موقع Allah Mahabba أَرِ نَفسَكَ المـَريضَةَ لِيَسوع وَهوَ يَشفيك!
يُخبِرنا الإِنجيليّ لوقا أَنَّ جَماعَةً مِن عَشرَةِ بُرصٍ تَوَجَّهوا إِلى يَسوع صارِخينَ عَنْ بُعدٍ طالِبينَ مِنهُ الرَّحمَة، وَالسُؤالُ هُنا، لِماذا تَوَجَّهُوا إِلَيهِ بَعدَما كانُوا قَدْ تَوَجَّهُوا سابِقًا إِلى كَهَنَةِ الهَيكَل؟ لِماذا طَلَبوا مِنْهُ الرَّحمَة؟ وَلِماذا قالَ لَهُمْ أَن يَذْهَبوا إِلى الكَهَنَة بَعَدَما كانوا قَدْ تَوَجَّهوا إلَيهِم سابِقًا؟ ما نَعرِفُهُ عَنْ تَقاليدِ المـُجتَمَع اليَهوديّ القَديم أَنَّ الأَحكام المـَنوطَة بِمَرضى البُرص تَقضي عَلى المـُصاب بِالبَرَص أَن يَذهَبَ إِلى الكاهِن لِيَكشِفَ عَلى حالَتِهِ عَنْ بُعد، وَبَعدَئِذٍ يَطلُبُ مِنْهُ أَن يَمضي إِلى خارِجِ المـَديَنة لِكَيْ يَكونَ بَعيدًا عَنْ المـُجتَمَع. هَكَذا تَكَوَّنَتْ مَجموعاتٍ مِنْ مَرضى البُرصِ يَعيشونَ خارِجَ المـُدُنِ في القَفرِ وَالبَراري إِلى أَن يَنالوا حَتفَهُم.
واقِع وَحالَة البُرص تُذَكِّرُ شَعبَ اللهِ بِحالَةِ مَنْ أَخطَأوا تُجاهَ اللهِ والشّريعَة، فَتَفرِض عَلَيهِم بِحَسَبِ لاهوتِ التَّحريم الَّذي صيغَ بِشَكلٍ واضِح في سِفر يَشوع بِن نون، أَن يُفصَلوا عَنْ مُجتَمَعِهِم، وَكأَنَّهُمْ بِذَلِكَ يَستَأصِلونَ المَرَضَ وَالخَطيئَة مِنْ جَسَدِ شَعبِ اللهِ لِئَلَّا يُصابَ كُلُّهُ. نَكتَشِف هُنا أَنَّ الخَطيئَة تَعدي وَتَأذي المـُجتَمَع كُلُّهُ، تَمامًا مِثلَما يَحدُثُ مَع المـُصابينَ بِالبَرَص. إِذا أَخَذنا مَوضِع المـُصابِ بِالبَرَصِ نَشَعُرُ بِحالَةِ اللَّعْنَة لِأَنَّهُ مَرذولٌ وَمَنبوذٌ مِنَ المـُجتَمَع وَلَيسَ لَهُ أَيُّ مَكانٍ فيه، وَوَفقًا لِلمـُعتَقَدِ اليَهوديّ مَلعونٌ أَيضًا مِنَ الله. هذا ما يَجعَلُنا نَفَهمْ طَلَبْ العَشرَةِ بُرْص الرَّحمَةَ مِنْ يَسوع. هذا ما يُساعِدُنا لِنَفهَم مَوقِف الإِيمان الَّذي أَعلَنوهُ وَلَو عَنْ بُعدٍ أَمامَهُ، إِذْ رأَوا فيهِ مَصدَرَ الرَّحمَة وَواسِطَتِها عَلى الأَرض.
مَجموعَةٌ مِنْ عَشَرِة أَشخاص كُلُّها مُصابَة بِمَرَضِ البَرَص، هذا يَدُلُّ عَلى أَمرَين بِبُعدٍ رَمزيّ: قُوَّة الخَطيئَة الَّتي أَصابَت الجَميع، وَكَوَّنَتْ مُجتَمَعًا مَريضًا وَضَعيفًا. وَأَنَّ لا خَلاصَ مِنَ الخَطيئَة إِلَّا مِنْ خِلالِ مَنْ اتَّجَهَ نَحوَها في طَريقِهِ إِلى أُورَشَليم وَهوَ الرَّبَّ يَسوع. كُلُّنا مُعَرَّضينَ لِنَكونَ مُصابينَ بِمَرَضِ بَرَص الخَطيئَة الَّتي تَدفَعُنا إلى خارِجِ مُجتَمَعاتِنا لِنَنطَوي عَلى أَنفُسِنا وَنُدفَنَ في قُبورِ يَأسِنا، وَلَكِنْ الصُراخ وَالتَوَسُّلَ وَالتَضَرُّعَ أَمامَ الرَّبّ يَسوع يُوَلِّدُ فينا الرَّجاءَ الَّذي يَدفَعُنا لِنَذهَبَ مَرَّةً جَديدَة عَلى مِثالِ الكَهَنَة الَّذينَ يَرمُزونَ بِحَسَبِ دَورِهِم إِلى الوَساطَةِ بَينَ اللهِ وَالشَريعَة وَالمـُجتَمَع.
ما إِن كَشَفَ العَشرَةُ بُرصٍ عَنْ حالَتِهِم أَمامَ يَسوع حَتّى سارَعَ إِلى إِرسالِهِم إِلى الكَهَنَة، وَفي فِعلِهِ هذا أَعطاهُمْ مِلْءَ الرَّجاء بِالشِّفاءِ وَالخَلاص. هذا الشِّفاء الَّذي لَمْ يَتَحَقَّق في اللَّحظَةِ المـُباشَرَة، وَلَكِنْ في طَريقِهِم إِلى الكَهَنة. يَدفَعُنا هذا الأَمر لِنَتَأَمَّل في مَواقيت النِّعمَة الإِلَهيَّة وَعَمَلِها في حَياتنا، فَهيَ تَستَخدِمُ اللَّحظَةَ الصائِبَة لِكَيْ تَجعَلُنا نَنمو في كَنَفِ العِناية الإِلَهيَّة. جَميعُهُم آمَنوا بِكَلِمَةِ يَسوع، أَطاعوا وَتَوَجَّهوا إِلى الكَهَنة لَكِنْ واحِدًا مِنْ هَؤلاءِ العَشَرَة، وَهوَ سامِريٌّ تَنَبَّهَ عِندَ لَحْظَةِ الشِّفاء، أَنَّ الكاهِنَ الحَقيقيّ الَّذي شَفاهُ هوَ الرَّبَّ يَسوع، وَبِالتَّالي عَلَيهِ أَن يَختارَ كاهِنَ العَهدِ الجَديد الَّذي أَصبَحَ في مَركَز الحَدَث.
