مقالات

“السلام عليك، يا ممتلئة نعمة”!

موقع Allah Mahabba “السلام عليك، يا ممتلئة نعمة”!

أراهُ، الآبُ، يَحمِلُ على مَنكِبَيهِ رَفضَ الإنسانِ لَهُ، وهوَ خَالِقُهُ على صورَتِهِ كَمثالِهِ، دُهوراً بَعدَ دُهورٍ.
الَمُهُ، ما تَكَلَّمَ عَلَيهِ أحَدٌ. إرادَتُهُ خُلاصُ بَنيهِ، وَهُم يَنقَضُّونَ على عُهودِ بَقائِهِم وَيَنقُضونَ هَياكِلَ ذَواتِهِم.
وَكانَت صَبيَّةٌ.
أرادَ أن يأتَمِنها على الحَياةِ. أرسَلَ إلَيها مَلاكَهُ. وَتَرَقَّبَ بِقَلَقٍ. خَشِعَت وَتَمتَمَت: “أنا أمَةُ الرَبِّ… فَليَكُن لي بِحَسَبِ قِولِكَ!”
ولِلساعَةِ، إنشَقَّ حِجابُ الزَمَنِ، مِن أسفَلُ الى فَوقٍ، بِبَوحِ ذا ال”نَعَمِ”. وإنفَصَلَ الما قَبلُ عَنِ الما بَعدُ. هيَ ما طَلَبَت عَلامَةً، بَل جَعَلَت مِن حُرِيَّتِها كُلِيَّةَ المِعنى.
فيها، هيَ الواقِفَةُ أمامَ هَولِ سِرِّ الخَلقِ الجَديدِ، إتَّحَدَت أزَلِيَّةُ الله بِمَحدوديَّةِ الإنسانِ: تَكامَلا، تواصَلا، إرتَقيا.
“ها قُوَّةُ العَليِّ تُظَلِّلُكِ…” العَليُّ صارَ ظِلًّا على صَبِيَّةٍ، عَذراءَ، في أحشائِها الحَياةُ التي مِن فَوقِ، نوراً مِن نورٍ، كُلُّ الإمتِلاءِ.
يا لِسِرِّ ذُهولِ مَريمَ! المَولودُ مِنها، إلَهٌ مِن إلَه،ٍ يَبدأُ مِن جَديدٍ، هوَ الذي بِهِ كُوِّنَ كُلُّ شَيءٍ. قَلبُها سياجُهُ، بِهِ يَنبُضُ محبوباً. عُذرِيَّتُها ذُروَةُ الأمومَةِ المُنفَتِحَةِ عَلى إستِحقاقِ الألوهَةِ. بِها… يَغدو المُتأنِّسُ إبناً: هَذا إبنُ الله وإبنُ الإنسانِ.
فَيا أيَّتُها التي إنحَنى العَليُّ أمامَها، وَلِسُمُوِّهِ سَمَتَ بِعَطيَّةِ رَحَمِها الذي فيهِ سَيَصيرُ إبنُهُ بَشَراً، أعطِنا أن نُدرِكَ فيكِ أنَّ حَياتَنا الحَقَّةَ هي أن نَكونَ سُكنى الله، فَنَبلُغَ رَحَمَ صورَةَ الألوهَةِ فينا، وَنَستَحِقُّها بِكِ.
وَيا مَن بِها تَبَدَّدَت مَحدوديَّةُ الوجودِ الإنسانيِّ، إجعَلينا نُعانِقُ آفاقَ الأبَدَ، وَنَتَماهى مَعَ تآلُفِ الأَزَلِ في لامَحدوديَّةِ الآبِ الذي إستَعذَبَ “نَعَمَكِ” فَكانَ فيكِ خَفَقانَ الحُبِّ اللامُتناهيَ الَذي بِهِ خَلَّصَنا.
أيَّتُها الطُهرُ البالغ نَقاوَةَ الفَرَحِ، على إتِّساعِ السَماواتِ، إرفَعي جَوامِحَ زَمَنِنا المُتَبَعثِرَةِ والمُتلاطِمَةِ لِتَطوفَ في نورِ المُتأنِّسِ الَذي حَمَلتِهِ تِسعَةَ أشهُرٍ، فَنَتفَتَّحَ يَنابيعَ خَلاصٍ بَينَ وَهجِ الطُهرِ المَنشودِ والمُحالِ الذي غَدا فيكِ كَمالاً، وَلَكِ نَهتِفُ: “مُبارَكَةٌ أنتِ بَينَ النِساءِ، وَمُبارَكٌ ثَمَرَةُ بَطنِكِ!”

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!