موقع Allah Mahabbaالهَدَف الوَحيد الأَحد لإِتّباع الرَّبّ:إِمَّا أَكون أَو لا أَكون!
يوجَد الكَثير مِنَ الأَشياء في حَياتِنا وَعالَمِنا الَّتي تَقبَل تَعَدُّد الأَلوان وَالأَشكال وَتَستَوعِب وَتَقبَل التَّنَوُّعَ وَكُلّ الإِختِلافات وَالتَناقُدات وَالتَبايُنات، وَلَكِنْ الدعوَة المـَسيحيَّة في بُنيَتِها وَتَركيبَتِها وَفي صُلبِ جَوهَرِها، لا تَقبَل أَيَّ إِلتِباسٍ وَبالتَّالي لا يُمكِنُنا تَأويلَها وَتَفسيرَها وَفقًا لِما نَحنُ عَلَيهِ مِنْها. تَعليمُ الرَّبَّ يَسوع في الإِنجيل واضِحٌ وَصَريحٌ وَصادِقٌ، إِمَّا أَن نَكونَ بِكُلِّيَّتِنا للرَّبّ وَأَن يَكونَ هوَ الأَوَّلُ وَالآخِر، الأَلِفُ وَالياءُ في حَياتِنا، أَوْ أَنَّنا خارِج الفَهم الصَّحيح لِتَعليمِ الرَّبّ.
يَصعُبُ عَلينا قَبول هَذِهِ الحَقيقَة، وَلَكِنْ خَطيئَةٌ عَظيمَةٌ هي تَحريفُ وَتَزوير الحَقّ لِيُصبِحَ باطِلًا… إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، يُصبِح مُثولُنا أَمامَ مَعنى دعوتنا المـَسيحيَّة، وقوفٌ أَمامَ حَقيقَة حُرِّيَّتَنا وَمَسؤولِيَّةِ خَيارنا، آخِذينَ بِعَينِ الإِعتِبار كُلّ أَبعاد وآفاق التّفكير وَالتَّمييز بِهَدَفِ نضوج قراراتنا.
يُخبِرنا الإِنجيليّ لوقا أَنَّ كُثُرًا مِنَ النَّاسِ كانوا يَتبَعونَ الرَّبَّ يَسوع عِندَ صُعودِهِ الأَخير إِلى أُورَشَليم، حَيثُ سَيَحتَفِل هَذِهِ المـَرَّة بِالفِصحِ وَسَيَكونُ هوَ حَمَلُ الفِصح البَريء. كُثُرٌ تَبِعوهُ عَلى مُستَوى السَيرِ مَعَهُ، وَلَكِنْ قِلَّةٌ هُمُ الَّذينَ ساروا عَلى خُطاهُ. تَمامًا مِثلَنا اليَوم، كُثُرٌ نَحنُ كَمـَسيحيّينَ في أَقصاعِ الأَرضِ وَالعالَم، وَلَكِنْ قِلَّةٌ قَليلَةٌ مِنَّا، وَبَقِيَّةٌ باقِيَة هُمُ القِدّيسينَ الَّذينَ يَعيشونَ دَعوَتَهُمْ المـَسيحيّة مُنقادينَ لِروحِ اللهِ القُدّوس. مِن مُمَيِّزاتِ الرَّبَّ يَسوع أُسلوبَهُ في الكَلام، فَنَراهُ يَلتَفِت نَحوَ تِلكَ الجُموع، لِيَضَعَ كَلِمَتَهُ في عُقولِهِم، لِكَيْ يَسأَلوا أَنفُسَهُم لِماذا يَسيرونَ وراءَهُ، فَما هي الدوافِع الحَقيقيَّة، وَهَلْ لِلمَحَبَّة مَكانًا فيها؟
