الإنجيل اليومي

إنجيل الكلمة المتجسّد

الإنجيل اليومي

موقع Allah Mahabba  – إنجيل الكلمة المتجسّد

رسالة القدّيس بولس إلى أهل قولسّي 1: 9b – 20

يا إخوَتِي، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَمْلأَكُم مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، في كُلِّ حِكْمَةٍ وفَهْمٍ روحِيّ،

لِتَسِيرُوا كَمَا يَلِيقُ بِالرَّبِّ في كُلِّ مَا يُرْضِيْه، مُثْمِرينَ في كُلِّ عَمَلٍ صَالِح، ونَامِينَ بِمَعْرِفَةِ الله،

مُتَقَوِّينَ كُلَّ القُوَّةِ بِحَسَبِ عِزَّةِ مَجْدِهِ، بِكُلِّ ثَبَاتٍ وطُولِ أَنَاة،

وَبِفَرَحٍ شَاكِرِينَ الآبَ الَّذي أَهَّلَكُم لِلشَّرِكَةِ في مِيراثِ القِدِّيسِينَ في النُّور؛

وهُوَ الَّذي نَجَّانَا مِنْ سُلطَانِ الظَّلام، ونَقَلَنَا إِلى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ،

الَّذي لَنَا فيهِ ٱلفِدَاء، أَي مَغْفِرَةُ الخَطَايَا:

إِنَّهُ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ المَنْظُور، بِكْرُ كُلِّ خَليقَة،

لأَنَّهُ بِهِ خُلِقَ كُلُّ شَيءٍ في السَّمَاواتِ وعلى الأَرْض، مَا يُرَى ومَا لا يُرَى، عُرُوشًا كَانَ أَمْ سِيَادَات، أَمْ رِئَاسَات، أَمْ سَلاطِين، كُلُّ شَيءٍ بِهِ خُلِقَ وإِلَيه؛

وهُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيء، وبِهِ يَثْبُتُ كُلُّ شَيء،

وهُوَ رأْسُ الجَسَد، أَيِ ٱلكَنِيسَة. إِنَّهُ المَبْدَأ، أَلبِكْرُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، لِكَي يَكُونَ هُوَ الأَوَّلَ في كُلِّ شَيء،

لأَنَّهُ فيهِ رَضِيَ اللهُ أَنْ يَسْكُنَ المِلْءُ كُلُّهُ،

ويُصَالِحَ بِهِ الكُلَّ مَعَ نَفسِهِ، مُسَالِمًا بِدَمِ صَلِيبِهِ، مَا عَلى الأَرْضِ كَانَ أَمْ في السَّمَاوَات.

إنجيل القدّيس يوحنّا 1: 1 – 18

في البَدْءِ كَانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كَانَ مَعَ الله، وكَانَ الكَلِمَةُ الله.

كانَ الكَلِمَةُ هذَا في البَدْءِ معَ الله.

كُلُّ شَيءٍ بِهِ كُوِّن، وبِغَيْرِهِ مَا كُوِّنَ أَيُّ شَيء.

كُلُّ مَا كُوِّنَ بِهِ كَانَ حَيَاة، والحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاس،

والنُّورُ في الظُّلْمَةِ يَسْطَع، والظُّلْمَةُ لَمْ تَقْوَ عَلَيْه.

كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ الله، إِسْمُهُ يُوحَنَّا.

جَاءَ يُوحَنَّا هذَا لِلشَّهَادَة، لِيَشْهَدَ لِلنُّور، فَيُؤْمِنَ الجَمِيعُ عَلى يَدِهِ.

مَا كَانَ هُوَ النُّور، بَلْ جَاءَ يَشْهَدُ لِلنُّور،

لأَنَّ النُّورَ الحَقيقيّ، الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان، كانَ آتِيًا إِلى العَالَم.

في العَالَمِ كَانَ الكَلِمَة، والعَالَمُ بِهِ كُوِّن، والعَالَمُ مَا عَرَفَهُ.

إِلى بَيْتِهِ جَاء، وأَهْلُ بَيْتِهِ مَا قبِلُوه.

أَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبِلُوه، وَهُمُ المُؤمِنُونَ بِٱسْمِهِ، فَقَدْ أَعْطَاهُم سُلْطَانًا أَنْ يَصيرُوا أَولادَ الله،

هُمُ الَّذين، لا مِنْ دَمٍ، ولا مِنْ رَغْبَةِ جَسَد، ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا.

والكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وسَكَنَ بَيْنَنَا، ورَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ٱبْنٍ وَحيد، آتٍ مِنَ الآب، مَلآنَ نِعْمَةً وحَقًا.

لَهُ يَشْهَدُ يُوحَنَّا، وقَدْ هَتَفَ قَائِلاً: «هذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ فِيه: إِنَّ الآتي ورَائِي قَدْ صَارَ قُدَّامي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلي».

أَجَل، مِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ كُلُّنَا أَخَذْنَا نِعْمَةً تِلْوَ نِعْمَة.

عَلى يَدِ مُوسَى أُعْطِيَتِ التَّوْرَاة، وعَلى يَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ صَارَتِ النِّعْمَةُ والحَقّ.

أَللهُ مَا رَآهُ أَحَدٌ البَتَّة: أَلٱبْنُ الوَحِيدُ الله، الكَائِنُ في حِضْنِ الآب، هُوَ الَّذي أَخْبَرَ عَنْهُ.

التأمّل

”وَالكَلِمَةُ صارَ جَسَدًا وَسَكَنَ بَينَنا“

مِنَ العاداتِ الجَميلَة الَّتي تُمارَسُ بِشَكلٍ خاصّ في القُرى وَالرّيف، هيَ الإِستِضافَة، حَيثُ لا يَشعُرُ الغَريبُ بِغُربَتِهِ، إِنَّما يَجِدُ نَفسَهُ عُضوًا مِن أَعضاءِ الأُسرَة. في العَهدِ القَديم، أَوصى اللهُ شَعبَهُ بِإِكرامِ الغُرَباء، لِأَنَّهُم كانوا غُرَباءَ يَومَ نَزَلوا أَرضَ مِصرَ، وَبَعدَها عادوا وَسُبِيوا إِلى بابَل. في العَهدِ القَديمِ عَرَفَ شَعبُ اللهِ حُضورَ إِلَهِهِ في وَسَطِهِ يَومَ خَرَجَ مُنتَصِرًا مِن أَرضِ مِصر عابِرًا البَحرَ بِظَفَرٍ عَظيم، وَبَعدَها عَرَفَ سُكناهُ في وَسَطِهِم مِن خِلالِ خَيمَةِ المـَوعِد، حينَها استَضافَ الشَّعبُ إِلَهَهُ بِتَقوىً وَمَخافَةٍ وَحُبٍّ وَإكرامٍ، وَلَكِن فيما بَعد يَومَ أَرادَ أَن يَكونَ لَهُم مَلِكٌ كَسائِرِ المـُلوك، أَصبَحوا يَنظُرونَ إِلى المـَظاهِرِ الخارِجِيَّة، وَأَرادوا لَهُ هَيكَلًا، وَكَأَنَّهُ يُقيمُ في بُيوتٍ مِن صُنعِ الأَيدي! بِهذا الفِعل، فَصَلوا حُضورَ اللهِ عَن حَياتِهِم اليَومِيَّة، لِيَسجُنوهُ في مَكانٍ خاصّ. “الكَلِمَةُ صارَ جَسَدًا وَسَكَنَ بَينَنا”، يَعني الإِنجيليّ يوحَنَّا أَمرَين: أَنَّ الرَّبّ أَخَذَ على عاتِقِهِ مِلءَ ضُعفِنا، وَحُضورَهُ أَصبَحَ دائِمًا في صُلبِ حَياتِنا اليَومِيَّة.

يَا بُنَيَّ، بَعدَما احتَرتَ مِن رَغبَةِ قَلبِكَ الَّتي تَشُدُكَ إِلى فَوق، وَأَنتَ لا تَستَطيعُ بِمَحدودِيَّتِكَ أَن تَصِلَ إِلى هذا الفَوقِ المـَجهولِ عَلى عَقلِكَ وَالبَعيدِ عَن عَينَيكَ، أَتَيتُ إِلَيكَ لابِسًا كُلَّ إِنسانِيَّتِكَ كَيما تَجِدَ فِيَّ ما يَصبو إِلَيهِ قَلبُكَ مِن رَغبَةٍ بِمَعرِفَتي وَمِن حاجَةٍ للإِتِّحادِ بي بِفِعلِ الحُبّ. وَبَعدَما ظَنَنتَ أَنَّ جَسَدَكَ مِن لَحمٍ وَدَمٍ وَأَهواءٍ يَمنَعُكَ عَنِّي، صِرتُ لَكَ بِذاتي جَسَدًا مُتَّخِذًا إِيَّاهُ مِن حَشا أُمّي العَذراءِ مَريَم، لِأَقولَ لَكَ أَنِّي قَدَّستُ جَسَدَكَ هذا الضَّعيف، لِتَتَصالَحَ مَعَ نَفسِكَ، وَتُدرِكَ أَنَّ ما ظَنَنتَهُ يَمنَعُكَ عَنِّي جَعَلتَهُ حُبًّا بِكَ سُلَّمًا إِلَيّ. بَعدَ تَجَسُّدي لَم يَعُد كَلامُكَ يَتَّصِلُ بِالعَقلِ وَالفَمِ وَالنُّطقِ وَاللِّسانِ، لا بَل صارَ عَلَيكَ أَنتَ بِدَورِكَ أَن تَكونَ بِكُلِّيَّتِكَ كَلِمَةَ حَياةٍ وَمَحَبَّة، بَدءًا مِن مَواقِفِكَ وَخَياراتِكَ وَقراراتِكَ والتِزامَاتِكَ، أَي في كُلّ نَهجِ حَياتِكَ. بَعدَ تَجَسُّدي ما عادَ الإِنسانُ يَستَطيعُ أَن يَأسُرَني في مَكانٍ وَزَمانٍ، صارَ عَلَيهِ أَن يَلتَقي بي بِوَجهِ كُلِّ إِنسان. لَقَد نَصَبتُ خَيمَتي عِندَكَ لِأَنَّني أَرَدتُ أَن أُسكُنَ عِندَكَ، لا لِساعَةٍ وَيَومٍ، إِنَّما إِلى انقِضاءِ الدُّهور. تَعالَ إِلَيَّ، فَإِنيّ لَكَ هُنا، تَعالَ وَالمـُسني حُبًّا في إِنسانِيَّتِكَ.

“الكَلِمَةُ صارَ جَسَدًا، وَسَكَنَ بَينَنا”؛ لَقَد كانَ وَقعُ هَذِهِ الآيَة الإِنجيليَّة مُدَوِّيًا وَما زالَ، وَبِسَبَبِ ما تَحمِلُ مِن حَقيقَةٍ إِلَهِيَّة، صارَت إِشكالِيَّة جِدالٍ وَخِصامٍ وَعَداء. كَيفَ للهِ الأَزَليّ أَن يَصيرَ جَسَدًا، بِما فيهِ هذا الجَسَدُ مِن ضُعفٍ وَوَهنٍ وَمَحدودِيَّةٍ وَعَجز؟! كُلُّ تَفسيرٍ خارِجَ المـَحَبَّة يَبقى قابِلًا للشَّكِّ وَللرَّيبَةِ وَحَتَّى لِلنَّقدِ، أَمَّا في المـَحَبَّة يُصبِحُ الفَهمُ فِعلَ إِيمانٍ، حَيثُ تَرى عُيونَ القَلبِ سُكنى اللهِ في التَّاريخ. في التَّجَسُّدِ لَم يَعُد حُضورُ اللهِ في العالَم مَحصورًا وَمُتَوَقِّفًا فَقَط عِندَ البُعدِ الرُّوحيّ، إِنَّما صارَ حَيًّا وَمَلموسًا في الإِنسان يَسوع النَّاصِريّ، بِكُلّ ما قالَ وَفَعَلَ. لَم يَحصُر “الكَلِمَةُ” حُضورَهُ بِما اتَّخَذَهُ مِن جَسَدٍ مِن مَريَم، إِنَّما بِالقِيامَةِ تَمَدَّدَ في الكَنيسَة؛ كُن عَلامَةً حَيَّةً وَاشهَد لَهُ.

رَبِّي يَسوع، أَنا الّذي أَخافُ مِن ضُعفي وِمِنَ اللهِ لِما فيَّ مِن ضُعفٍ وَخَطيئَة، فيما أَنتَ لا تَخافُ مِن ضُعفي وَلا مِن خَطيئَتي، وَقَد صِرتَ إِنسانًا مِثلي، لا لِتَقولَ فَقَطَ بَصوتٍ عالٍ: اللهُ مَحَبَّة! إِنَّما لِتُثَبِّتَني فيكَ أَنتَ المـَحَبَّة، فَأَقبَلَ ذاتي فيكَ، وَأَستَضيفَكَ في قَلبي حَيثُ أُصبِحُ أَنا بِدَوري مَسكِنًا لَكَ، لِأَنَّكَ أَرَدتَني لَكَ سَماء، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل إنجيل الكلمة المتجسّد ”وَالكَلِمَةُ صارَ جَسَدًا وَسَكَنَ بَينَنا“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!