الإنجيل اليومي

عيد بشارة مريم العذراء 

موقع Allah Mahabba  عيد بشارة مريم العذراء

رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 3: 15 – 22

يا إٍخوَتِي، كَبَشَرٍ أَقُول: إِنَّ الوَصِيَّة، وإِنْ كَانَتْ مِنْ إِنْسَان، إِذَا أُقِرَّتْ، لا أَحَدَ يُبْطِلُهَا أَو يَزِيدُ عَلَيْهَا.

فالوُعُودُ قِيْلَتْ لإِبْراهِيمَ وَلِنَسْلِهِ. ومَا قِيْلَتْ: «ولأَنْسَالِهِ»، كأَنَّهُ لِكَثِيرِين، بَلْ «وَلِنَسْلِكَ»، كَأَنَّهُ لِوَاحِد، وهُوَ المَسِيح!

فأَقُولُ هذَا: إِنَّ وَصِيَّةً سَبَقَ اللهُ فأَقَرَّهَا، لا تُلْغِيهَا شَرِيعَةٌ جَاءَتْ بَعْدَ أَرْبَعِ مِئَةٍ وثَلاثِينَ سَنَة، فَتُبْطِلُ الوَعْد.

وإِذَا كَانَ المِيرَاثُ مِنَ الشَّرِيعَة، فَهُوَ لَمْ يَعُدْ مِنَ الوَعْد؛ والحَالُ أَنَّ اللهَ بِوَعْدٍ أَنْعَمَ بِالمِيرَاثِ على إِبرَاهِيم.

إِذًا فَلِمَاذَا الشَّرِيعَة؟ إِنَّهَا أُضِيفَتْ بَسَبَبِ الْمَعَاصِي، حَتَّى مَجيءِ النَّسْلِ الَّذي جُعِلَ الوَعْدُ لَهُ. وقَدْ أَعْلَنَهَا مَلائِكَةٌ على يَدِ وَسِيطٍ، هُوَ مُوسى.

غيرَ أَنَّ الوَاحِدَ لا وَسيطَ لَهُ، واللهُ واحِد!

إِذًا فَهَلْ تَكُونُ الشَّرِيعَةُ ضِدَّ وُعُودِ الله؟ حاشَا! فَلَو أُعْطِيَتْ شَرِيعَةٌ قَادِرَةٌ أَنْ تُحْيي، لَكَانَ التَّبْرِيرُ حَقًّا بِالشَّرِيعَة.

ولكِنَّ الكِتَابَ حَبَسَ الكُلَّ تَحْتَ الخَطِيئَة، لِكَيْمَا بالإِيْمَانِ بيَسُوعَ المَسِيحِ يُعْطَى الوَعْدُ للَّذِينَ يُؤْمِنُون.

إنجيل القدّيس لوقا 1: 26 – 38

وفي الشَّهْرِ السَّادِس (بعد بشارة زكريّا)، أُرْسِلَ المَلاكُ جِبْرَائِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِلى مَدِينَةٍ في الجَلِيلِ ٱسْمُهَا النَّاصِرَة،

إِلى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاودَ ٱسْمُهُ يُوسُف، وٱسْمُ العَذْرَاءِ مَرْيَم.

ولَمَّا دَخَلَ المَلاكُ إِلَيْهَا قَال: «أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبُّ مَعَكِ!».

فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام!

فقَالَ لَهَا المَلاك: «لا تَخَافِي، يَا مَرْيَم، لأَنَّكِ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ الله.

وهَا أَنْتِ تَحْمِلينَ، وتَلِدِينَ ٱبْنًا، وتُسَمِّينَهُ يَسُوع.

وهُوَ يَكُونُ عَظِيمًا، وٱبْنَ العَليِّ يُدْعَى، ويُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيه،

فَيَمْلِكُ عَلى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلى الأَبَد، ولا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة!».

فَقالَتْ مَرْيَمُ لِلمَلاك: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلاً؟».

فأَجَابَ المَلاكُ وقالَ لَهَا: «أَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وقُدْرَةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، ولِذلِكَ فٱلقُدُّوسُ ٱلمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱلله!

