الإنجيل اليومي

ثلاثاء النّسبة

الإنجيل اليومي

موقع Allah Mahabba  – ثلاثاء النّسبة

الرسالة إلى العبرانيّين 11: 7 – 11

يا إخوَتِي، بِالإِيْمانِ أُوحِيَ إِلى نُوحٍ بِأُمُورٍ لَمْ تَكُنْ بَعْدُ مَرْئِيَّة، فَٱتَّقَى الله، وبَنَى لِخَلاصِ بَيْتِهِ سَفِينَة، دَانَ بِهَا العَالَم، وبالإِيْمَانِ صَارَ وَارِثًا لِلبِرّ.

بِالإِيْمَانِ أَطَاعَ إِبْرَاهِيم، لَمَّا دَعَاهُ الله، لِيَخْرُجَ إِلى المَكَانِ الَّذي كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَرِثَهُ. فَخَرَجَ وهُوَ لا يَدرِي إِلى أَينَ يَذْهَب.

بِالإِيْمَانِ نَزَلَ في أَرْضِ المِيعَادِ كَمَا في أَرْضٍ غَرِيبَة، وأَقَامَ في خِيَامٍ مَعَ إِسْحقَ ويَعقُوبَ الوارِثَينِ معَهُ لِلوَعْدِ عَيْنِهِ،

لأَنَّهُ كانَ يَنْتَظِرُ المَدِينَةَ ذاتَ الأَسَاسَاتِ الثَّابِتَة، الَّتي صَانِعُهَا ومُبْدِعُهَا هُوَ الله.

إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 12 – 20

قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا هُوَ نُورُ العَالَم. مَنْ يَتْبَعُنِي فَلَنْ يَمْشِيَ في الظَّلام، بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الحَيَاة».

فَقَالَ لَهُ الفَرِّيسِيُّون: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ، فَشَهَادَتُكَ غَيْرُ صَادِقَة».

أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «وإِنْ أَشْهَدْ أَنَا لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي صَادِقَة، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وإِلى أَيْنَ أَذْهَب. أَمَّا أَنْتُم فَلا تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي، ولا إِلى أَيْنَ أَذْهَب.

أَنْتُم كَبَشَرٍ تَدِينُون، وأَنَا لا أَدِينُ أَحَدًا.

وإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ هِيَ، لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا والآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.

لَقَدْ كُتِبَ فِي تَوْراتِكُم أَنَّ شَهَادَةَ ٱثْنَينِ هِيَ صَادِقَة.

فَأَنَا الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، ويَشْهَدُ لِيَ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي».

فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ أَبُوك؟». أَجَابَ يَسُوع: «لَسْتُم تَعْرِفُونِي أَنَا، ولا أَبِي، ولَو عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُم أَبِي أَيْضًا».

قَالَ يَسُوعُ هذَا الكَلام، وهُوَ يُعَلِّمُ فِي الهَيْكَل، عِنْدَ خِزَانَةِ المَال، ومَا قَبَضَ عَلَيْهِ أَحَد، لأَنَّ سَاعَتَهُ مَا كَانَتْ بَعْدُ قَدْ حَانَتْ.

التأمّل

”لَستُم تَعرِفونَني أَنا ولا أَبي“

          لا يَقومُ مِقياسُ المـَعرِفَة وَفقَ الكِتابِ المـُقَدَّس عَلى كَمٍّ مِنَ المـَعلومات، وَلا هوَ تَطبيقٌ لِمَنطِقٍ صائِبٍ وَحِكْمَةٍ رَفيعَة، إِنَّما يَعني صورَةً رَمزِيَّةً عَن العَلاقَةِ الحَميمَة الَّتي تَربِطُ الزَّوجَيْن بِبَعضِهِما البَعض، أَيْ مَعرِفَةً خاصَّةً وَمُشتَرَكَةً تَتَّصِلُ بِاللِّقاءِ بَينَ شَخصيَنِ أَو أَكثَر، وَهيَ على مُستَوى آخَر مِنَ العَلاقات، مَنوطَة بِالمـَحَبَّة في أَسمى تَجَلِّياتِها. أَن تَعرِفَ اللهَ، هذا لا يَعني أَن تَعرِفَ عَنْهُ، إِنَّما أَن تَدخُلَ في عَلاقَةٍ حَقيقيَّةٍ مَعَهُ تَبْلُغُ بِكَ إِلى حُدودِ مَعرِفَتِهِ العَميقَةِ لَكَ. عِندَما أَشارَ الرَّبُّ يَسوع لِليَهود عَلى أَنَّهُمْ لَمْ يَعرِفوهُ، بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لا يُريدونَ أَنْ يَدخُلوا مَعَهُ في عَلاقَةٍ شَخصِيَّة، وَمِنْ هُنا نَفهَمْ لِماذا كانوا يُريدونَ أَن يَصطادوهُ بِكَلِمَةٍ، وَكانوا يُريدونَ قَتلَهُ. لَمْ يَكُنْ يَسوعُ مُحتَرَمًا مِن أَهلِ بَيْتِه، وَلا مَقبولًا، بَلْ مُضطَهَدًا، فيما كانَ واثِقًا أَنَّهُ في إِنسانِيَّتِهِ هُوَ النُّور الحَقّ لِلعالَم. رَبطُ يَسوعَ مَعرِفَتِهِ بِمَعرِفَةِ الآب، تُشير إِلى أَنَّ مَنْ يَدخُل في عَلاقَةٍ حَقيقيّةٍ مَعَهُ، يَصِل إِلى مَعرِفَةِ جَوهَرِهِ كَإِبنٍ لله، وَهُنا استِنارَةُ الحُبّ.

          يَا بُنَيَّ، في أَضواءِ نوري تَتَعَرَّفُ على ذاتِكَ عَلى وَجهٍ وَقِياسٍ آخَر، إِذْ تَتَأَكَّدُ أَنَّكَ مَخلوقٌ على صورَتي كَمِثالي. على ضَوءِ كَلِمَتي تَعرِفُ أُذُناكَ وَقعَ الحَقِّ الَّذي يُخاطِبُ عَقلَكَ وَفِكرَكَ لِيَتَطَهَّرَ وَيَتَنَقَّى كِيانُكَ كُلَّهُ فَيَستَنيرَ لا بِمَعرِفَةٍ مَعلوماتِيَّة، إِنَّما بِقُوَّةِ صَلاةٍ تَأَمُّلِيَّةٍ عَقلِيَّة وَقَلبِيَّة في الآنِ مَعًا. تَأَكَّدْ أَنَّكَ لَنْ تَستَطيعَ أَنْ تَعرِفَ اللهَ عَلى وَجهٍ مُطلَق، إِنَّما هُوَ مَنْ يَعرِفُكَ وَبِهذِهِ المـَعرِفَةِ نَفسِها يُشرِكُكَ لِتَكتَشِفَ بُنُوَّتَكَ لله الَّتي إِذا عِشتَها، تُصبِحُ أَنتَ نورًا مِنْ نورِهِ فَتُنيرَ العالَم. لا تَسْمَح لِفِكرِ العالَمِ أَنْ يَسجُنَكَ بِقَناعَةٍ أَنَّكَ إِذا لَمْ تَعرِف اللهَ عَلى وَجهٍ كامِلٍ مَعرِفَةٍ عِلمِيَّةٍ وَمَنطِقِيَّةٍ فَلسَفِيَّة لا تَعبُدَهُ. هذا جَهلٌ ما بَعدَهُ جَهلٌ، أَنتَ تَتَعَرَّفُ عَلَيَّ عَنْ طَريقِ ما كَشَفتَهُ لَكَ بِمِلءِ الوَحيّ في تَجَسُّدي، وَهُنا جَوابُكَ وَغَوصُكَ في مَعرِفَتي يَكمُنانِ فَقَط في الإِيمان الَّذي مِنْ دونِهِ لا تَستَطيع قبولي كَنورٍ لَكَ وَلِلعالَمِ كُلِّهِ. في مَعرِفَتِكَ لي تَتَعَرَّفُ عَلى الآب، وَفي ثَباتِكَ فِيَّ تَعرِفُ أَنَّكَ بي وَمَعي إِبنًا للهِ، فَما تَعودُ تَستَطيعُ أَنْ تَحيا إِلَّا لِمَجدِهِ القُدُّوس، بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ الَّذي يُزَيِّنُكَ وَيُغنيكَ بِمَواهِبِهِ الثَّمينَة وَالمـُثمِرَة.

          يَستَطيعُ الإِنسانُ أَن يُتابِعَ عُلومًا وَدُروسًا كَثيرة، بِما فيها عِلمُ اللَّاهوت، وَلَكِنْ إِذا لَمْ يُنَمِّي روحَ التَّقوى وَالإِيمانِ فيهِ، لَنْ يُجديهِ الأَمرُ نَفعًا، لا بَلْ يَضَع نَفسَهُ في مَوقِعِ الإِدانَة. يَجِبُ أَنْ يوسِمَ الإِيمانُ كُلَّ أَبعادِ حَياةِ الإِنسانِ وَأَنْ يَأخُذَ مَكانَتَهُ الخاصَّة في كُلِّ قِواهِ وَحواسّهُ لِيَبلُغَ إِلى صَميمِ القَلب. قالَ يَسوعُ لِليَهود: “لَستُم تَعرِفوني أَنا، وَلا أَبي”، هذا لِأَنَّهُمْ جَعَلوا مِنَ اللهِ فِكرَةً وَمَفهومًا، لا شَخصًا حَيًّا يَدخُلُ في تاريخِهِم الحاضِرِ وَيُحاوِرُهُم الآن وَهُنا. كُنْ مُنتَبِهًا أَيُّها الإِنسان على أَنَّ الإِيمانَ يَدفَعُكَ لِتَدخُلَ بِمَعرِفَةِ اللهِ عَنْ طَريقِ عَلاقَةٍ شَخصِيَّة وَحَميمَة يَبنيها هُوَ مَعَكَ، وَيَدعوكَ أَنتَ أَيضًا لِتُشيدَ مَعَهُ البِناء عَنْ طَريقِ عَيشِكَ لِلمَحَبَّة بِأَعمالِ الرَّحْمَة.

          رَبِّي يَسوع، صَحيحٌ ما تَقولَهُ أَنا لا أَعرِفُكَ عَلى وَجهٍ صَحيح، أَنا أَعرِفُ عَنْكَ، وَخطيئَتي أَنَّي غالِبًا ما سَجَنْتُكَ بِمَفهومٍ وَفِكرَةٍ، وَلَمْ أَدخُل في عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَعَكَ. أَمَّا اليَوم أُريدُ أَن أُصغي لِنِداءات الحَياة الَّتي تَبْعَثُها في قَلبي، حَتَّى تَكونَ عِبادَتي لَكَ تَتميمًا لِمَشيئَتِكَ فَأَزدادَ مَعرِفَةً لَكَ بِقُوَّةِ مَحَبَّتِكَ الَّتي بِها تُحييني، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل ثلاثاء النّسبة ”لَستُم تَعرِفونَني أَنا ولا أَبي“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!