موقع Allah Mahabba إِلَهُ الأَحياءِ يُحيينا بِقِيامَتِهِ فَنَكونَ خَلقًا جَديدًا في المَحَبَّة!
لطالَما سَأَلَ وَفَكَّرَ وَبَحَثَ الإِنسانَ عَنْ مَصيرِهِ، وَعَمَّا يوجد بَعدَ المـَوت. هَل يوجَد هُناكَ مِن حَياةٍ وَاستِمرارٍ لَهُ أَم لا؟ وإِذا نَعَم، فَكَيفَ سَيكون ذَلِكَ؟ طالَما الجَسَد يَتَحَلَّل إِلى أَن يُصبِح تُرابًا، فَتَتَحَقّق آيَة الكِتاب: “أُذكُر يا إِنسان أَنَّكَ تُراب، وَإِلى التُّرابِ تَعود”. في أَحاديثنا العامَّة نَقول: “مين راح ورِجِع؟” أَيْ لا أَحدَ ماتَ ثُمَّ قام. وَيَسوعُ قَد قالَ لَنا يَومًا: “لا أَحَدَ يَصعَدَ إِلى السَّماءِ، إِلَّا الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء”. وَبَعدَ ذَلِكَ شاهَدَهُ الرُّسُل وَشَهِدَت لَهُ الكَنيسَة أَنَّهُ ماتَ ثُمَّ قامَ، وَبِالتَّالي أَصبَحَ هوَ وَحدَهُ ذاتُ السُلطانِ لِيُخبِرنا عَن الحَياة الأَبَدِيَّة، أَو عَمَّا نُسَمّيهِ الوُجودَ بَعدَ المـَوت.
لَيسَ الأَمرُ هُنا مَنوطًا بِفَلسَفَةِ التَّقَمُّص، فَلا وجودَ لَها على الإِطلاق في الإِيمانِ المـَسيحيّ، وَإِن كانَت اجتِهادًا فِكريًّا وَفَلسَفِيًّا ذو قِدَمٍ في تاريخِ الإِنسان تَحَوَّل في بَعضِ المـُجتَمَعاتِ إِلى دينٍ وَمُعتَقَد. الأَمرُ هُنا يَتَعَلَّق بِجَوهَر الإِيمانِ بِالله في ذاتِهِ وَفي تَصميمِهِ الخَلاصيّ الَّذي أَعدَّ لَنا مَلَكوتَهُ حَياةً أَبَدِيَّة. في أَيَّامِنا هَذِهِ كَثُرَ الَّذينَ لا يَعتَقِدونَ بِوجودِ حَياةٍ أَبَدِيَّة أَو إِستِمرارِيَّة لِحَياةِ الإِنسانِ بَعدَ المـَوت، وَكأَنَّهُ كائِنٌ ظَرفيّ يوجَد لِمُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الزَّمَن، مِن دونِ سَبَب وَمِن دونِ غايَة وَمَعنى وَهَدَف، وَبَعدَ ذَلِكَ يَموت كَسائِر الكائِناتِ المـوجودة على سَطحِ الأَرض. أَيضًا في أَيَّامِ يَسوع وَعلى الرُّغمِ مِن تَدَيُّنِ المـُجتَمَع بِشَكلٍ عام، وَاعتِناقِهِ لِلمُعتَقداتِ الدينيَّة، كانَ الصَدوقِيّونَ يُجاهِرونَ عَلَنًا بِعَدَمِ إِيمانِهِم بِالقِيامَة وبِالحَياةِ الأَبَدِيَّة، على الرُّغمِ مِنْ إِيمانِهِم بوجود الله وتَمَسُّكِهِم بِكُتُب التَّوراة الخَمسَة.
تَوَجَّهَ الصَدوقِيّونَ إِلى يَسوع بِسُؤالٍ يَخُصُّ الحَياةَ الأَبَدِيَّة مِن مُنطَلَقِ التّشريع الخاص في الزواج وَالمـَذكور في سِفر تَثنِيَةِ الإِشتِراع. لَمْ يَكُنْ جَوابُ الرَّبِّ، ذو مَنحًى قانونيّ وَتَشريعيّ، بَل ذو بُعدٍ لاهوتيّ وَروحيّ، إِنطِلاقًا مِن طَبيعَةِ اللهِ القُدُّوس وَالحَيّ الَّذي وَإِن خَلَقَ كُلَّ الأَشياءَ مِنَ العَدَم وَأَخرَجَها إِلى الوُجود، ذَلِكَ لِسَبَبٍ وَهَدَفٍ وَغايَةٍ ذاتُ مَعنًى عَظيم. لِأَنَّ اللهَ حَيٌّ في ذاتِهِ، وَقَد تَدَخَّلَ وَدَخَلَ في التاريخ وَفي صُلبِ حَياةِ الإِنسان وَخاطَبَ الآباءَ قَديمًا، وأَظهَرَ ذاتَهُ لِموسى في العُلَّيقَة، فَهوَ بِالتَّالي أَرادَ للإِنسانِ الخَلاصَ لا مِنْ مَشاكِلِ الحَياةِ وَأَحداثِها المُؤلِمَة وَحَسب، وَلا بِهَدَفِ إِتِّباعِ شَريعَتِهِ وَحَسِب، بَل لِبُلوغِهِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة. هذا ما عادَ وَأَكَّدَ عَلَيهِ في تَجَسُّدِ الكَلِمَة وَفي خَتمِ الصَّليبِ وَالقِيامَة المـَجيدَة.
لَيسَ وجودنا الزَّمَنيّ ظَرفيّ ومِن دونِ مَعنًى، بَلْ يَتَّصِل مُباشَرَةً بِقَصدِ اللهِ وَمَشيئَتِهِ وَبِمَحَبَّتِهِ لَنا. إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، لَيسَ بِإِمكانِنا قِراءَة تَدَخُّل اللهَ في التاريخ بِهَدَفِ تَنظيمِ وجودِنا أَو بِهَدَفِ إِتِّباعِ شَريعَتِهِ وَوَصاياه طَوالَ حَياتِنا وَبَعدَ ذَلِكَ يَكونُ المـَوتُ مَصيرُنا، في وَقتٍ نَحنُ نُصارِعُ أُنفُسَنا بَينَ أَهواءِ الجَسَدِ وَرَغباتِ الرُّوح في كُلِّ لَحَظَة. وجودُنا بِحسَبِ تَصميمِ الله وَما كَشَفَهُ لَنا مِنْ خِلالِ الرَّبَّ يَسوع أَصبَحَ طَريقَ تَوبَتِنا لِبُلوغِ الحَياةِ الأَبَدِيَّة.