مَوقِف الأَبرَص السامريّ الَّذي شُفِيَ أَحدَثَ مُفارَقَةً عَظيمَةً في هذا الحَدَث، وَجَعَلَنا نُصَوِّب نَظَرَنا نَحوَ الإِتِّجاه الَّذي سَلَكَهُ، إِذْ جَعَلَ الرَّبَّ يَسوع هوَ المِحوَر هوَ الأَلِف وَالياء، البِدايَة وَالنِّهايَة، وَبالتّالي يَكونُ في هذا المـَوقِف قَدْ أَبطَلَ كَهنوتِ العَهدِ القَديم القائِم عَلى إِصدارِ أَحكامٍ مَنوطَة بِالشَّريعَة، لِيُظهِرَ أَحكام كَهنوت العَهدِ الجَديد كَهنوت الرَّبَّ يَسوع المـَنوط دائِمًا بِالرَّحمَة الإِلَهيَّة والشُكران والإِيمان. أَلَيسَ هذا هوَ جوهَرُ الإِحتِفال بِالإِفخارستيَّا؟
عَودُة السامريّ الَّذي أَسماهُ يَسوع بِالغَريب، جَعَلَ التَبايُنَ واضِحًا بَينَهُ وَبَينَ التِّسعَةِ الآخَرين. فَإِذا ما دَلَّ هذا الأَمرُ عَلى شَيءٍ ما، فَقَد دَلَّ عَلى أَنَّنا مُقَيَّدينَ بِعاداتِنا وَتَقاليدِنا وَهذا ما لا يَسمَح لَنا أَن نَنتَبِه بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات عَلى عَمَلِ النِّعمَةِ الإِلَهيَّة في حَياتِنا وَعلى الجَديد الَّذي تُحدِثُهُ فينا. فَبَدَلًا مِنْ أَن نَشكُرَ الرَّبَّ عَلى حُضورِهِ وَعِنايَتِهِ وَرَحمَتِهِ لَنا نَمضي خاضِعينَ للعاداتِ وَالتَقاليد وَأَنظِمَة الحَياة الإِجتِماعِيَّة. مَوقِف الأَبرَص السامريّ الَّذي شُفِيَّ يَدُلُّ عَلى أَمرَين: الأَوَّل، دَلَّ عَلى مَعنى وَثَمَرَة الإِيمان. فَنَحنُ بِكَثيرٍ مِنَ الأَوقاتِ وَالمـَرَّاتِ تَلمُسُنا النِّعمَة، وَيُعطى لَنا الخَير، وَلَكِنْ لا نَنتَبِه وَلا نَكتَرِث وَلا نَرُدَّهُ إِلى مَصدَرِهِ وَلا حَتَّى نَنْظُرَ إِلى غايَتِهِ. مَعَ الأَبرص السامي الَّذي شُفِيَ، نَتَعَلَّم كَيفَ أَنَّ اختِبارَ النِّعمَة الإِلَهيَّة يَحُثُّنا عَلى الإِيمان الَّذي يَمضي فينا إِلى اللِّقاءِ بِالرَّبّ بِمَوقِفِ الشاكِر وَالمـُسَبِّح وَالمـُمتَنّ. الثاني عَلى الرُّغمِ مِنْ أَنَّهُ غَريبٌ وَفقًا لِلمَفهومِ اليَهوديّ، ظَهَرَ عَلى أَنَّهُ الأَقرَب إِلى الخَلاص، وَبالتَّالي لَمْ يَعُدْ مَنوطًا الخَلاص بِالإِنتِماءِ إِلى الدّين اليَهوديّ، بَلْ بِالإِيمانِ بِالرَّبّ يَسوع مَانِحِه، وَهَكَذا مِنْ جَديد تَظهَر مَحَبَّة الله وَرَحمَتِهِ في السَخاء وَالعَطاء الإِلَهيّ المـَقرون بِالمـَجَّانِيَّة.
لَيسَ إنتِماؤُنا هوَ الَّذي يُقَدِّمُ لَنا الخَلاصَ وَالشِّفاءَ، بَلْ رَحمَةُ الرَّبَّ يَسوع كاهِن العَهدِ الجَديد، الَّذي يَنْظُرُ إِلَيْنا بِمَحَبَّة وَيُخاطِبُنا بِرَجاءٍ، وَيَدعونا إِلى الإِيمان. وَهُنا يَبقى السُؤال هَلْ أَنا مِثلَ التِّسعَةِ الَّذينَ تُعطى لَهُمْ نِعَمُ اللهِ وَلا يَشكُرونَ وَلا يَعتَرِفون، أَم أَنا مِثلَ ذاكَ الغَريب الَّذي يَركُضُ بِإِيمانٍ لِمُلاقاةِ
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!