تابعونا على صفحاتنا

مقالات

حاجِزُ الخوف وَقُوَّةُ اسمِ يَسوع نِعمَةٌ تُعِدُّنا للميلاد!

لَيسَت المـُغرَياتُ وَالأَهواءُ وَالخَطايا تَخُصُّ النَّاس الخَطَأَة وَالأَشرار فَقَط، بَل تَعني أَيضًا مَنْ يَعيشونَ البَرارَةَ وَالفَضيلَةَ في حَياتِهِم. عِنَدَما نَتَأَمَّلُ في أَحداثِ البِشارَةِ مَعَ زَكَرِيَّا وَمَريَم ويوسُف نَكتَشِفُ عُنصُرَ الخَوفِ حاضِرًا، هوَ السِّمَةُ الأَساسِيَّة للإِنسانِ الصائِرِ نَحوَ المـَوت. هذا الخَوف الَّذي إِمَّا يَمضي بِنا إِلى الخَطيئَةِ أَم يَمضي بِنا إِلى عَيشِ النِّعْمَة. عِندَما سَمِعَ يُوسُفُ النَّجَّارَ إِبنَ داود بِخَبَرِ الحمَلِ الإِلَهيّ، نَراهُ في حالَةِ خِشيَةٍ وَخَوفٍ وَارتِياعٍ كَبير. مِنْ جِهَةٍ هوَ يُدرِكُ تَمامًا طَهارَة وَنَقاوَة مَريَم العَذراء، وَمِنْ جِهَةٍ ثانِيَة يَعلَمُ جَيِّدًا أَحكامَ الشّريعَةِ وإِنْ أَخَذَ بِها، يَكونُ ظالِمًا تُجاهَ خِطِّيبَتِهِ مَريَم. صَحيحٌ أَنَّ يوسُفَ قَدْ خافَ وارتَعَبَ مِنْ واقِعِ البِشارَة، وَلَكِنْ لَمْ نَراهُ يَثأَر مِن مَريَم، وَلَمْ يَجعَل مِنَ الشريعَة وَسيلَةَ زورٍ لِيَحْكُمَ عَلَيها، هادِفًا لِتَبريرِ نَفسِهِ ولاستِعادَةِ شَرَفِهِ وَكرامَتِهِ أَمامَ النَّاس. ميزَةُ يوسُف أَنَّ خوفَهُ كانَ جِزءً مِنْ طاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ لله، وَكانَ قَرارَهُ الهروبَ، وَبِالتَّالي تَغيير ظُروفَ حَياتِهِ لِأَنَّهُ لَم يَستَطِع أَن يَفهَمَ قُوَّةَ تَدُخُّل الله في حَياتِهِ وَحَياة مَريَم، وَلَم يَستَطِع الخُروجَ مِنْ إِنسانِيَّتِهِ الضّعيفَة الخائِفَة.
حالَمَا قَرَّرَ يوسُف تَركَ مَريَم، تَدَخَّلَ اللهُ بِواسِطَةِ مَلاكِهِ في حَياتِهِ بِطَريقَةٍ سِرِّيَّة في الحُلُمِ لِيَشفيهِ مِنْ عَدَمِ فَهمِهِ وَلِيُحَرِّرَهُ مِنْ خَوفِهِ الإِنسانِيِّ الطّبيعيّ. أَتى تَدَخُّلَ المَـلاك في الوَقتِ الَّذي يَسمَح لِيُوسف أَن يَختَبِرَ قُوَّةَ النِّعمَةِ الإِلَهيَّة في تَمامِها. أَتى في الوَقتِ الَّذي أَصبَحَ فيها يوسُف مِنْ دونِ دِفاعاتٍ وَمِن دونِ أَيِّ سَنَدٍ. في عُمْقِ وَحدَتِهِ وَعِزلَتِهِ واضطِرابِهِ، وَفي صَميمِ نَومِهِ العميق الَّذي يَحمِل عَلاماتِ الإِضطرابِ النِّفسيّ وَالسّعي للهروبِ مِنْ واقِعِهِ، هُناكَ خاطَبَهُ الرَّبّ في لاوَعيِهِ مُحيطًا إِدراكَهُ بِالنُّور، وكاشِفًا لَهُ عَنْ إِسمِ المـُخَلِّص يَسوع.
يوسُف الَّذي ساوَرَهُ الشَّكَّ في سَعيِهِ لَفهِمِ حَمَلِ مَريَم الإِلَهيّ. كَيفَ أَنَّها مِنْ ناحِيَةِ أُمِّها هيَ مِنْ سلالة اللَّاوييّن، وَمِنْ ناحِيَةِ والِدِها مِنْ سِبط يَهوذا، أَيْ مِنْ بَناتِ داود، وَالمـُخَلِّص المـَوعود، أَي المـَسيحُ المـُنتَظَر يَجِبْ أَن يَكونَ والِدَهُ مِن بَيتِ داود. لَمْ يَكُنْ يَدري تَدبيرَ اللهِ الخَفيّ، إِلى أَن دَعاهُ المـَلاك لِيَكونَ المـَسؤولَ الأَوَّل عَنْ تَسمِيَةِ الوَلَدِ، واسمُهُ يَسوع. صَحيحٌ أَنَّ اللهَ في تَدبيرِهِ الإِلَهيّ إِستَثنى يُوسُف مِنْ فِعل الزَرع البَشَريّ، لِأَنَّ الكَلِمَة المـُتَجَسِّد هَو ابنُ اللهِ حَقًّا، وَلَكِنَّهُ عادَ وَمَنَحَهُ شَرَفَ تَسمِيَةِ إبنِهِ المـَولودِ في الجسَد، وَبِذَلِكَ أَعطاهُ سُلطانًا عَلى رِعايَتِهِ وَتَربِيَتِهِ. مِنْ جِهَةٍ إِسمُ الطِّفلَ أَعطى لِيُوسُفَ نِعمَةَ التَّحَرُّرَ مِنَ الشَّكِ وَالخَوفِ وَالإِرتِياب، وَأَعطاهُ فَوقَ ذَلِكَ نورَ المـَعرِفَة وَنِعمَةَ الأُبُوَّةِ الرُّوحِيَّة، وَمِنْ جِهَةٍ ثانِيَة أَخَذَ يَسوعُ مِنْ يوسُفَ الإِرتِباطَ التَّاريخيّ وَفقًا لِوعودِهِ السّابِقَة في العَهدِ القَديم.