عِندَما سَأَلَ الصَدوقِيُّونَ الرَّبَّ يَسوع لِأَيِّ زَوجٍ تَكونُ المَرأَة بَعدَ المـوت بَعدَما كانَت تَزَوَّجَت سَبعَة رِجالٍ وَفقًا للشَّريعَة-إِذا كانَ هُناكَ مِنْ حَياةٍ أَبَدِيَّة. مِنْ خِلالِ جَواب يَسوع لَهم، نَفْهَم أَنَّ الزَّواجَ مَقرونٌ في الحَياةِ الزَّمَنِيَّة، بَينَما الحَياة الأَبَدِيَّة، قائِمَة عَلى العَلاقَة الشَّخصِيَّة وَالمُباشَرَة مَع الله. ماذا يَعني هذا؟ أَوَّلًا يُؤَكِّدُ كَلام الرَّبَّ يَسوع لَنا، مَكانَتَنا كَأَشخاصٍ ذاتُ كَرامَةٍ في عَينَيهِ مَدعُوُّونَ لِلوُلوجِ أَكثَر فَأَكثَر في مَعرِفَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ وَعِبادَتِهِ في الحَياةِ الأَبَدِيَّة. ثانِيًا، إِذا كانَتْ غايَة الزَّواج الحُبّ وَالتَّناسُل، فَفي الحَياةِ الأَبَدِيَّة يُصبِحُ الحُبُّ أَكثَرَ نَقاءً وَغَيرَ مُتَّصِلٍ في حاجَةِ التَّناسُل، وَبِالتَّالي تُصبِح العَلاقَة مَعَ الَّذين عِشنا وَإِيَّاهُم عَلاقَةَ مَحَبَّة مَلائِكيَّة مُتَحَرِّرَة مِنْ كُلِّ القُيود وَغَير مُتَّصِلَة بِصِلاتِ القُربَة، بَل قائِمَة عَلى قُوَّة الرُّوحِ القُدُس الفائِقَة. ثالِثًا، الطّبيعَة المَلائِكيَّة لِكِيانِنا القائِمِ مِنْ بَينِ الأَموات، تَعني ثَلاثَةَ أُمورٍ: التَّحَرُّر مِنَ الأَهواء وِالخَطايا وَالرَّذائِل المـُتَّصِلَة بِطَبيعَة الجَسَد التُرابِيَّة وَالواقِع الإِنسانيّ، فَيَتَظَهَّرَ كِيانُنا الحَقيقيّ وَفقًا لِجَوهَرِهِ “صورَة الله كَمِثالِه”. التَحَرُّر مِنْ البُعد المَكانيّ وَالزَّمانيّ، بِحَيثُ أَنَّنا في حَضرَةِ اللهِ أَي في الحَياةِ الأَبَدِيَّة. وَأَخيرًا تُصبِح عَلاقَتُنا بِاللهِ المُثَلَّثِ الأَقانيم مُباشَرَة فَنُسَبِّحَهُ وَنُمَجِّدَهُ وَنَتَهَلَّلَ بِفَرَحِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَسَلامِهِ إِلى الأَبَد. وميزَةُ هذا التَّحَوُّل المـُقَدَّس، أَنَّنا لا نَذوبُ في اللهِ ولا في بَعضِنا البَعضَ كما نِقطَةُ الماءِ في المـُحيطِ الواسِع، بَلْ كَما أَنَّ اللهَ إِلَهٌ واحِد في ثَلاثَةِ أَقانيم، يَكونُ كُلُّ واحِدٍ ذاتَهُ في وَحدَةِ المـَلَكوت الأَبَديّ.
مَعَ يَسوع الَّذي عاشَ حَياتَهُ بَتولًا، مُكَرِّسًا شَخصَهُ لإِعلانِ مَلَكوتِ الله الآب، وَالَّذي أَخصَبَ بِمَوتِهِ وَقِيامَتِهِ، فَوَلَدَنا ولادَةً ثانِيَة لِرَجاءٍ سَعيدٍ وَحَياةٍ أَبَدِيَّة، نُدرِك وَنُؤمِن أَنَّنا ما وُلِدنا في العالَم لِنَعيشَ في العَبَثِيَّةِ وَالضّياعِ وَاللّامَعنى وَنَكونَ أَبناءً لهذا العالم، بَلْ لِنَعبُرَ مِنْهُ كَما الطِّفلُ يَخرُجُ مِنْ أَحشاءِ أُمِّهِ إِلى الحَياة. لَقَد سَطَعَ عَلَينا نورُ قِيامَة الرَّبَّ يَسوع لِئَلَّا نَعيشَ في الظُّلمَة، لِأَنَّ كُلّ مَن آمَنَ بِاسمِهِ قَد صارَ إِبنًا لله بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس. فَلنَطْلُب مِنَ الرَّبّ أَن نَعيشَ رَجاءَ إِيمانَنا طَوالَ حَياتِنا. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام





