الإنجيل اليومي

مديحُ المعمدان

الإنجيل اليومي

موقع Allah Mahabba  – مديحُ المعمدان

رسالة القدّيس بولس إلى أهل قولسّي 1: 24 – 29

يا إخوَتِي، إِنِّي أَفْرَحُ الآنَ بِالآلامِ الَّتي أُعَانِيهَا مِنْ أَجْلِكُم، وأُتِمُّ في جَسَدِي مَا نَقَصَ مِن مَضَايِقِ المَسِيح، مِن أَجْلِ جَسَدِهِ الَّذي هُوَ الكَنِيسَة،

وقَدْ صِرْتُ أَنَا خَادِمًا لَهَا، وَفْقَ تَدْبِيرِ اللهِ الَّذي وُهِبَ لي مِن أَجْلِكُم، لِكَي أُتِمَّ التَّبْشِيرَ بِكَلِمَةِ الله،

ذاكَ السِّرِّ المَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ والأَجْيَال، ولكِنَّهُ كُشِفَ الآنَ لِقِدِّيسِيه،

الَّذِينَ شَاءَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُم مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ في الأُمَم: إِنَّهُ المَسِيحُ فيكُم، وهُوَ رَجَاءُ المَجد!

وبِهِ نَحْنُ نُبَشِّرُ وَاعِظِينَ كُلَّ إِنْسَان، ومُعَلِّمِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ في كُلِّ حِكْمَة، لِكَي نَجْعَلَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً في المَسِيح.

ولأَجْلِ ذَلِكَ، فإِنِّي أَتْعَبُ وأُجَاهِدُ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ العَامِلَةِ فيَّ بِقُوَّة.

إنجيل القدّيس لوقا 7: 18 – 30

دَعَا يُوحَنَّا ٱثنَينِ مِنْ تَلامِيذِهِ،

وَأَرْسَلَهُما إِلى الرَّبِّ يَقُول: «أَنْتَ هُوَ الآتِي، أَمْ نَنْتَظِرُ آخَر؟».

فَأَقْبَلَ الرَّجُلانِ إِلَيهِ وَقَالا: «يُوحَنَّا المَعْمَدانُ أَرْسَلَنا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الآتِي، أَمْ نَنْتَظِرُ آخَر؟».

في تِلْكَ السَّاعَة، شَفَى يَسُوعُ كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَعاهَاتٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَة، وَوَهَبَ البَصَرَ لِعُمْيانٍ كَثِيرِين.

ثُمَّ أَجابَ وقالَ لِلرَّجُلَين: «إِذْهَبَا وَأَخْبِرا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُما وَسَمِعْتُما: أَلعُمْيَانُ يُبْصِرُون، وَالعُرْجُ يَمْشُون، وَالبُرْصُ يَطْهُرُون، والصُّمُّ يَسْمَعُون، والمَوتَى يَقُومُون، والمَسَاكِينُ يُبَشَّرُون،

وَطُوبَى لِمَنْ لا يَشُكُّ فِيَّ».

وٱنْصَرَفَ رَسولاَ يُوحَنَّا فَبَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلجُمُوعِ في شَأْنِ يُوحَنَّا: «مَاذا خَرَجْتُم إِلَى البَرِّيَّةِ تَنْظُرُون؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُها الرِّيح؟

أَوْ مَاذا خَرَجْتُم تَرَون؟ أَرَجُلاً في ثِيَابٍ نَاعِمَة؟ هَا إِنَّ الَّذِينَ يَلْبَسُونَ المَلابِسَ الفَاخِرَة، وَيَعِيشُونَ في التَّرَف، هُمْ في قُصُورِ المُلُوك.

أَوْ مَاذا خَرَجْتُم تَرَون؟ أَنَبِيًّا؟ أَقُولُ لَكُم: نَعَم! بَلْ أَكْثَرَ مِنْ نَبِيّ!

هذَا هُوَ الَّذي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا مُرسِلٌ مَلاكِي أَمَامَ وَجْهِكَ لِيُمَهِّدَ الطَّرِيقَ أَمَامَكَ.

أَقُولُ لَكُم: لَيْسَ في مَوالِيدِ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ في مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ».

وَلَمَّا سَمِعَ الشَّعْبُ كُلُّهُ والعَشَّارُون، الَّذِينَ ٱعْتَمَدُوا بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا، إِعْتَرَفُوا بِبِرِّ ٱلله.

أَمَّا الفَرِّيسِيُّونَ وَعُلَمَاءُ التَّوْرَاة، الَّذِينَ لَمْ يَعْتَمِدُوا، فَرَفَضُوا مَشِيئَةَ ٱلله.

التأمّل

”أَنَبِيًّا؟ أَقولُ لَكُم: نَعَم! بَل أَكثَرَ مِن نَبِيّ!“

مَعَ انطِلاقَةِ بِشارَةِ يَسوع العَلَنِيَّة، نُلاحِظُ شَهادَةَ يوحَنَّا المـُدَوِّيَّةِ فيه، وَالَّتي لِكَي تَكونَ مُؤَكَّدَةً استَدعَت صَلاةً وَبَحثًا في الكُتُبِ المـُقَدَّسَة، بِالإِضافَةِ إِلى الخِبرَة الشَّخصِيَّة، وَذَلِكَ لِكَي يُزالَ مِنَ القَلبِ كُلَّ شَكٍّ وَرَيبَةٍ. مِن هُنا نَجِدُ يوحَنَّا نَفسَهُ يُرسِلُ تِلميذَينِ مِن تَلاميذِهِ لِكَي يَتَأَكَّدوا لَهُ مِن أَعمالِ يَسوعَ وَأَقوالِهِ إِن كانَ هوَ المـُخَلِّص. هوَ النَّبِيُّ الَّذي احتاجَ بِلَحظَةٍ مِنَ اللَّحَظاتِ إِلى شَهادَتَينِ بِما يَخُصُّ المـُخَلِّص، فيما نَحنُ نُذَنِّبُ أَنفُسَنا لِأَنَّنا سَأَلنا وَفَكَّرنا وَشَكَّينا رَغبَةً بِمَعرِفَةٍ وَيَقَينٍ أَكبَرَ فيهِ! صَحيحٌ أَنَّ المـَعمَدانَ ارتابَ بَعضَ الشَّيءِ لِضُعفٍ بَشَريّ حَولَ هُوِيَّةِ يَسوع، وَلَكِنَّ الرَّبَّ يَسوع لَم يُشَكِّك بِهُوِيَّة وَدَعوَةِ المـَعمَدان، لا بَل أَكَّدَ عَلَيها أَنَّها سَماوِيَّةٌ، وَمَدفوعَةٌ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس، فَقَدَّمَهُ لِمُستَمِعيهِ كَنَبِيٍّ وَأَكثَر مادِحًا وَمُطَوِّبًا إِيَّاهُ عَلى شَجاعَتِهِ وَثَباتِهِ وَإِقدامِهِ، قَبلَ أَن يُكَلَّلَ بِإِكليلِ الشَّهادَةِ تُمَسُّكًا مِنهُ بِالخَيرِ وَالحَقّ. ماذا قَصَدَ يَسوع بِأَنَّهُ أَكثَرُ مِن نَبِيٍّ؟! هَل نَرى فيهِ وَجهَ تِلميذٍ سابِقٍ لِلمَسيح؟

يَا بُنَيَّ، أُقَدِّمُ لَكَ اليَومَ يوحَنَّا المـَعمَدان كَنَبِيٍّ وَأَكثَر. نَبِيٌّ لِأَنَّهُ جاهَرَ بِالحَقّ انطِلاقًا مِن تَمَسُّكِهِ بِكَلِمَةِ الحَياةِ الَّتي عَرَفَها عَن طَريقِ الكُتُبِ المـُقَدَّسَةِ وَعَلى أَساسِها أَخبَرَ وَبَشَّرَ باسمي، مُعِدًّا الطَّريقَ أَمامَكَ وَأَمامي لِأُقبِلَ إِلَيكَ وَتُقبِلَ إِلَيَّ. هوَ نَبِيٌّ لِأَنَّهُ لَم يُساوِم لَحظَةً عَلى أَنَّ الحَقَّ في الخَيرِ مِمَّا دَفَعَ هيرودوسَ المـَلِكَ لاعتِقالِهِ. هوَ نَبِيٌّ لِأَنَّهُ عَرَفَ كَيفَ يَقرأَ علاماتِ أَزمِنَةَ واقِعِهِ، وَعلى ضَوءِ الرَّجاءِ أَعلَنَ جِهارًا وَبِثِقَةٍ عَن مَجيئي القَريب. إِنَّهُ أَكثَرُ مِن نَبِيٍّ، لا لِمَكانَتِهِ المـُمَيَّزَة في إِعدادِهِ الطَّريقَ لي، بَل لِأَنَّهُ أَحَبَّني مِن صَميمِ قَلبِهِ قَبلَ أَن يَشهَدَ عَلى أُلوهِيَّتي عِندَ عِبرِ الأُردُنّ، وَلِأَنَّهُ أَحَبَّ القَريبَ، بِغَيرَةٍ روحِيَّة قَلَّ نَظيرُها، داعِيًا الخَطَأَةَ إِلى التَّوبَة، لا بِصَوتِهِ وَحَسبُ بَل بِمِثالِهِ وَقُدوَتِهِ الجَذَّابَةِ كَالمَنارَةِ وَالنُّورِ في عَتمَةِ اللَّيل. نَعَم! هوَ أَكثَرُ مِن نَبِيٍّ، لِأَنَّ استِشهادِهِ كانَت رِفعَةَ الطُّوبى إِذ ماتَ وَهوَ مُتَمَسِّكٌ بِالحَقّ، وَلَكِنَّ صَوتَهُ لَم يَعرِف المـَوتَ أَبَدًا، إِذ مَلأَ الأَرجاءَ بِهُتافِ الظَّفَر، بَعدَما تَأَكَّدَ مِن أَنَّي أَنا الَّذي جِئتُ لِأُطلِقَ الأَسرى مِن بَيتِ الحَبس لا الماديِّ الوَقتيّ، بَل حَبسِ الخَطيئَةِ وَالمـَوتِ الأَبَديّ؛ فَبالرَّجاءِ عَرَفَ قِيامَتي.

