تابعونا على صفحاتنا

مقالات

ثمرةُ اختبار العناية الإلهيّة العيش لله بثقةٍ وأمان!

في ظلّ كثرة التقلُّبات المـوجودة في العالم، يبحثُ الإنسان باستمرارٍ عن ضماناتٍ لحياته ولمُستقبله. من أكثر الضمانات الّتي يستندُ عليها الإنسان هو المال بكُلّ أشكاله المـُتنوّعة والمـُختلفة، إلى حدٍّ يُصبحُ بمثابة الكنز الّذي يتعلّق به ويسعى وراءهُ طوال أيّام حياته. في الحقيقة المال لا يستطيعُ أن يأخُذ مكان الصحّة ولا مكان الأحبّاء، ولا يستطيع أن يُوفّر أمانًا أثناء الحُروب أو المـشاكل. من هُنا نكتشف أنّنا بحاجةٍ ماسّة لكي نختبر الرّبّ في حياتنا وأن نعرفهُ معرفةً شخصيّة تُساعدُنا على أن نجد فيه كنزنا الحقيقيّ، وماهيّة وجودنا وغايتهُ القُصوى.
يقولُ لنا الرّبّ يسوع: “بيعوا ما تملكون، وتصدّقوا به، واجعلوا لكُم أكياسًا لا تبلى، وكنزًا في السّموات لا ينفد…”. كيف لنا أن نُلبّي دعوة الرّبّ ما دُمنا نبحثُ عن ضماناتٍ أرضيّة وزمنيّة؟ المـنفذُ الوحيد هو خبرةُ الإيمان الحقيقيّة، حيثُ نكتشف أنّنا محبوبين من الله، ونحنُ أبناؤه، وهو يُحوّل كُلّ الظُروف مهما عظُم فيها الشّرُّ والألم إلى خيرنا الأسمى، والّذي يعني خلاصنا الأبديّ.
ما معنى أن نبيع ما نملك؟! يعني أن نخرُج من مقاييس الضمانات المـحدودة والمُؤقّتة الّتي نسعى وراءها والّتي تأخُذ الكثير من أوقاتنا وطاقاتنا، لنتوجّه كُلّيًّا إلى الله أبينا، لكي يملك علينا بنعمته، فتكون الأولويّة المـُطلقة لله، لا لأيّ شيءٍ آخر، وبالتّالي يُصبح كُلّ شيءٍ في خدمة علاقتنا به وارتباطنا البنويّ فيه. لكي نستطيع ذلك علينا أن نعرف إيماننا والرّجاء الّذي يُزوّدُنا به للحياة الأبديّة الّذي هو ثمرةُ عيشنا واختبارنا لمحبّة الرّبّ الّتي تجعلُنا نوجّه حياتنا في سياق الملكوت والحياة الأبديّة.
في عالم اليوم، أصبح الكلام عن الحياة الأبديّة أمرًا عسيرًا، والإيمانُ بحقيقة ملكوت الله أمرًا مُبهمًا. إنسانُ اليوم يُريدُ إخضاع كُلّ شيءٍ للعقل، بينما هو نفسُه لا يستطيعُ أن يُعقلن مشاعر قلبه عندما يُحبُّ أحدًا ويتعلّق به. من هنا نُشدّدُ كثيرًا على خبرة الإيمان الّتي تُحرّرُنا من قُيود العقلنة الصنميّة وقُيود الضمانات المادّيّة المـُؤقّتة. خبرةُ الإيمان تُؤكّد لعقلنا ولقلبنا معًا أنّ معرفتنا لله كأبٍ يُعنى بنا، وكربٍّ فادٍ وروحٍ مُعزٍّ لا تُحدّ ولا تُختصر على مُستوى الزمان والمكان، ولا تُقاسُ بما يُناسبُ الظُروف والأحداث، فطبيعتُها روحيّة وبالتّالي هي قابلة للإستمرار كعلاقة شخصيّة حتّى ما بعد المـوت.
كيف نستطيعُ أن نكنز لنا كنزًا في السموات لا ينفد؟ هذا الأمر لا نستطيعُ أن نُحقّقهُ بمُفردنا لأنّنا لا نملكُ السُلطة على أنفُسنا، ولكن ما صنعهُ الرّبّ يسوع من أجلنا بالتّجسُّد والفداء والقيامة، جاعلًا من ذاته الكنز الّذي علينا أن نتمسّك فيه ونُعنى لأمره طوال حياتنا. عندما نتمسّك بيسوع فنحنُ نتمسّك بالحقّ الّذي أثبت ذاتهُ لنا كحياةٍ أبديّة ومحبّةٍ لامُتناهية. من هُنا أصبحت المـُعادلة إمّا أن نختار الرّبّ يسوع كربٍّ وإلهٍ وسيّدٍ على حياتنا إمّا أن تأخُذ كُنوزنا الأرضيّة مكانه. لا نستطيعُ المـُساومة، ولا نستطيعُ المـُقايضة، إمّا أن نختارهُ وعندئذٍ يكونُ ضمانتُنا الأكيدة والثابتة، إمّا نسعى وراء ضماناتٍ مُؤقّتة تستنذفُ حياتنا.
إنّ الجهل هو من أكثر المـُغريات الّتي تُعيقُ وعينا، وتمنعُنا عن أن نكون حقيقيّين وجدّيين على عيش في التّوبة. بسبب الجهل نظُنُّ أنّ أيّامنا طويلة، ونتغاضى عمّا يُحيطُنا من مخاطر دائمة وشرور، وأيضًا نغفل عن حُضور الله وتعزياته وإنعاماته وخيراته. بسبب الجهل نُؤجّلُ عمل اليوم للغد. بسبب الجهل نتقاعص عن التمييز بين الخير والشرّ، وبين مشيئة الله الّتي تعني خلاصنا، ومُغريات الحياة الزائفة الّتي تدفعُنا للعيش في الطّيش. إنطلاقًا من هُنا نسمع يسوع في الإنجيل يُحذّرُنا من الوُقوع بهذا الفخّ، لا بل يدفعُنا لنكون يقظين مثل رجالٍ ينتظرون رُجوع سيّدهم من العُرس. حياتُنا الأرضيّة قصيرةٌ جدًّا وإن نختبرُ فيها الضجر والمـلل والأنماط الروتينيّة، لذلك علينا أن ننظُر إلى ما بعدها من خلال حدث تجسُّد الكلمة وخبرة الكنيسة والقدّيسين. يدعونا الرّبّ يسوع لنكون وكلاء أمينين لا على المال والمـُمتلكات والكُنوز الأرضيّة، بل على أنفُسنا أوّلًا، وعلى كُلّ ارتباطاتنا الإنسانيّة حيثُ نستطيعُ من خلالها أن نكنز لنا في السموات كُنوزًا لا تبلى في عيشنا للمـحبّة.
الأمانة المـدعوّون لها تنبثقُ من إدراكنا ووعينا لما أغضقهُ الرّبّ علينا من نعمٍ وأوّلها أنفُسنا الّتي تحمل سمة صورته وقُوّة روحه القُدّوس. لقد جعل كنزنا فينا لئلّا نضيع خارجًا، بل لكي نجدهُ فاعلًا بقُوّة الرّوح في داخلنا. فلنطلُب من الرّبّ نعمة اليقظة الّتي تجعلُنا نجد ضمانتنا فيه وحدهُ، وبعدئذٍ يُصبح كُلّ ما نعيشُهُ يؤولُ إلى مجد الله. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!