مقالات

أصحيحٌ أنّ الرّبّ يسوع هو نفسُه في القُربان المـُقدّس؟

موقع Allah Mahabbaأصحيحٌ أنّ الرّبّ يسوع هو نفسُه في القُربان المـُقدّس؟.

”جسدي طعامٌ حقّ ودمي شرابٌ حقّ“ (يو 6: 55)

فيما نحتفل بعيد القُربان المـُقدّس لنُعلن جهاراً إيماننا بحُضور المسيح الفعليّ في هذا السّرّ المقدّس، شاكرينهُ على حضوره الدّائم معنا في قلب الكنيسة وفقاً لقوله: “هاءنذا معكُم طوال الأيّام إلى نهاية العالم” (متّ 28: 20)، نسمعُ فكر العالم يسألُنا كيف نُؤمن ونُصدّق أنّ المـسيح حاضرٌ معنا في قطعة خُبزٍ صغيرة؟
لقد قال لنا يسوع: “هذا هو جسدي…” (متّ 26: 26) و”من أكل جسدي وشرب دمي، فلهُ الحياةُ الأبديّة وأنا أُقيمُهُ في اليوم الأخير. لأنّ جسدي طعامٌ حقّ ودمي شرابٌ حقّ” (يو 6: 54 – 55).
هل يُعقل أن يكون يسوع حقّاً في القُربان، أم أنّ الكنيسة أرادتهُ طقساً ليتورجيّاً، لتعزيز إلتزام المُنتمين إليها؟
هل يُعقل أنّ مشيئة الله خالق السّموات والأرض أن يكون حقيقةً حاضراً تحت أعراض الخُبز والخمر؟
لا يُصدّقُ المنطق أبداً هذا الأمر، هُناك إمكانيّتان لا ثالث لهُما: إمّا يكونُ هذا إعجازاً، أو أن يكون كذبةً!

الإيمانُ المسيحيّ الكاثوليكيّ يُؤكّد على أنّهُ حقيقةً إلهيّة.
أوّلاً، حُضورُ المـسيح في القُربان، ليس أبداً وسيلة إقناعٍ للمنطق، بل على العكس هو موضوع شكٍّ، إنّهُ آيةً عُظمى. هذا يُؤكّد على أنّهُ ليس بدعةً اخترعها الرُّسُل مع نشأة الكنيسة، هدفُها المـُقارنة مع المنّ السّماويّ يوم كان موسى والشّعبُ في البرّيّة. الإفخارستيّا هي الرّبّ يسوع نفسهُ الّذي أعطى ذاتهُ لرُسُلُه في عشيّة آلامه الخلاصيّة.
ثانياً، الإفخارستيّا تتخطّى حُدود المـنطق البشريّ، وهذا يُؤكّد على طبيعتها الإلهيّة، حيثُ أنّ الله يبقى فوق الإدراك. لن نستطيع أن نفهم بقوانا سرّ الإفخارستيّا، لأنّ كُلّ شيءٍ يُفهم ويُعرف بالمـُطلق، يُصبح لنا عليه سُلطةً، بالتّالي تبقى الإفخارستيّا مُطابقةً لاسم الله عندما كُشف أوّل الأمر لموسى في العُلّيقة المـُشتعلة؛ هي أعلى جدّاً من إدراكنا.
ثالثاً، نعرف حُضور المـسيح الفعليّ في الإفخارستيّا، على مُستوى الإختبار الإيمانيّ، لا على مُستوى العاطفة والمـشاعر، وإن أُعطي لحواسّنا أن تشعُر بفضل نعمته بتعزياته الرُّوحيّة، الّتي تُشدّد إيماننا، بالإضافة إلى المُعجزات الّتي أجراها الرّبُّ من خلال حُضوره في سرّ القُربان.
رابعاً، تحويل يسوع الخُبز إلى جسده، والخمر إلى دمه، هو ذاتُ معنىً روحيٍّ عميق. الإنسانُ يحيا عن طريق الطّعام، والخُبزُ هُنا يعني هذا القوت الأساسيّ الّذي يُساعدُ الإنسان على الإستمرار في الوجود. من هُنا يُصبح جسدُ الرّبّ هو الخُبزُ النّازلُ من السّماء الّذي يُعطي الإنسان المـغفرة والحياة الأبديّة؛ إنّهُ خُبزنا الجوهريّ وفق صلاة الأبانا. الخمرُ برمزيّته يدُلُّ على الفرح، وهو حقّاً دمُ المـسيح الّذي به غسّلنا للميلاد الثّاني. لقد سفك المـسيحُ دمهُ من أجل خلاصنا، لندخُل إلى وليمة فرحه الأبديّ. لأنّ يسوع هو “الطّريق والحقّ والحياة”، من خلال حُضوره الفعليّ في سرّ القُربان، هو يقودُنا ويُدخلُنا في سرّ ملكوته الأبديّ من خلال مُشاركتنا في القُدّاس.
خامساً، الإفخارستيّا هي الإحتفالُ الأوّل الّذي قاموا به الرُّسُل بعد قيامة وصُعود الرّبّ وحُلول الرُّوح القُدُس عليهم، وبالتّالي تُؤكّدُ الكنيسة النّاشئة على أنّ الإفخارستيّا هي أوّلاً حُضور المـسيح الفعليّ والملموس مع كنيسته. ثانياً، هي ثمرةُ سرّ الفداء أي آلامه وموته الخلاصيّ. ثالثاً، هي التّأكيد على قيامته المـجيدة وعلى أُلوهيّته الّتي تتخطّى حُدود المـنطق البشريّ. رابعاً، لكونها ليست اختراعًا بشريّاً، وليست حركةً رمزيّةً، هي لا تُحقّق إلّا بحُلول الرُّوح القُدُس تأكيداً على أنّها عطيّة إلهيّة مُقدّسة. خامساً، الإفخارستيّا تُؤكّد على أنّ محبّة الله أُعطيت لنا غُفراناً وحياةً أبديّة، وهذان الأمران ليسا باستطاعة الإنسان أن يُحقّقهُما، من دون تدخُّلٍ إلهيّ. هكذا أصبح حُضورُ المـسيح معنا موسوماً بعلامة المـحبّة المـعطاءة الّتي هي بذلٌ وعطاءٌ، وغُفرانٌ وحياةٌ أبديّة.

أخيراً، أمام عظمة هذا الحُضور الإلهيّ، علينا أن نسأل أنفُسنا بصدقٍ، كيف نشكُرُ الرّبّ يسوع على حُضوره في وسطنا؟ كيف نستعدّ للمُشاركة في القُدّاس، وبأيٍّ وعيٍ إيمانيٍّ نُشارك؟ يقولُ القدّيس أُغوسطينُس: “صيروا ما تتناولونهُ”، هل نُدرك أنّنا في كُلّ مرّةٍ نتّحدُ بيسوع في سرّ القُربان، نحنُ نحملُ النُّور الإلهيّ في جسدنا، ونُعطى المغفرة والخلاص؟
لقد حوّل يسوعُ الخُبز والخمر إلى جسده ودمه الأقدسين، حتّى عندما نتناولُهُ، نتحد به، فنتحوّل بدورنا إلى ما أرادهُ بخلقنا أن نكونهُ أيّ قدّيسين بلا عيبٍ في المـحبّة. نعم نحنُ مدعُوّون إلى هذا المـجد.
فليُشكر يسوع في كُلّ زمان، وليُعبد في سرّ القُربان.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!