مقالات

هل يلتقي البابا فرنسيس ببطريرك روسيّا في لقاءٍ تاريخيّ في لبنان؟

البابا فرنسيس وبطريرك روسيا

موقع Allah Mahabba – هل يلتقي البابا فرنسيس ببطريرك روسيّا في لقاءٍ تاريخيّ في لبنان؟

خلال رحلة عودته من مالطا، يوم الأحد الفائت، قال البابا فرنسيس، في إجابته على سؤالٍ حول الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، أنّ العمل جارٍ على لقاءٍ بينه وبين بطريرك روسيّا كيريل، والتفكير جارٍ لأنّ يتمّ هذا اللقاء في الشرق الأوسط، بحسب ما ورد على موقع فاتيكان نيوز. فهل سيتمّ هذا اللقاء في لبنان؟

عوامل مساعدة على حصول اللقاء في لبنان:

زار البابا فرنسيس العديد من دول الشرق الأوسط حتّى اليوم باستثناء لبنان. فهو قد زار تركيّا في تشرين الثاني من العام 2014 والأراضي المقدّسة في العام 2014 وكان قد بدأ رحلة الأراضي المقدّسة على الأراضي الأردنيّة. مما يقلّص من احتمال زيارة البابا من جديد لتركيّا أو إسرائيل أو الأردن. كما كان البابا قد زار أرمينيا وأذربيجان وجورجيا في العام 2016، مما يقلّص من احتمال زيارة البابا لإحدى هذه البلدان الثلاثة من جديد. كما زار الحبر الأعظم مصر في العام 2017 والإمارات في شباط العام 2019 والمغرب في آذار العام عينه وزار العراق في آذار العام الفائت، ليزور في العام عينه اليونان وقبرص.  

إن نظرنا إذًا إلى خريطة زيارات البابا إلى منطقة الشرق الأوسط وأخذنا بعين الاعتبار أنّ البابا لا يقوم بزياراتٍ ترفيهيّة ومن الصعب أن يزور البلد عينه أكثر من مرّة نظرًا لعمره، وعدم رغبته في زيارةٍ تكون مُمَيّزة لدولةٍ على أخرى أو شعبٍ على آخر، يتقلّص بذلك احتمال زيارة البابا لأحد البلدان المذكورة أعلاه مرّة أخرى. وإن أضفنا إلى هذا خمس عوامل أساسيّة، قد يرتفع احتمال أن يتمّ هذا اللقاء في لبنان. هذه العوامل الخمس، بنظرنا:  

  1. الأوّل، تأكّد زيارة البابا إلى لبنان في حزيران المقبل بعد أن أبلغ السفير الباباوي في لبنان رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة اليوم ازماع البابا زيارة لبنان في حزيران المقبل.
  2. الثاني، الوجود الأرثوذكسي الفاعل في المجتمع اللبناني، ما قد يدفع بالبطريرك كيريل بقبول حصول اللقاء في لبنان. بالأخصّ أنّ إحدى ثوابت الاستراتيجيّة الخارجيّة الروسيّة في القرون الأخيرة، هي الامتداد باتّجاه الشعوب ذات الإيمان المسيحيّ الأرثوذكسي، وروسيا السياسيّة غالبًا ما استخدمت روسيّا الكنسيّة لتحقيق ذلك.
  3. الثالث، عدم انتهاء الحرب في سوريّا بعد لكي يتمّ اللقاء هناك.
  4. الرابع، الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهوريّة اللبنانيّة إلى الفاتيكان الشهر الفائت التي جدّد فيها دعوة قداسة البابا لزيارة لبنان.
  5. الخامس، الأهميّة الخاصّة التي يعطيها البابا للبنان وعمله مع البطاركة الأرثوذكس من أجل لبنان، كما ظهر جليًّا في اللقاء الذي عُقِدَ في الفاتيكان مع جميع بطاركة لبنان الكاثوليك والأرثوذكس، في 1 تمّوز 2021.

هذه العوامل الخمس قد تجعل احتمال لقاء رأس الكنيسة الكاثوليكيّة برأس الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في لبنان محتملاً جدًّا. ما قد يُجسّد بعمق، إن حصل، قول يوحنّا بولس الثاني: “لبنان هو بلد الرسالة”.  

عوامل سلبيّة، قد لا تساعد على حصول اللقاء في لبنان:

من الناحية الأخرى قد تدخل على الخطّ عدّة عوامل سياسيّة سلبيّة قد تنقل اللقاء، إن حصل، إلى دولةٍ أخرى:

  1. الأوّل، سلسلة الاستحقاقات السياسيّة اللبنانيّة في الأشهر المقبلة: من الانتخابات النيابيّة إلى تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، التي غالبًا ما تُكسر الأرقام القياسيّة في عدد الأيّام الضروريّة لتشكيلها، إلى استحقاق انتخاب رئيس للجمهوريّة في الخريف المقبل. بينما يأتي العمل على هذا اللقاء بين بابا روما وبطريرك روسيّا، تحت وطأة الحرب الأوكرانيّة الروسيّة، وتساهم في تسريع وتيرة العمل على اللقاء الحاجة الروسيّة لمنافذ انفتاح عالميّ عليها، ما قد يدفع للقاءٍ في الأسابيع أو الأشهر المقبلة.
  2. الثاني، العمل الديبلوماسي الإسرائيلي وسعي الحكومة الإسرائيليّة للعب دور الوسيط في الحرب بين أوكرانيا وروسيّا. بالأخصّ أنّ لليمين الإسرائيلي علاقات قويّة مع بوتين من ناحية ومع الرئيس الأوكراني اليهودي من ناحية أخرى ما قد يدفع بإسرائيل بالعمل الدبلوماسي الدؤوب مع الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة والكاثوليكيّة لحصول هذا اللقاء في القدس، تحصل من خلالها على جرعة “تفويضيّة” معيّنة نتيجة لقاء الماردين الكنسيّين على أراضيها.
  3. الثالث، موقف لبنان الرسمي السلبي تجاه روسيّا في حربها ضدّ أوكرانيا. اذ أدان لبنان في الأُمم المتّحدة، مع 139 دولة أخرى، في آذار الفائت، روسيّا على حربها ضدّ أوكرانيا. ما قد يدفع بالروس تفضيل الابتعاد عن لبنان.

لكن القرار النهائي لمكان انعقاد هذا اللقاء هو بين أيدي البابا فرنسيس والبطريرك كيريل، ومن المعلوم أنّ البابا فرنسيس لا يدخل في زواريب السياسة، فهل يحصل هذا اللقاء في لبنان؟ وهل سيسعى لبنان الديبلوماسي للعمل على حصول هذا اللقاء على الأراضي اللبنانيّة؟

يُذكر أنّ البابا فرنسيس قد التقى بالبطريرك كيريل في كوبا في 12 شباط 2016، وكان أوّل لقاءٍ بين رأسي الكنيسة الكاثوليكيّة والكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة في التاريخ.