ما فَعَلَهُ الرَّبَّ مَع يوسُف، هوَ تَمامًا ما يُريدُ أَن يَفعَلَهُ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنَّا. لِكُلِّ واحِدٍ مِنَّا مَخاوِفَهُ وَنَقائِصَهُ، وَضِعفَهُ وَأَهواءَهُ. وَكُلُّ واحِدٍ مِنَّا يَرغَبُ بِوَعيِهِ وَإِدراكِهِ أَمْ بِلاوَعيِهِ بِمَعرِفَةِ اللهَ وَمشيئَتَهُ القُدُّوسَة، وَكُلُّنا نَجِدْ أَنَّ لَدَينا عَقَباتنا الخاصّة وَمِنْ بَينِها مَخاوِفُنا. صَحيحٌ أَنَّنا نَصِل بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات إِلى حائِطٍ مَسدود، وَلا نَعُدْ نَرى أَمامَنا إِلَّا طَريقَين إِمَّا المـُواجَهَة أَو الهُروب، وَعِندَما نَختَبِرُ إِرادَتَنا نَجِد أَنَّنا ضُعفَاءَ حَتَّى في اتِّخاذِ قَرارٍ حُرّ، هُنا نَختَبِرُ نِعمَةَ اللهِ الَّتي تُشَدِّدُ حُرِّيَّتَنا لِيَكونَ خَيارُنا صَحيحًا وَقَرارُنا حُرًّا، وَلَكِنْ في طَريقٍ جَديد، هوَ طَريقُ المـَشيئَةِ الإِلَهيَّة.
ميزَةُ يوسُفَ أَنَّهُ أَصغى جَيّدًا لِلمـَلاكِ في الحُلُمِ، وَقَدْ خاطَبَهُ الرَّبُّ في الحُلُمِ لِيُزيلَ كُلَّ عائِقٍ يَمْنَع يُوسُف مِنَ الإِنصاتِ وَالفَهمِ وَالإِدراك. ما فَعَلَهُ الرَّبَّ مَعَ يوسُف إِذْ أَخَذَ مِنْهُ اسمَهُ وما كانَ يَزعَم أَنَّهُ شَرَفَهُ وَكَرامَتَهُ، يُريدُ أَن يَفعَلَهُ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنَّا. يُريدُ أَن يُحَرّرَنا مِنْ مَفاهيمَنا الخاطِئَة وَتَصَوُّراتِنا المـُشَوَّهَة تُجاهَهُ. يُريدُ أَن يَنزَعَ مِنْ قُلوبِنا الأَحكامَ الخاطئَِة، وَيُبعِد إِرادَتَنا عَنْ القَراراتِ الخاطِئَة، لِنَكونَ كما يُوسُف مَسؤولينَ عَنْ دَعوَتِنا الخاصَّة الَّتي تُشَكِّلُ مِدماكًا أَساسِيًّا في مَشروعِهِ الخَلاصيّ. كُلُّ هذا نراهُ قَدْ تَحَقَّقَ في حَياةِ يوسُفَ النَّجّار، بِقُوَّةِ إِسمِ يَسوع الإِلَهيّ.
حالَما أَدرَكَ يوسُف أَنَّ يسوع هوَ المـُخَلِّص الَّذي سَيَرفَع خَطيئَةَ العالَم، بما فيهِ خَطاياهُ، تَحَرَّرَ فَورًا مِنْ خَطاياهُ وَمَخاوِفَهُ كُلُّها، وَباتَ المـَسؤول الأَوَّل عَنْ إِعلانِ الإِسم الإِلَهيّ لَيسَ فَقَط عِندَما سَيُدَوَّن وَيُكتَتَبْ في سِجّلَّات الأَمبراطورِيَّةِ الرّومانِيَّةِ في بَيتَ لَحم، وَلَكِنْ أَوَّلًا أَمامَ هَواجِسِهِ وَمَخاوِفِه وَشُكوكِهِ وَخَطاياه. لَقَدْ ائتُمِنُ يُوسف على إِعطاءِ الإِسمِ للطِّفل، وَنَحنُ بِقَدَرِ ما نَحمِلُ إِسمَ يَسوع في قُلوبِنا وعُقولِنا وفي أَفكارِنا وَحواسّنا وَعلى أَلسُنِنا، سَنُدرِكُ لِلحالِ أَنَّهُ يَجعَلُ مِنَّا خَلقًا جِديدًا مُحَرَّرينَ مِنْ الخَوفِ وَالخَطيئَة، وَعِندَئِذٍ نَستَطيعُ مُواجَهَةَ كُلّ صُعوباتِ وَتَحَدِّياتِ الحَياةِ بِرباطَةِ جَأشٍ وَحُرِّيَّةِ قَلبٍ وَتَوطيدِ ضَميرٍ نَقيّ،

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام