تابعونا على صفحاتنا

مقالات

من يُريدُ أن يختبر سلام المـسيح، عليه أن يحفظ كلامهُ أوّلًا!

كُلُّ إنسانٍ يبحثُ عن السّلام. كُلّ العالم يتوقُ ويتمّنى أن يثبُت السلام فيه. كُلّ الأوطان والدُول تبني استقرارها ونُمُوّها على الأمن والأمان الّذين يُوفّرون السّلام. السلام حاجة وضرورة ماسّة لكُلّ إنسان، فمن دون السلام لا فرح ولا سعادة. لا نستطيعُ أن نحصُل على السلام إذا لم نسع إليه. لا نستطيعُ أن نُحافظ على السلام إذا لم نعمل من أجله. كم من الصّلوات تُرفع يوميًّا من أجل السّلام؟ السلامُ هو نتيجة وثمرة المـحبّة في حياتنا، وبالأكثر هو نتيجة مُباشرة وعلامة أكيدة وواضحة لاختبارنا لحُضور ولعمل الرّبّ في حياتنا. مشيئةُ الله لنا أن نعرف السّلام الّذي أرادهُ يسوعُ لنا. هذا السلام الّذي لا يستطيعُ العالم أن ينتزعهُ منّا. هذا السلام الّذي يجعلُنا نثبُت في محبّة الله ويجعلُها ثابتة وراسخة فينا. كيف لنا أن نحصُل عليه؟ وكيف لنا أن نُحافظ عليه ونحنُ في عالمٍ مُتقلّبٍ أمواجُهُ التّجارب، وأعاصيرهُ المـحن وعواصفهُ الضلال؟

لكي نعرف سلام المـسيح في قلوبنا وحياتنا، علينا أوّلًا أن نتأكّد تمامًا أنّ هذا السّلام حقيقيّ وهو موجودٌ فعلًا، هو بمُستطاعنا وليس بفكرةٍ أفلاطونيّة. لدينا اختبارًا عميقًا وواسعًا لهُ في ملء التّاريخ. لقد عرفناهُ من خلال بشارة مريم العذراء، هي الّتي اندهشت لحظة اختبارها لهُ. الرُّسُل والقُدّيسون قد اختبروه وعاشوه فأصبحوا رُسُل سلامٍ في حياتهم. طالما أنّ سلام الرّبّ موجودٌ حقًّا، علينا أن نرغب في أن نختبرهُ شخصيًّا، لذلك علينا أن نُؤمن إيمانًا راسخًا أنّ الرّبّ يسوع يُريدُ أن يمنحنا سلامهُ. علينا أن نرغب في اللّقاء بالرّبّ، من خلال انفتاحنا على حُضوره هو القائم من بين الأموات، وعن طريق إصغائنا لكلمته الّتي أعطاها لنا، لتكون لنا البُشرى السّارّة.

عندما نُؤمن بقيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات، وعندما نفتح قُلوبنا لهُ ونُصغي إلى كلمته بإيمانٍ ومحبّة، سيكونُ لها فينا وقعًا خاصًّا يجعلُنا نشعُرُ بالسّلام. من هُنا نسمع يسوع يقولُ لنا: “من يُحبُّني يحفظ كلامي”. المـحبّة هي مُفتاحُ فهمنا وقبولنا لكلمة الله الّتي تُصبح لنا بمثابة النُّور والحكمة لحياتنا. تُصبح لنا بمثابة اللُّغة الّتي بها يُخاطبُنا الرّبّ، والّتي منها نستمدُّ السّلام، لأنّ الرّبّ يتكلّم بالسّلام لشعبه. لكي نستطيع أن نحفظ كلام الرّبّ في قُلوبنا، علينا أن نتأمّل فيه، أي أن نضع إرادتنا في خدمته، فهو ليس موضوع جهدٍ عقليّ ونظريّ، إنّما هو نهجُ حياةٍ يقومُ على تعليمنا كيف نتبع الرّبّ في حياتنا اليوميّة. تجرُبتُنا الكُبرى تكمُنُ في وضعنا كلام الله في خانة البُعد النّظريّ والفكريّ، في حين كلمةُ الرّبّ هي الّتي تختبرُنا وتسبر أعماق قُلوبنا.

