تابعونا على صفحاتنا

مقالات

مَع يَسوع نَقرَأ أَحداثَ العالَم لِنَختارَ الثَّباتَ فيهِ إِلى الأَبَد!

لَطالَما إِنشَغَلَ الإِنسانُ القَديم عَبرَ التاريخ في الماوَرائِيَّاتِ، وَتَساءَلَ حَولَ كَيفِيَّةِ نِهايَةِ العالَم. في بَعضِ الحَقَباتِ مِنَ التَّاريخ ظَنَّ البَعض أَنَّ النِّهايات أَصبَحَت وَشيكَة، وَالعُلَماء المـُختَصُّونَ في حَياةِ كَوكَبِنا يُطلِقونَ مِنْ حينٍ إِلى آخَر نَظَرِيَّاتِهِم العِلمِيَّة حَولَ نِهايَةِ الحَياةِ على الأَرض لِأَسبابٍ مِنها التَّغَيُّر المـُناخيّ وَمُضاعَفاتِ التَلَوُّث البيئيّ الَّذي يُهَدِّد الكائِنات بِالزَّوال. أَيضًا عَلى مُستَوى الأَديان بِشَكلٍ عامّ، نَجِدْ حَيِّزًا كَبيرًا يَختَصُّ بِالنِّهاياتِ ودَينونَةِ العالَم. صَحيحٌ أَنَّ الوَعيَ الإِجتِماعيّ في عَصرِنا الحاليّ لا يَتَناوَل بِشَكلٍ عام وَدائِم مَوضوع نِهايَة العالَم، وَكَأَنَّهُ أَمرٌ سَيَحصُلُ في وَقتٍ ما، وَلَكِن الحَقيقَة الأَكيدَة الَّتي عَلَينا أَن نَكتَرِث وَنَهتَمّ لَها، هيَ أَنَّ وجودَنا الشَّخصيّ عَلى هَذِهِ الأَرض لَنْ يَستَمِرّ وَمَصيرُنا الحَتميّ الَّذي لا يُمكِنُنا الهُروبَ مِنْهُ البَتَّة هوَ المـَوت. تَحُثُّنا هذِهِ الحَقيقَة عَلى البَحثِ عَنْ قيمَة وَمَعنى وُجودِنا وَذَلِكَ بِمَوقِفٍ جَدِّيٍّ وَصادِق.
أَعطى اليَهودُ لِهَيكَلِ أُورَشَليمَ أَهَمِّيَّةً مُبالَغٌ بِها بِخاصَّةٍ الصَدوقِيّين مِنهُم وَالَّذينَ كانَ رُؤساءَ الكَهَنَة وَالمولَجينَ في خِدمَتِهِ يَنتَمونَ إِلَيهِم. بِصَريحِ العِبارَة كانوا هُم أُولى المـُستَفِدينَ مِنْهُ مَعنَوِيًّا وَمادّيًّا. لَقَد اعتَقدوا أَنَّهُ لَنْ يَزولَ إِلى الأَبَد لِأَنَّهُ مَسكِنُ الله وَسطَ شَعبِهِ. سَخَّروا كُلَّ طاقاتِهِم وَإِمكانِيَّاتِهِم وَوَجَّهوا الشَّعبَ لِإِكرامِ هذا الهَيكَل وَتَقديسِه؛ إِنَّهُ قُبلَةُ أَنظار الأُمَّة كُلَّها وَمركَزُ وَحدَتِها. هذا ما يَجعَلُنا نَفهَم لِماذا واجهوا يَسوع بِشَراسَةٍ مُطلَقَة حَتَّى المـَوت. في الوَقت الَّذي باتَ اليَهودُ مُندَهِشينَ في زَخرَفاتِ الهَيكَل وَجمالِهِ الهَندَسيّ وَالفَنّي، أَعلَنَ يَسوع أَنَّهُ لَنْ يَبقى مِن حِجارَتِهِ حَجَرًا عَلى حَجَر. لَقَدْ سارَ يَسوعُ هُنا عَلى خَطِّ إِرمِيا النَّبيّ، مُستَأصِلًا كُلَّ رَجاءٍ مادّيّ لِيُعيدَ الرَّجاءَ لِلهِ وَحدَهُ. لَمْ يُؤَكِّد وَيَجزُم يَسوعُ في تَعليمِهِ فَقَط عَلى زَوالِ الهَيكَل، بَل وَسَّعَ الآفاقَ إِلى واقِعِ الحياةِ الإِنسانِيَّة الَّتي لمْ تَعرِف الرَّاحَةَ وَالهُدوءَ وَالسَّلام مِنْ جَرَّاءِ إِستِمرارِيَّةِ العُنفِ وَالقَتلِ وَالدَّمارِ فيها.
