موقع Allah Mahabba مع صُعود يسوع فُتحت السّمواتُ إلى الأبد!
لم يكُن صُعودُ الرّبّ يسوع إلى السّماء انفصالًا نهائيًّا عن تلاميذه، بل كان دعوةً جديدةً لهُم، ليكونوا، مُنذ تلك اللّحظة، شُهودًا ورُسُلًا لهُ في كُلّ العالم. من الجيّد أن نتأمّل هذا الحدث كحُضورٍ أخيرٍ للرّبّ بجسده المـُمجّد مع تلاميذه. من المُلفت جدًّا أنّهُ، بعدما أكّد لهُم، على المُستوى الحسّيّ والملموس، قيامتهُ بالجسد من بين الأموات، أودعهُم أوّلًا تدبير الله الخلاصيّ، كما هُو مكتوبٌ في شريعة موسى وكُتُب الأنبياء والمزامير. وقد أعطاهُم مُفتاح قراءة الكُتُب المُقدّسة من خلال آلامه الخلاصيّة، تحت عبارة: “يجب على المسيح أن يتألّم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثّالث”. فما معنى هذا الأمر للتّلاميذ؟ وماذا يعني لنا أيضًا نحنُ اليوم؟!
إنّ قُرب الله من شعبه لم يكُن، في أيّ وقتٍ، بوُضوح ما أظهرهُ الرّبُّ يسوعُ في حياته العلنيّة. وقد تجلّى ذلك بشكلٍ أعمق عندما أخذ آلامنا، وقبل أوجاعنا، ورضي ثقل موتنا. من هُنا، أصبحت قراءةُ الرُّسُل للعهد القديم، على ضوء آلام الرّبّ، الحُجّة والبُرهان على سياق تدبير الله الخلاصيّ في التّاريخ، كدليلٍ أمام اليهود الّذين ينتظرون المسيح المُخلّص. فقُربُ الله مع يسوع لم يعُد يحُدُّهُ شيءٌ: لا ألمٌ، ولا موتٌ، لأنّهُ وطئ الموت بالموت. ولكي نفهم ونكتشف ونختبر هذا القُرب، يجب على من يرغبُ في معرفة الله أن يقرأ الكُتُب المُقدّسة على ضوء شخص يسوع المسيح. وهذا يقودُهُ إلى عيش توبةٍ حقيقيّةٍ والتّبشير بها.
ونتيجةُ معرفة قُرب الله هي اختبارُ محبّته ورحمته وغُفرانه من خلال آلام يسوع، الّتي أصبحت عزاءً وبلسمًا وشفاءً لكُلّ مُتألّمٍ وموجوع. وثمرةُ هذه المعرفة هي التّوبةُ، كنتيجةٍ مُباشرةٍ لاختبار قُرب الرّبّ وقيامته المجيدة. فالتّوبةُ الّتي دعا يسوعُ إلى المُناداة بها، ليست إصلاحًا أخلاقيًّا فحسب، بل هي إعلانُ الإيمان في الأعمال، ومظهرُ محبّة الله اللامُتناهية، الّتي تُجابهُ خطيئة الإنسان وسُقوطه. وأصبح اسمُ الرّبّ يسوع، والّذي يعني «الله يُخلّص»، التّأكيد على مغفرة الله لخطايانا، وذكرُ آلامه التّأكيد القاطع أنّهُ الفادي.
فالتّوبةُ ليست غايةً بنفسها، بل هي الطّريقُ نحو الغاية المنشودة، ألا وهي عيشُ بُنُوّتنا لله الآب، على مثال الإبن الوحيد الّذي عاش كمال الإنسانيّة. وهذا يعني العيش بحسب رُوح الرّبّ، لا بحسب أهواء الجسد ولا رُوح العالم المُضلّل. لذلك، طلب الرّبُّ يسوعُ من تلاميذه المُكُوث في أُورشليم، ليقبلوا الرُّوح القُدُس في عيد العنصرة، فيُصبح الرُّوحُ القُدُسُ باكُورة قيامته وثوب إيليّا، رمز الدّعوة والموهبة المسيحانيّة. ومن هُنا نفهمُ لماذا حوّل الرّبُّ يسوعُ عيد العنصرة من عيد استلام التّوراة على يد موسى، إلى عيد قُبول عطيّة الرُّوح القُدُس: لتكون الغلبةُ للرُّوح لا للحرف، للنّعمة والإيمان لا للشّريعة والأحكام البشريّة.
عندما صعد يسوعُ إلى السّماء، بارك تلاميذهُ وارتفع عنهُم، والمُلفتُ أنّ قُلوبهُم لم تعرف الحُزن، رُغم الفُراق، بل الغبطة والفرح. وهذا من دلالات شفائهم الرُّوحيّ وإيمانهم الوطيد بقيامته وحُضوره الدّائم معهُم. فعمل التّلاميذُ بوصيّة يسوع، فلازموا الهيكل، مُنتظرين حُلول الرُّوح القُدُس. وأصبحوا كمُعلّمهم، الّذي، وهُو في سنّ الثّانية عشر، لازم الهيكل وفسّر الكُتُب للعُلماء، قائلًا: “يجبُ أن أكون فيما هُو لأبي”. فكذلك التّلاميذُ، أصبحت مُلازمتُهُم للهيكل تعبيرًا صادقًا عن رغبتهم في أن يكونوا رُسُلًا وشُهودًا للمسيح القائم من بين الأموات في كُلّ العالم.
لم يبق التّلاميذُ في أُورشليم خائفين، بل كانُوا ينتظرون الرُّوح القُدُس، في صُحبة الكُتُب المُقدّسة، يتشاركُون ذكرياتهم واختباراتهم للمسيح. كانُوا أيضًا في صُحبة الأماكن الّتي شهدت أحداث الفداء، فتشبّعُوا تأمُّلًا وصلاةً. وهكذا، صُعودُ الرّبّ يسوع إلى السّماء، جعلهُم في حالة يقظةٍ دائمةٍ، لاستضافة الرُّوح القُدُس. وباختبارهم الرُّوحيّ هذا، الّذي تركُوهُ لنا إرث إيمانٍ، نحنُ أيضًا مدعُوُّون للتّعمُّق في معنى آلام الرّبّ على ضوء الكُتُب المُقدّسة، ولمُشاركة اختباراتنا الرُّوحيّة، وتعميق صلاتنا، ليزداد فينا التّوقُ والشّوقُ لمُلاقاة المسيح الصّاعد إلى السّماء. فمع صُعود الرّبّ يسوع، جُعل مسارُ توبتنا نحو الآب، لنجد فيه ملاذنا الآمن والدّائم، وبصُعوده صوّبنا نحو قلب الله، سائلًا إيّانا أن نطلُب أوّلًا الرُّوح القُدُس الّذي معهُ وفيه وبه نعيشُ ملكوت الله في حياتنا ونستعدُّ لدُخوله والمـكوث فيه الأبد في حضرة الثالوث الأقدس. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!