وهَا إِنَّ إِلِيصَابَاتَ نَسِيبَتَكِ، قَدْ حَمَلَتْ هيَ أَيْضًا بٱبْنٍ في شَيْخُوخَتِها. وهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الَّتي تُدْعَى عَاقِرًا،

لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ٱللهِ أَمْرٌ مُسْتَحِيل!».

فقَالَتْ مَرْيَم: «هَا أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!». وٱنْصَرَفَ مِنْ عِنْدِها المَلاك.

التأمل

ها أنتِ تَحمَلينَ وَتَلدينَ ابناً وَتُسَمّينَهُ يَسوع

مَعَ العَذراءِ مَريَم وَمِن خِلالِ شَخصِها يَتَجَلَّى لَنا وَجهَ اللهِ بِأَسمى وَأَجمَل تَجَلِّياتِهِ كَسَيِّدٍ لِلحَياة، فَهوَ يَتَوارى في حَشاها كَجَنِينٍ وَهوَ مَصدَرُ الحَياةِ عَينِها. وَتَبرُزُ مَحَبَّتَهُ الفائِقَة مِن خِلالِ سِرّ تَجَسُّدِ الكَلِمَة وَاتِّخاذِهِ الطَّبيعَةَ البَشَرِيَّة مِن حَشا تِلكَ الوالِدَة الفائِقَةِ الطُّهرِ وَالقَداسَة، حَيثُ يَحصُلُ بِالتَّمام التَّبادُلَ العَظيم، ما بَينَ اللهِ وَالإِنسان في تِلكَ المـَساحَة المـُقَدَّسَة وهيَ العَذراءُ مَريَم. إِذا أَمعَنّا التَّأَمُّلَ في مَعنى الحَمَل الإِلَهيّ، نَفهَمُ مَعنى الخَلاص الَّذي أَتى الرَّبّ يَسوع لِيُتَمِّمَهُ، حَيثُ يَتَبَنَّى اللهُ بِفَيضِ مَحَبَّتِهِ الكامِلَة اللَّامُتَناهِيَة وَالمـُطلَقَة، كُلّ الطَّبيعَةِ البَشَرِيَّة، بِما فيها مِن خَطيئَةٍ وَضُعفٍ وَهَوانٍ وَمَرَضٍ وَنَقص. إِذاً الخَلاص هوَ نِعمَةٌ مَجَّانِيَّة، يَستَدعي مَوقِفاً واضِحًا وَصَريحًا وَنِهائِيًّا مِنَ الإِنسان، يَتَمَثَّلُ بِجَوابِ العَذراءِ وَبِتَكريسِ ذاتِها للرَّبّ، لا عَلى مُستوى الحالَة الإِجتِماعِيَّة مُتَزَوِّجَة أَو عَزباء، أُمّ، أَم راهِبَة، بَل على مُستَوى الكِيان بِإِعادَتِهِ بِكُلِّيَّتِهِ لِصانِعِهِ، كَفِعلِ شُكرٍ وَامتِنانٍ على عَظائِمِهِ الّتي صَنَعَها بِها مَجدًا.

يَا بُنَيّ، أَنتَ أَيضاً مَدعُوٌّ لِتَسمَعَ البُشرى الحَسَنَة كَما سَمِعَتها أُمِّي العَذراء مَريَم. هيَ قَبِلَتها بَعدَ سُؤالٍ مُحِقّ، وَأَنتَ عَلَيكَ بِدَورِكَ أَن تَسأَلَ وَتُفَكِّرَ وَتَتَأَمَّلَ وَتُصَلِّي، حَتَّى تَعرِفَ في كِيانِكَ مَعنى الحَمَل الإِلَهيّ، إِذ تَقبَل نِعمَتي بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس، لِتَلِدَها أَعمالاً صالِحَةً، تَليقُ بِمَجدِ أَبي السَّماويّ، فَتَتَجَلَّى كَرامَتُكَ الَّتي تَجاهَلتَها وَما عَرَفتَها وَأَنتَ في حالَةِ الخَطيئَة. يَتَمَيَّزُ الزَّرعُ الإِلَهيّ بِخُصوبَةِ المـَحَبَّة، فَعِندَما تَستَضيفُ كَلِمَتي لا على مُستَوى السَّماع، بَل عَلى مُستَوى الإِصغاءِ، لا مُستَوى الفِكرَة، بَل عَلى مُستَوى القَلبِ وَالكِيان، عِندها سَتَنَل نِعمَةَ الرّوحِ القُدُس الَّتي بِواسِطَتِها سَتُمَيِّزُ عُذوبَةَ الحَياةِ الرُّوحِيَّة، عَن تعزِياتِ الحَياةِ الزَّمَنِيَّةِ الفانِيَةِ وَالباطِلَة، وَهَكَذا تَقوى إِرادَتُكَ لِتَقولَ مَعَ أُمِّي العَذراءِ مَريَم، نَعم لِلحَياة، وَأَلفُ لا وَلا لِكُلِّ ما يُخالِف الخَيرَ المـُتَأَتّي مِن لَدُنِ أَبِ الأَنوارِ السَّماوِيَّة. كَما أَنَّ الحَمَل الطَّبيعيّ يَأخُذُ مِن قُوَّةِ الجَسَدِ، هَكَذا نِعمَتي تَأخُذُ مِنكَ كُلّ ما يُسيءُ لِطَبيعَتِها، لِتُعطيكَ كُلّ ما يَجعَلُكَ تَعرف الأُلوهَة فَتَتَذَوَّقَ الفَرَحَ وَالحُبَّ وَالسَّلامَ إِذ تَخلَع عَنكَ الإِنسانَ القَديمَ لِتَلبَسَ الجَديد.

يُعرَفُ الإِنجيل أَنَّهُ البُشرى الحَسَنَة، فَهوَ لَيسَ كِتاباً، إِنَّما هوَ خَبَرٌ صارَ حَدَثاً حَقيقيّاً في صُلبِ الواقِعِ البَشَريّ، وَميزَتَهُ أَنَّهُ يُقرَأُ وَيُفَسَّر مِن خِلالِ الطَّبيعَةِ البَشَريَّة، وَأَوَّلُ تَفسيرٍ لَهُ كانَ مِن خِلالِ العَذراءِ مَريَم. عِندَما نَتَأَمَّلُ في شَخصِ مَريَم العَذراء وَبِقَبولِها لِمَشيئَةِ اللهِ عَلَيها، نَكونُ أَمامَ خَبَر البُشرى السَّارَة، فَما نَسمَعهُ نَراهُ، وَما نَراهُ نَلمُسهُ، وَما نَلمُسهُ نَعيشُهُ وَما نَعيشُهُ مِن سِرّ المـَسيحِ فينا، يُحينا لا لِحَياةٍ فانِيَةٍ، بَل لِحَياةٍ باقِيَة، لِمَجدٍ لا يَذبُلُ وَلا يَزول أَبدًا. في قَولِ المَلاكِ لِمَريَم سَتَحمَلينَ، هوَ لَم يَضَعها أَمامَ قَدَرٍ لا مَفَرَّ مِنها، بَل أَعرَبَ لَها أَنَّ مَن مَنَحَها سَلامَهُ، هوَ سَيّدُ الحَياة، وَكَلِمَتَهُ سَتُحدِث في قَلبِها آيَةَ الخَلاص. أُطلُب شَفاعَة مَريَم، وَاقبَل البُشرى السَّارَة مِنها. رَبّي يَسوع، أَنتَ الكَلِمَةُ الَّذي بِكَ كُوِّنُ كُلُّ شَيءٍ، وَأَنتَ الخَلاصُ الَّذي عايَنتُهُ بِطَبيعَتي، فَعَرَفتُ الحَياةَ فيكَ بَدَلاً مِنَ المـَوتِ الَّذي فِيَّ. هَكذا كَما صَنَعتَ بِمَريَمَ أُمِّكَ إِصنَع بي، لِأَحمِلَكَ بِقَلبي وَعلى يَدَيّ وَفي كُلِّ أَعمالي مِثلَما هِيَ حَمَلَتكَ وَكانَت بِذاتِها أَوَّلُ بُشرى عَن سِرِّ خَلاصِكَ الَّذي رَفَعتَني بِهِ لِمَجدِ أَبيكَ السَّماويّ، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!