في الوَقتِ الَّذي رَبَطَ البَعض أَهَمِّيَّة ثَبات هَيكَل أُورَشَليم وارتِباطِهِ في مَجيءِ المـَسيح، حَذَّرَ الرَّبَّ يَسوع مِنَ المـُسَحاءَ الدَّجالين، وَمِنْ التَّعاليمِ الضَّالَّة. لَيسَتْ المـُعتَقَداتُ الدّينيَّة هيَ الَّتي تُعطي العَلامَة الأَكيدَة لِمَعرِفَة المـَسيح الحَقيقيّ، بَلْ حُضورَهُ وَثِمارَ أَقوالِهِ وَأَعمالِه وارتِباطِها بِنُبُوءاتِ العَهدِ القَديم. مِن هُنا لَمْ يَعُد يُجدي نَفعًا التَّركيزُ عَلى هَيكَلِ أُورَشَليم، ما دامَ الشَّعبُ قَدْ أَهمَلَ وَصايا اللهِ وَكَلامَهُ الحَقّ. لَمْ يَعُدْ يُجدي نَفعًا التَّركيز عَلى مَسيحٍ يَبني قُوَّتَهُ عَلى قَتلِ الأَعداء وَبَسط مَملَكَة إِسرائيل، وَهوَ لا يَستَطيعُ أَن يُعطي خَلاصًا أَبَدِيًّا. لَمْ يَعُد يُجدي نَفعًا التَّركيز عَلى عالَمٍ خالِيًا مِنَ الحُروب، في وَقتٍ تَتَفاقَمُ الشُّرور في قُلوبِ البَشَر. مَلَكوتُ اللهِ الَّذي نادى بِهِ الرَّبّ لَيسَ عالَمًا وَهمِيًّا أَو ماورائيّ، بَعيد وَغَريب عَنْ الواقِع الإِنسانيّ الهَشّ وَالمَريض، بل هوَ إِشعاعٌ سماويّ في قَلبِ ظُلُماتِ العالَم.
تَمَيَّزَ تَعليمُ الرَّبّ يَسوع في الحَقيقَة الَّتي حَمَلَها لِمُستَمِعيهِ وَالتَعزِيَّةَ الَّتي تَشفي قُلوبَ المـُؤمِنين. لَمْ يَعِدْ الرَّبَّ يَسوع تَلاميذَهُ وَأَتباعَهُ بِتَعزِياتٍ أَرضِيَّة وَغِنائِم إِزدِهارٍ وَرِبحٍ وَنَجاحٍ لِوَقتٍ سَيَنتَهي، لا بَلْ دَفَعَهُمْ لِيَكونوا دائِمًا في حالَةٍ مِنَ اليَقَظَةِ وَالسَّهَرِ وَالوَعي وَالتَّنَبُّهِ وَالحَذَر مِنْ عالَمٍ لا يَعرِفُ الإِستِقرارَ وَالسَّلامَ وَالأَمان. شَدَّدَهُم لِيُواجِهُوا الإِضطِهادَ وَالمـَوت، لا بِكَلامٍ شاعريّ يُحَرِّكُ العُنفُوان، بَلْ بِحَقيقَةِ الإِيمان القائِم عَلى عهدِ اللهِ الأَبَديّ، الَّذي سَيُنصِفُ مُختاريه مُعطِيًا إِيَّاهُمْ حَياةً أَبَدِيَّة.
