مقالات

الله يُشتَم، فلندافع عنه!

يستيقظ فينا فجأةً اندفاعنا الحماسيّ في الدفاع عن إيماننا المسيحي ورموزنا وقدّيسينا، كردّة فعل على بضعة كلمات يستفزّنا بها آخر ليعبّر من خلالها عن انحدار أخلاقه ودناوة مستواه الفكري في التعاطي والتعبير عن آرائه… بيد أنّه لم يستوقفني اليوم هذا الشخص وكلماته النابعة عن قلّة إدراكٍ وفَهم لحقائق السّماء، بل يثير إعجابي شبابنا المسيحي الذي لا ينزع الشتيمة عن لسانه، وحدّث ولا حرج عندما يُشتَم الربّ…
نشتم الله كدلالة على رجوليّتنا… نشتم الله ونتفاخر بمسيحيّتنا… نشتم الله في جلسات ليالينا، على طاولات لعب الورق، في أحاديث سهراتنا، في مجادلاتنا السياسيّة، ونتفاخر…
نشتم الله، نحن المسيحيّون، فهل ما زلنا نعرفه؟ نشتمه ألف مرّة كلّ يوم، بطرقٍ عديدة، وبوسائل متنوّعة، وما زلنا نتفاخر…

أيّها المسيحيّون، الذين اسمُكم من اسم المسيح، من الذي أعمى عيونكم عن رؤية الله يُشتَم على أفواهكم؟ من الذي حجّر قلوبكم عن لمس قيَم الله الذي دعانا للتمثّل به؟
أتساءل: تلومون هذا الآخر لأنه شتم صليب ربّنا؛ هل عاش هذا الانسان، ولو مرّة واحدة، خبرة شخصيّة مع الربّ يسوع؟ هل يعرف حقاً من هو إلهنا؟ أمّا أنتم، الذين ولِدتُم بالنعمة، وقد عشتم حياة المسيح في داخلكم، وتتشاركون معه سرّ آلامه وموته وقيامته، كيف تستطيعون أن تشوّهوا صورته فيكم كلّ مرة تصدر الشتائم منكم، متماهين مع روح هذا العالم؟

يستيقظ فينا فجأة شعورنا الجبار في الدفاع عن مسيحيّتنا، وكم نحن، بأوقاتٍ شتّى، بعيدين كلّ البعد عن قيَم المسيح وأخلاقه. يا ليتنا شباب أقوياء نجاهر بإيماننا بالمسيح على ألسنتنا، نجاهر به دون خوف وتردّد أمام عالمٍ بأمسّ الحاجة إلى رؤية مسيحيّين حقيقيين، شهود للمسيح…
على حدّ قول البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني: “إنّ البشرية في الألفيّة الثالثة بحاجة إلى شباب أقوياء في الإيمان وأسخياء في خدمة إخوتهم. إنها تحتاج إلى شباب يحبّون المسيح وإنجيله” (18 آب 2001).

أيّها المسيحيّون، ليكن فينا ما في المسيح من الأخلاق والأفكار، ولنبقَ على اتّحاد الرّوح بغير شقاق، “فنَصِلَ بأجمعنا إلى وحدة الإيمان بابنِ الله ومعرفتِهِ، ونصير الانسان الراشد ونبلغ القامة التي تُوافِق كمال المسيح” (أفسس 4: 13).

يا يسوع الوديع والمتواضع القلب إجعل قلبنا مثل قلبكَ!

مفاتيح