالتَّرانيم الَّتي تَجمَع بِشَكلٍ مُمَيَّز بَين الكَلِمة وَاللَّحنَ وَالصَّوت. كَذَلِكَ هوَ الأَمرُ بِالنِّسبَةِ إِلى مَنْ يُريدُ أَن يَحمِل كَلِمَةَ اللهِ وَيَنقُلَها للآخَرين، فَعَلَيهِ أَن يَعرِفَ لَحنَها أَيْ مَعناها الحَقيقيّ، وَأَن يَعرِفَ مَقدِرَتَهُ عَلى التَّبشيرِ بِها، أَيْ مَوهِبَتَهُ الخاصَّة الَّتي تُمَكِّنَهُ مِنْ إِظهارِ جَمال وَقُوَّة كَلِمَة اللهِ فيهِ. عَلَيهِ أَيضاً أَن يَعرِف كَيفَ يُؤَدّيها، أَي أَن تَظْهَرَ فيهِ كَحقيقَة يُؤمِن بِها وَيَعيشَها يَومِيّاً.

يُشَبِّهُ الإِنجيليّ مَرقُس يُوحَنَّا المَعمَدان بِالأَسَدِ الَّذي يَزأَرُ في البَرّيَّة، -لِذَلِكَ يَأخُذ إِنجَيلَهُ رَمزِيَّةَ الأَسَد- بِالإِضافَةِ إِلى تَوصيفِ صَوتِ يوحنّا المَعمدان بِالقويّ والجهوريّ، يُظهِر لَنا أَيضاً كَلِماتَهُ وَمُحتَواها الّتي مَصدَرها كِتابُ أشَعيا النَّبيّ. يَزيدُ عَلى ذَلِكَ، وَصْفَ يوحَنَّا المـَعمدان عَلى مُستَوى شَكلِهِ الخارجيّ وَنَمَطِ حَياتِهِ وَمكانَ سَكَنِهِ في البَرّيَّة. مِنْ خِلالِ هذا التَّوصيف، يَغدو يوحَنَّا المَعمَدان بِمَثابَةِ الفَلّاح وَالحارِث الَّذي يُعِدُّ البَرِيَّة أَيْ الأَرضَ اليابِسَة، لِتَكونَ جَنَّةً رَيّا مَعَ مَجيءِ المـُخَلِّص، المـَسيح المـُنتْظَر.

إِنَّ قَلبَ الإِنسان الَّذي لَمْ يَعرِفِ الرَّبَّ بَعد، يُشبِهُ البَرّيَّة القاحِلَة، هوَ بِحاجَةٍ لِأَنْ يُعَدَّ جَيّداً لِيَستَقبِلَ مَجيءِ الرَّبّ. الطَّريقَةُ الأَفضَل وَالأَمثَل هيَ في الإِقتِداءِ بِشَخصِيَّةِ يوحَنَّا المـَعمَدان، وَبِموَقفِهِ الثَّابِتِ مِنْ خِلالِ إِلتِزامِهِ بِعَيشِ التَّوبَة الصَّادِقَة. إِنطِلاقاً مِنْ هُنا، يُحَتَّمُ عَلَينا أَوَّلاً قِراءَة الكِتاب المـُقَدَّس مِثلَما قَرَأَهُ يوحَنَّا المَعمَدان، بِعَينَيْ الإِيمانِ وَالرَّجاء، راغِبينَ بِالحَقّ بِغَيْرَةٍ مُنتَظِرينَ تَجَلّيهِ في حَياتِنا. ثانِياً عَلَينا أَن نَصرُخَ عَالِياً في صَميمِ قُلوبِنا المـُقفَلَة، لا أَن نَكونَ وعّاظاً للآخَرين، فَنَدَع صَدى كَلِمَة الله تَملأَ أَفكارَنا وَمشاعِرَنا. ثالِثاً عَلَينا أَن نَسعى كُلَّ يَومٍ لِنَعيشَ بِصِدقٍ إِيمانَنا مِنْ خِلالِ مواقِف المـَحَبَّة الّتي نَقومُ بِها.

العالَمُ كُلُّهُ بِحالَةٍ إِنتِظارٍ لِخَلاصِ الرَّبّ، وَقَلبُهُ بِأَمَسِّ الحاجَة لِيَسمَعَ أَصواتًا كُلُّها إِيمانٌ وَرَجاءٌ وَمَحَبَّة أَصواتٌ تَنطِق بِصِدقٍ وَتَتَكَلَّم عَنْ الحَقّ. أَصواتٌ كَلِماتُها أَفعالُ رَحمَةٍ وَمَحَبَّة، وَإِصلاحُها وَداعَة وَلُطف. إِن كُنَّا فِعلًا نُريدُ أَن نَرى يَسوعُ الكَلِمَة مُتَجَسِّداً أَيْ حَيّاً فينا، عَلَينا أَن نَكونَ مِثلَ يوحَنَّا المَعمَدان أَصواتًا لَهُ حَتَّى يَمَلأَ فَراغَ قُلوبَنا وَعالَمَنا بِروحِهِ القُدُّوس، وَعِندَئِذٍ يَتَغَيَّرُ العالَم إِلى الأَفضَل، لِأَنَّهُ يُعايِنُ مِنْ خِلالِ شَهادَتَنا الصَّادِقَة مَحَبَّةَ يَسوع فينا. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!