يَكفينا أَن نَتَأَمَّلَ في التَّسَلسُلِ التَّعليميّ للرَّبَّ يَسوع لنَتَعَلَّمَ مِنْ فَمِهِ الإِلَهيّ الدَّرسَ وَالأُمثولَة لِحَياتِنا حَتَّى إِذا ما جَرَحَتنا الحياةِ لِأَيّ سَبَبٍ وَظَرفٍ ما، نَجِدُ القُوَّةَ وَالتَّعزِيَةَ في كَلامِهِ الحَيّ لَنا. أَوَّلًا يُعَلِّمُنا الرَّبَّ يَسوع أَلَّا نَبني أَحلامَنا عَلى هَياكِلَ خارِجيَّة مُزخرَفَة. فنَهتَمُّ لِبناءِ بُيوتَنا الأَرضِيَّة أَكثَر مِن بَيتِنا السَّماويّ. يُعَلِّمُنا أَلَّا نَضِلَّ بِسَبَبِ الأَفكار وَالفَلسَفات وَالمـُعتَقداتِ الإِيديولوجِيَّة، وَرُبَّما بِسَبَبِ أَهوائِنا وَأَنانِيَّتِنا الذّاتِيَّة، فَنَجعَلَ سِواهُ مَسيحًا وَمُخَلِّصًا لَنا، وَنَحنُ نَربُطُ حَيثِيَّات أَحداث حَياتِنا بِرَغَباتِنا وَلَيسَ بِمَشيئَةِ اللهِ الحَقَّة. يُعَلِّمُنا الرَّبَّ أَيضًا، أَن نَأخُذَ الأُمثولَة الجَيِّدَة مِنْ كُلّ ما يَجري مِن حُروبٍ في العالَم بَينَ الأُمَم، وَذَلِكَ بِسَبِبَ رَفض التَنَوُّع وَالإِختِلاف الإِنسانيّ وَالثَّقافي وَالدّينيّ وَالإِتنيّ، إِلَخ. هُنا لا نَستَطيعُ الثَّباتَ إِذا لَم تَكُنْ كَلِمَتُهُ بِقُوَّةِ روحِهِ القُدُّوس ثابِتَة في قُلوبِنا لِكَيْ نَشهَدَ للرَّبّ في حَياتِنا. يَمضي بِنا يَسوع لِنَنظُرَ إِلى أَسبابِ الشرور إِنطِلاقًا مِمَّا يَحدُثُ مِنْ مَشاكِل وَتَوتُّراتٍ وَرَفضٍ وَعُنفٍ في بُيوتِنا الشَّخصِيَّة وَفي عَلاقاتِنا العائليَّة وَالإِنسانِيَّة، وَأَلَّا نَضَعَ آمالَنا في أَحَدٍ إِلَّا بِهِ وَحَدَهُ لِأَنَّهُ مَسيحُنا وَمُخَلِّصُنا. يَدعونا الرَّبّ في وَسَطِ المِحنَة لِئَلَّا نَخاف، بَل لِأَن نُصَلِّي وَنَطلُبَ نِعمَةَ روحِهِ القُدُّوس، فلا نَعتَمِدُ على ذَواتِنا، بَل عَلَيهِ وَحدَه، وَأَن نُؤمِنَ إِيمانًا ثابِتًا، أَنَّهُ مَهما جَرى في حَياتِنا، لَنْ تُفقَدَ شَعرَةً مِنْ رؤوسِنا إِلَّا بِعِملِ أَبينا. قُوَّتُنا وَثَباتُنا نَستَمِدُّهُما مِنْ إِسمِ يَسوع، وَهَكَذا تُعطى لَنا الغَلَبَةُ عَلى المـَوتِ بنِعمَةِ قِيامَتِهِ المـَجيدَة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام