مقالات

إسهَروا…!

في الماضي كانَت تُستَخدَم الأَجراس وَالنَّواقيس وَالأَبواق بِهَدَفِ الإِيقاظِ وَالتَّذكير وَالتّنبيه. اليَوم مِنْ خِلال المـُنَبّهاتِ الإِلكترونيَّة وَالسّاعات وَالهواتِف المَحمولَة تُعطى لَنا علامَة التَّنبيه. مَع بَدء زَمن المـَجيء بِحَسَبِ اللّيتورجية اللّاتينيّة، نَرى كَلِمَةَ الرَّبّ بِمـَثابَةِ المـُنَبِّه الَّذي يَدعونا إِلى السَّهَر، فَهيَ تَحُثُّنا على أَن نَكونَ في حالَةٍ مِنَ اليَقَظَةِ وَالتأَهُّبِ. في حالَةٍ مِنَ الوَعيّ الرُّوحيّ وَالهَدَفُ مِنها اللِّقاءَ الشَّخصيّ بِالرَّبّ. رائِعٌ جِدًّا أَن نَلتَقي الرَّبَّ وَأَن نَعرِفَهُ على المـُستَوى الشَّخصيّ.

مَنْ يُريدُ حَقيقَةً أَن يَلتَقي الرَّبّ، عَلَيهِ أَوَّلاً أَن يَرغَبَ فيهِ وَأَن يُفَضِّلَهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ، هذا يَعني أَن يَكونَ على رأسِ سُلَّمِ أَولَوِيَّاتِهِ وَأَساسَها كُلَّها. السَّهَر الَّذي تَدعونا إِلَيهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ يُشبِهُ حالَةَ الأُمّ الَّتي تَسهَرُ طَوالَ اللَّيلِ بِحُبٍّ وَخَوفٍ عَلى طِفلِها الصَّغير وَهوَ في حالَةِ المَـرَض. نَحنُ مَدعُوّونَ للسَّهَرِ على خَلاصِ نُفوسِنا بِخَوفٍ وَرَعدَة. لِلأَسَفِ الشَّديد أَصبَحَ مَفهومُ السَّهَرِ عَلى خَلاصِ نُفوسِنا، بِمَثابَةِ كَلامٍ قَديمٍ لا يَتَناسَب مَع الكَلام الحديث وَالمُعاصِر، وَذَلِكَ لِسبَبٍ واحِد أَنَّنا نَجهَل مَذاقَ طَعم الرَّبّ الطَيّب وَاللَّذيذ، الَّذي يَستَطيع أَن يُغَيِّرَ حَياتَنا إِلى الأَفضَل.

سَمِعَ القِدّيس فَرَنسيس الأَسّيزيّ صوتَ الرَّبِّ يَقولُ لَهُ: “أَيُّهُما أَعظَم، السَيِّد أَم العَبد؟ الغَنِيُّ أَم الفَقير؟” فَأَجابَ السَيِّد وَالغَنيّ. وَنَحنُ بِدَورِنا عَلَينا أَن نُجيب على كَلِمَةِ الرَّبِّ لَنا: ماذا يَنفَعُ الإِنسان لَو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفسَهُ؟ ماذا يَنفَعُنا إِذا كُنَّا نَملِكُ كُلَّ شَيءٍ، وَنَحنُ لا نَملِكُ الحَقيقَة، وَلا نَعرِفُ الفَرَحَ وَالمَحَبَّةَ! دَعوَةُ يَسوع لَنا إِلى السَّهر، تَعني أَن نَختارَ اللهَ وَأَن تَكونَ حَياتَنا الزَّمَنِيَّة سَعيٌ مُتَواصِل لأَن نَلتَقي بِهِ. إِنَّ الرَّبَّ لا يَكشِف عَنْ ذاتِهِ لَنا، إِلَّا بِقَدَرِ ما نَحنُ نَرغَبُ في اللِّقاءِ بِهِ وَفي مَعرِفَتِهِ، لِذَلِكَ عَلَينا أَن نَفحَص ضَمائِرَنا، وَأَن نَكونَ صادِقينَ مَع أَنفُسِنا. عَلَينا أَن نَتَجَنَّب تَجرُبَة تَحجيم الرَّبّ وَفقاً لِذَوقِنا وَفِكرنا، لِئَلَّا يَكونَ سَعيُنا وَراءَ إِلَهٍ صَنَمٍ نَحنُ تَصَوّرناه.

مِثلَما ثَمَرُ الأَشجار يَأخُذُ وَقتَهُ لِكَي يَنمو وَيَنضَج، هَكَذا تَكونُ اليَقَظَةُ الرُّوحِيَّة في حَياتِنا الزَّمَنِيَّة العامِل الَّذي يُساعِدُنا عَلى تَوجيهِ كِيانِنا نَحوَ الرَّبّ حَتَّى نَنمُوَ وَنَنضُجَ وَفقاً لِعَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ فينا، حَتَّى يَحين اللِّقاءَ بِالرَّبّ. أَلَيسَ هذا ما نَختَبِرَهُ عَلى مُستَوى الصَّلاة؟ فلنطلُب مِن يَسوع نِعمَةَ الأَمانَة على الصّلاةِ وَالمـُثابَرَة ، لِكَي تَنقى صورَتَهُ فينا، فَنَزدادَ رَغبَةً وَحُبّاً وَتَوقاً إِلى اللِّقاءِ بِه. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!