من يدع كلمة الله تختبرُهُ، هو من يحفظ كلام الرّبّ في قلبه بقُوّة المـحبّة. هو بمثابة من يستقبل الرّبّ شخصيًّا في دارته. من هُنا نسمع يسوع يقولُ لنا: “إذا أحبّني أحد، حفظ كلامي فأحبّهُ أبي، ونأتي إليه فنجعل لنا عندهُ مُقامًا”. كلمةُ الرّبّ المـحفوظة في القلب غير مفصولةٍ عن مصدرها، فهي تُصبحُ لسان حُضور الرّبّ فينا. كلمةُ الرّبّ المـحفوظة في القلب، تجعلُ أفكارنا نيّرة وحكيمة وإيجابيّة، وكلامنا صدقٌ وحكمة، وأفعالنا صالحة وخيرة. هكذا يُصبح اختبارنا لسلام الرّبّ يسوع ثمرةً مُباشرة لحُضور الله فينا، عن طريق قبولنا وانفتاحنا وتجاوبنا مع كلمته الخلاصيّة.

إذا عُدنا وتأمّلنا في حياة القدّيسين، نكتشف أنّهُم أعطوا اهتمامًا كبيرًا لكلمة الله في حياتهم، وجعلوا من أشخاصهم ميدان اختبارٍ لكلمة الله الشافية والمـُحرّرة. هذا ما ينقُصُنا اليوم. لا يكفي أن نقرأ الكتاب المـُقدّس، بل علينا أن نضع كلام الرّبّ قيد التّنفيذ، لأنّنا هكذا نُعبّر عن محبّتنا لهُ، وعن استضافتنا لهُ، فسنراهُ هو من يعملُ فينا الصالحات، لأنّنا من دونه لا نستطيعُ شيئًا. إنطلاقًا من هُنا، يجب علينا التمرُّس على ثلاثة أُمور: أوّلًا، الإصغاء المـُتقن لكلمة الله بقلبٍ مُنفتح لا يضع قُيودًا أمام كلمة الله. ثانيًا، إعتناق فكر وشعور المـسيح، من حيثُ يُصبح الإنجيل هو أسلوب تفكيرنا، ويُصبح تعليمهُ مصدر أعمالنا وتصرُّفاتنا. ثالثًا، التجاوب الإراديّ مع الروّح القُدُس، وهذا يعني إخضاع إرادتنا الذّاتيّة لإلهاماته ولعمله الخلاصيّ فينا.

متى استضفنا الرّبّ في قُلوبنا عن طريق إصغائنا لإنجيله، يمنحُنا سلامهُ الّذي لا يستطيعُ العالم أن ينتزعهُ من قُلوبنا. ذلك لأنّ سلامهُ هو ثمرةُ فدائه لنا، ففي هذا السّلام وحدهُ نكتشفُ أنّنا محبوبين عند الله وأنّنا أبناؤُهُ بالمـسيح يسوع، وأنّنا حقًّا في صُلب اهتمامه وعنايته ورعايته لنا. من خلال هذا السلام نسحقُ الخوف من الدّينونة والمـوت، ومعهُما نسحقُ الخوف من الخطيئة والشّرّ، لأنّ سلام الرّبّ يُصبحُ دليلُنا الدائم على طريق التّوبة. سلامُ المـسيح هو توطيدُ الضّمير في حقيقة محبّة الله لنا. بقدر ما نعيشُ كلام يسوع، بالقدر نفسه ينمو السّلام في قُلوبنا، فتزداد محبّتُنا لله وللقريب معًا. أعظمُ سلامٍ نعيشُهُ في حياتنا هو مغفرتنا ومُصالحتنا لمُبُغضينا. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!