مقالات

مَثَلُ الزَّارِع دَعوَةٌ إِلى التَّلمَذَة!

موقع Allah Mahabbaَمَثَلُ الزَّارِع دَعوَةٌ إِلى التَّلمَذَة!

يَسأل التَّلاميذ يَسوع: لِماذا تُكَلِّمُ الجُموعَ بِالأَمثال، يُعطيهِم جَوابَهُ مُستَنِداً على كَلِماتِ النَّبِيّ أَشَعيا؛ وَمِن خِلالِ هذا الجَواب نَجِدُ مُفتاحَ مَثَل الزَّارِع، حَيثُ يَتَكَلَّم يَسوع فيهِ عَنْ أَربَعَةِ أَنواعٍ مِنَ التُّربَة في عَلاقَتِها مَعَ الكَلِمَة، وَالأَرضُ الطَّيِّبَة هيَ بِمَثابَةِ مَنْ يَسمَع وَيَفهَم وَيَعمَل.

                في كُلِّ مَرَّةٍ نَسمَعُ مَثَلَ الزَّارِع نَسأَلُ أَنفُسَنا إِلى أَيِّ أَرضٍ نَنتَمي، لِما لا نَتأَمَّل بِالأَسباب الَّتي دَفَعَت يَسوع لِيُعطي هذا المـَثَل؟ انطِلاقاً مِن إِطارِ نَصّ مَثَل الزَّارِع، نَجِد أَنَّ الأَسبابَ تُختَصَرُ بِنُقطَتَيْن: كَلِمَةُ اللهِ، وَخِبرَةُ الرِّسالَة.

                أَوَّلاً كَلِمَةُ اللهِ، يُشَدِّد الإِنجيليّ مَتَّى على أَنَّ كُلَّ النُّبُؤاتِ قَدْ تَحَقَّقَت بِيَسوع المـَسيح، وَهوَ نَفسُهُ خُلاصَةُ الشَّريعَة وَالأَنبِياء لأَنَّهُ المَحَبَّة. يَسوع هوَ اللهُ “الكَلِمَة الَّذي بِهِ كانَ كُلُّ شَيءٍ وَبِدونِهِ ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان” (يو ١: ٣). إِنَّهُ الزَّارِع الَّذي غَرَسَ جَنَّةَ عَدْنٍ، وَالَّذي يُلقي كَلِمَتَهُ في قَلبِ الإِنسان، لِتَكونَ لَهُ روحاً وَحَياة. الرَّبَّ يَسوع الَّذي كانَ يُعَلِّمُ الجُموع عَلى مِثالِ سائِرِ الرَّابِيِّن بِالأَمثال، مَع ميزَةٍ خاصَّة بِهِ، أَنَّهُ كانَ ذاتَ سُلطانٍ، نَسمَع كَلامَهُ مَليئاً بِكَلِماتِ الكِتابِ المـُقَدَّس. يُعَلِّمُنا هذا الأَمر، أَنَّ يَسوع كانَ يَبحَثُ دائِماً عَنْ مَشيئَةِ الآبِ السَّماويّ في رِسالَتِهِ التَّبشيريَّة عَن طَريقِ تَأَمُّلِهِ بِالكِتابِ المـُقَدَّس، لِهذا نَراهُ يُجيبُ رُسُلَهُ انطِلاقاً مِنْ نُبُؤَةِ أَشَعيا، وَالَّتي كانَت تَمُدُّهُ بِالمَعنى وَالتَّعزِيَة عِندَ الفَشَلِ وعَدَمِ التَّجاوب.

                عَلاقَةُ يَسوع مَع الكِتابِ المـُقَدَّس، تَدعونا نَحنُ أَيضاً لِأَن نُصلِحَ نُفوسَنا، انطِلاقاً مِنْ إِدمانِنا عَلَى تَأَمُّلِها وَصَلاتِها وَالتَّفكيرِ بِها، وَتَعَلُّمِها مِن فَمِ الكَنيسَة المُؤتَمَنَة على تَفسيرِها، لِكَيْ نَكونَ أَرضاً طَيِّبَة، تُعطي ثِماراً كَثيرَة.

                ثانِياً خِبرَةُ الرِّسالَة أَو الحَياة، في بَعضِ الأَحيان، يُخَيَّلُ لَنا أَنَّ الجُموعَ كانَت تَتَجاوَب مَع أَعمال وَأَقوال الرَّبّ يَسوع بِشَكلٍ مُثيرٍ للدَّهشَة، فيما الأَناجيل تُبَيِّن لَنا الكَثير مِنْ خَيباتِ الأَمَل الَّتي عاشَها يَسوع، بالإِضافَةِ إِلى رَفض الفَرّيسيّينَ وَالصَّدوقِيّينَ لَهُ وَمَعَهُم الكَهَنَة وَالأَحبار. عَلَينا أَلَّا نَنسى تَأثير هَذِهِ الجَماعات على عامَّةِ الشّعب على تُربَةِ قُلوبِِهم ونَظرَتِهِم وَتفاعُلِهِم مَع كَلِمةِ يَسوع. رُغمَ خَيباتِ الأَمَلِ الكَثيرَة، يُتابِع الرَّبَّ يَسوع رِسالَتَهُ التَّبشيرِيَّة وَيُلقي كَلِمَةَ الحَياة، مِثلَ الزَّارِع؛ إِنَّهُ الرَّبُّ الخالِق. يُؤمِن يَسوع بأصحابِ القلوبِ الطّيبة، ذوي الإرادة الصّالِحَة الّذين يَتجاوبونَ مع كَلِمَتِهِ فَيُثمِرون ثِماراً وافِرَة.

                لَم يَحكُم يَسوع حُكماً مُسبَقاً على النَّاسِ لِعَدَمِ تَجاوُبِهِم مَعَ كَلِمَتِهِ، وَإِلَّا لَما أَلقى كَلِمَتَهُ الخَلاصِيَّةِ عَلَيْهِم، بَل قَيَّمَ  وَميّزَ أَسباب وَنوعيّةَ تَفاعُلِهِم مَع كَلِمَتِهِ، وَإِن أَلقاها بِأُسلوبِ المـَثَل ذَلِكَ وَفقاً لِثَقافَةِ عَصرِهِ، وَأَيضاً لِيَحتَرِمَ حُرِّيَّةَ سامِعيهِ، فَمَنْ يُريدُ أَن يَقبَلَ الكَلِمَة أَكثَر، يُطالِب بِفَهمِها أَكثَر فَأَكثَر. هُنا نَجِدُ التَّلاميذ يَسألونَ فَهمَها، وَبِهذا الفِعل أَخَذوا مَوقِعَهُم كَتَلاميذَ حَقيقيّين، يُريدونَ التَّعَلُّم، لِكَي يَعطوا ثِماراً وافِرة.

                فَلنَطُلب مِنْ يَسوع أَنْ يُعطينا رَغبَةَ التَّتَلمُذِ لَهُ، وَأَلَّا نَقِفَ عِندَ خَيباتِ الأَمَل، وَرَفضِ الآخَرينَ للسَّماعِ لَنا، أَو قَبولِنا، بَل لِنَكُنْ على مِثالِ يسوع مُثابِرينَ في عَيشِ الإِنجيل، فَنَأخُذَ الحِكمَةَ وَالتَّعزِيَة مِنهُ لِحَياتِنا اليَومِيَّة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!