عِندَما نُفَكِّرُ في الكَلامِ الَّذي وَجَّهَهُ الرَّبّ للسائِرينَ خَلفَهُ، نَشعُر أَنَّهُ يَشتَرِط عَلَينا أَمرَين: أَوَّلًا أَن نُحِبَّهُ وَنُفَضِّلَهُ حَتَّى عَلى أَقرَب المـُقَرَّبينَ لَنا. ثانِيًا، أَن نَحمِلَ صَليبَنا وَنَتْبَعَهُ، لِكَيْ نَكونَ تَلامِذَةً حَقيقيّينَ لَهُ. كِلا الأَمرَين يُصبِحانِ عِبئًا ثَقيلًا، يَتَحَوَّلُ في قُلوبِنا إِلى مَوقِفٍ رافِضٍ للرَّبِّ نَفسَهُ، وَكَأَنَّهُ غَيرَ عادِلٍ وَغيرَ واقِعّي في طَلَبِهِ هذا. إِذا كانَ فَهمُنا لِكَلامِ الرَّبِّ هُنا عَلى هذا الشَّكلِ يَكونُ فَهمُنا خاطِئًا وَمُلتَبَسًا. إِنَّ كِلا الأَمرَينِ مُتَّصِلانِ بِبَعضِهِما البَعض وَذَلِكَ لأَنَّ مَنْ يُعطي الأَوَّلِيَّةَ للرَّبِّ في حَياتِهِ، يَحتَمِلُ ثِقلَ الصّليبِ بِفَرَحٍ وَسَلام. إِنطِلاقًا مِنْ هُنا يُحَفِّزُنا الرَّبُّ لِنَفهَمَ الدوافِع العَميقَة الَّتي تَشُدُّنا إِلى السَيرِ مَعَهُ أَو إِلى اتِّباعِهِ، وهذان يَختَلِفانِ عَنْ بَعضِهِما البَعض عَلى المـُستَوى العَميق.
إِنَّ مَحَبَّتَنا لوالِدينا وَلِإِخوَتَنا وَأَقارِبنا مَنوطَةٌ لا بالصِّلَة الدَمَوِيَّة وَحَسِبْ، بَلْ بِالمـَعرِفَة وَالعِشرَة وَالعَيش. نَحنُ نُحِبُّ مَنْ يُحِبُّونَنا وَمَنْ نَعرِفُهُم وَيَعرِفونَنا. إِذًا لِكَيْ يَكونَ حُبُّنا كامِلًا للرَّبَّ، عَلَينا أَن نَعرِفَهُ وَنَعرِفَ مَعرِفَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ لَنا. يَقِفُ الأَمر عَلى مُستَوى الإِختِبار وَالمـُشارَكَة وَالمـَعرِفَة الشَّخصِيَّة، وَلَيسَ عَلى مُستَوى النَّظَريّ وَالمـَنطِقيّ وَالمـِثاليّ. بإِمكانِنا أَن نَسيرَ مَعَ الرَّبِّ طَوالَ حَياتِنا، وَهذا يُساعِدُنا لِنَتَعَرَّفَ عَلى ما فَعَلَهُ وَيَفعَلَهُ في قَلبِ التَّاريخ وَالعالَم، وَلَكِنْ هذا لا يَعني أَنَّنا تَعَرَّفنا عَلَيهِ، بَلْ عَرَفنا عَنْهُ. إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، المـَعرِفَة الَّتي تُقَدِّمُها لَنا البِشارَة وَالكَنيسَة وَشَهادَةُ القِدّيسين، ما هيَ سِوى مُقَدِّمَة تُحَفِّزُنا لِأَنْ نَتَعَرَّف عَلى الرَّبّ، لِكَيْ نَنتَقِلَ مِنْ حالَةِ السَّيرِ مَعَهُ، إِلى إِتِّباعِهِ وَالتَّتَلمُذِ لَهُ.