كما كانَ وَقعُ كَلامِ يوحَنَّا بِأُذُنِ مُستَمِعيه مُؤَثِّرًا، هَكَذا أَيضًا كانَ وَقعُ شَهادَةِ يَسوع حَولَ يوحَنَّا مُدَوِّيَةً، وَذَلِكَ تَأكيدًا عَلى وَحدَةِ عَمَلِ الرُّوحِ القُدُس، وَعلى تَكامُل التَّدبير الخَلاصيّ الَّذي يَنسُجُهُ الآبُ بِعِنايَتِهِ الَّتي تُرفِقُ بِالإِنسان وَتَقودُهُ إِلى مِلءِ الحَياةِ بِالمـَسيح. شَهادَةُ الرَّبّ يَسوع بِيوحَنَّا، هِيَ فِعلُ تَشجيعٍ لِسلوكِ طَريقِ التَّوبَة الَّتي أَعلَنَها يوحَنَّا، وَالَّتي هِيَ بِمَثابَةِ الإِعداد وَالتَّنشِئَة لِقَبول الوَحي الإِلهيّ بِفِعلِ الإِيمان الحَيّ. لا تُقبَلُ التَّوبَةُ مِن دونِ صَوتٍ مُدَوٍّ، فَهوَ يُحَرِّكُ الضَّمائِر، وَبِذَلِكَ يُؤَكِّد عَلى فِعلِ نَبَوِيَّتِه الَّتي تَحَثُّ على قَبول كَلِمَةِ اللهِ وَالعَيشَ وَفقًا لِلحَقِّ وَالحَياة المُقَدَّمَينِ نِعمَةً لِلمـُؤمِن انطِلاقًا مِنَ عَلاقَتِهِ بالله. كُن اليَومَ نِبِيًّا وَأَكثَر، عَن طَريقِ قَبولِكَ لِكَلِمَةِ الرَّبّ يَسوع.

رَبّي يَسوع، أَمامَكَ سارَ يوحَنَّا المـَعمَدانُ بِصَوتِهِ الصَّارِخِ مُخاطِبًا ضَمائِرَ النَّاس، وَأَنتَ أَتَيتَ إِلَيَّ بِكَلِمَتِكَ المـُغَلَّفَةَ بِصَمتِكَ الدَّافِئِ الَّذي بِهِ تُعِدُّ القَلبَ لِيَقبَلَ رَحمَتَكَ مَعَ شُعورٍ مَليءٍ بِالحَنان. إِلَهي أَنتَ قُلتَ فيهِ أَنَّهُ أَعظَمُ مِن نَبِيٍّ، لِأَنَّ الحُبَّ الَّذي خَصَّكَ بِهِ، جَعَلَهُ يَعظُمُ في عَينَيكَ وَعيونِ النَّاس، فَهَبني أَن أُحِبَّكَ بِغَيرَتِهِ المـُتَّقِدَةِ، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل مديحُ المعمدان”أَنَبِيًّا؟ أَقولُ لَكُم: نَعَم! بَل أَكثَرَ مِن نَبِيّ!“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!