ما دامَتْ مَعرِفَتُنا لَهُ ناقِصَة عَلى مُستَوى الإِيمانِ وَاليَقين، لا يُمكِنُنا أَن نُحِبَّهُ أَوّلًا، وَبِالتَّالي لا يُمكِنُنا أَن نَرضى بِحَملِ صُلبانِنا واتِّباعِه. في حالَةِ عَدَمِ المـَعرِفَة، نَبقى بِحالَةِ الرُقادِ وَعَدَم اليَقَظَة، وَنُصبِح بِمَثابَةِ المـِلح الفاسِدِ الَّذي لا طَمعَ لَه. أَمَّا في حالَةِ مَعرِفَتَنا لَهُ، نُدرِكُ أَنَّهُ هوَ الكَلِمة المـُتَجَسِّد وَهوَ بِذاتِهِ الأَلِفُ وَالياء، البِدايَةُ وَالنِّهايَة، وَمَصدَر وَينبوعَ كُلّ الخَلقِ وَالخَليقَة، وَهَكذا يُصبِح تَمييزُنا عَلى إِختِيار الكامِلِ على النَّاقِص، وَالباقي على الثابِت، وَالدائِم عَلى الظَّرفي. وَحدَهُ اختِبارُ الرَّبَّ يَسوع الَّذي قالَ عَنْ ذاتِهِ: “أَنا الطَّريق وَالحَقّ وَالحَياة”، يَجعَلُنا نَقيصُ حَياتَنا عَلى مِقياسِ الحَقيقَة.
كَيفَ لَنا أَن نَختَبِر المـَسيح وَأَن نَدَعْهُ يَختَبِرُنا؟ كَيفَ لَنا أَن نَرضى بِحَملِ صُلبانِنا، وَنَحنُ في أَعماقِنا رافِضينَ لَها؟ كَيفَ لَنا أَن نَكونَ ما أَرادَهُ الرَّبَّ يَسوع أَن نَكونَ، أَي حَقيقَةَ أَنفُسنا، لا أَن نَكونَ وجودًا ظَرفِيًّا وَآنيًّا يَذهَبُ مَع رِياحِ السَّنين؟ يَقِفُ الأَمر عَلى صِدقِ قُلوبِنا، وعَلى جَدِّيَّةِ سُؤالِنا عَنْ مَعنى وجودِنا، وَعَلى إِستِقامَةِ نَوايانا، وَعَلى جُهوزِيَّةِ شَجاعَتِنا. عَلَينا أَن نَكونَ تَمامًا مِثلَ يَعقوبَ الَّذي صارَعَ اللهَ، وَمِثلَ موسى الّذي التَمَسَ وَجهَهُ، وَمِثلَ إِيليَّا الَّذي تَضَرَّعَ أَمامَهُ، وَمِثلَ إِرمِيا وَأَيّوب الَّلذَينِ رَفَعا شَكواهُم للرَّبّ، وَأَيضًا مِثلَ توما.
إِنَّ حَياتَنا تَجِدُ مَعناها العَميق فَقَط في عَلاقَتِنا وارتِباطِنا الوَثيق بِالرَّبّ. كُلُّ شَيءٍ عَدا ذَلِكَ يُصبِحُ ملهاةً لِلوَقت. عِندَما يُصبِح الرَّبَّ هو الأَوّل في حَياتِنا، كُلّ شَيءٍ يَنتَظِم، وَمَحَبَّتُنا تَنتَظِم لِأَهلِنا وَلِأَحِبَّائِنا وَلِلجَميع، وَبِقُوَّةِ مَحَبَّتِهِ لَنا تُصبِح صُلبانَنا الَّتي تَختَزِل كُلّ ما فينا مِنْ ضُعفٍ وَنَقصٍ وَهَشاشَةٍ وَخطيئَةً، بِمَثابَةِ النِّعمَة الَّتي تَجعَلُنا نَكتَشِف مَواهِبَ الرُّوحِ القُدُس وَقُدرَةَ اللهِ فينا، وَعَظَمَةِ رَحمَتِهِ لَنا، مِمَّا يَجعَلُنا نَتَمَسَّك بِالنِّعمَة لِنَكونَ نورًا مِنْ نورِهِ الأَزَليّ وَمِلحًا صالِحًا في زَمَنِنا الحاضِر. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!