تابعونا على صفحاتنا

مقالات

بين صوت الرّاعي الصّالح وصوت أبو الكذب، قُوّةُ معنى الكلمة!

لكُلّ صوتٍ نبرةٌ خاصّة، بمثابة البصمة للإنسان. الصوتُ من دون الكلمة يبقى فارغًا بلا معنًى، ويُصبحُ ضجّةً وصخبًا. كما أنّ الصّوت يحتاجُ إلى مُصغٍ لكي يُجدي نفعًا. الصوتُ وسيلةٌ للكلمة يحملُها إلى أُذُن كُلّ قلبٍ مُصغٍ لها. لكي تُؤدّي الكلمةُ دورها تحتاجُ إلى أمرين: صوتًا جهورًا واضحًا، وأُذُنًا صاغية فهيمة. يقولُ الرّبُّ يسوع في الإنجيل أنّ خرافهُ تعرفُهُ من صوته، وعلامةُ معرفتها وفهمها لكلامه، هي أنّها تتبعُهُ، أي أنّها تنهج نهجهُ وتسيرُ على خُطاهُ في حياتها.
لكي نكون من قطيع الرّبّ يسوع، علينا أن نعرف صوتهُ الخاصّ ونبرتهُ المـُتمايزة، وذلك لأنّ إبليس عدُوّ الطبيعة البشريّة يستنسخُ الأصوات ولكنّهُ لا يستطيعُ أن يُقدّم حقيقة معنى الكلمات الّتي يقولُها لأنّهُ أبو الكذب وفعلُهُ يُحدثُ ضجيجًا وصخبًا في القلب. ألم يستخدم كلمات الله مع آدم وحوّاء؟ ألم يستخدم كلمات الكتاب المـُقدّس مع يسوع عندما جرّبهُ في البرّيّة؟ هو أيضًا يقومُ بالفعل نفسُهُ مع كُلّ واحدٍ منّا. هل نحنُ على علمٍ بالأمر؟ هل نحنُ نُميّزُ صوت الرّبّ يسوع ونعرفهُ بصفاته الخاصّة عن باقي الأصوات؟ أم نحنُ مثل العُصافة الّتي تذروها الرّياح، تتقاذفُنا الأفكار والمـشاعر من جهةٍ إلى أُخرى؟ إنطلاقًا من هُنا نحنُ مدعُوّون إلى أمرين: أوّلًا الطلب من الرّبّ تنقية وتطهير أُذُن قُلوبنا لكي نُصغي ونُميّز جيّدًا لكي تصفا نوايانا وتستقيم عُقولُنا، وتصحو ضمائرنا وفقًا لمشيئة الله. من جهةٍ ثانية، يستدعي الأمرُ منّا معرفةً مُباشرة لصوت الرّبّ ولوقع كلماته الحيّة، وهذا ما يتطلّبُ منّا أن نركُن دائمًا إلى الصّلاة والتأمُّل انطلاقًا من رغبةٍ صادقة لتتميم مشيئة الله.
يعرفُ الرّبّ يسوع خرافهُ، ليس فقط لأنّها تُصغي إلى صوته، فكُثُرٌ يعرفون إنجيلهُ، ورُبّما نحنُ منهُم، ولكن خرافُ المـسيح تعرفُ ذاتها من مُثابرتها على محبّته أوّلًا وعلى اتّباعه ثانيًا، عن طريق مُطابقة نهج حياتها على حياته وأقوالها وأفعالها على أقواله وأفعاله. المـسيحُ بالنّسبة لها هُو الألفُ والياء، البداية والنّهاية. هو الرّاعي الصالح، المثال والقُدوة والكُلُّ في الكُلّ. يتعلّقُ الأمر هُنا في الإنتماء. عندما أنتمي أو أميلُ وأنحازُ إلى أحد، يُصبح لديه من السُّلطة عليّ الّتي يرضى بها القلب بفعل الحُبّ. يُصبحُ الإنتماء جزءًا أساسيًّا من الهُويّة، فإمًّا أكونُ مسيحيًّا أو لا أكون!
على مُستوى العلاقات الإجتماعيّة، كُلُّنا نتأثّر ونتفاعل بمُحيطنا وبمن لهُم مكانةً خاصّة في حياتنا ونشعُر أنّنا نُصغي إليهم ونهتمُّ لآرائهم وأفعالهم ولنهج حياتهم. إختبارُنا هذا يُحفّزُنا على أن نكون يقيظين وألّا نتماهى مع تصرُّفات وأقوال وأفعال الآخرين، فنبقى في حيّز سنّ المُراهقة. كذلك الأمر يعودُ على المـُستوى الرُّوحي. قد نميلُ بمرحلةٍ ما من مسيرتنا الرُّوحيّة إلى بُعد التماهي مع أمثلة جميلة من القدّيسين، ولكن لا نتنبّه جيّدًا إلى حقيقة هُويّتنا. لكي نتحرّر هُنا من مكامن تجارب عدُوّ الطبيعة البشريّة، نحنُ مدعُوّون لفحص رغبات قُلوبنا جيّدًا، وبالأكثر لرفض روح المُرائيّة والخداع. من يسمع صوت المسيح بعُمق معاني كلماته الحيّة، يُعرفُ بتواضُعه لأنّهُ يعرفُ حقيقة ذاته، وحقيقة الطّبيعة البشريّة الّتي تعرفُ السُقوط والخطيئة والتجرُبة، ويعرفُ أيضًا واقع الحياة المُتبدّل.
عندما يتكلّمُ يسوعُ عن معرفته لخرافه واتّباعهم لهُ، يُشدّدُ على أمرٍ في غاية الأهميّة، وهو أنّهُ يهبُهُم الحياة الأبديّة، وهذا ما يُحفّزُهُم أكثر فأكثر على اتّباعه، لأنّهُم ينهالون من معرفته المـحبّة والحقّ والسّلام. إذا نظرنا إلى الأمر من زاويةٍ أُخرى نجد أنّهُ أصبح لهُم “الكُلّ في الكُلّ” فهُم كالسّمك في المـُحيط، وهو لهُم المـُحيط الكبير. خارجًا عنهُ يُصبحون في حالة المـوت والضّلال والظُّلمة أمّا معهُ فهُم في الحياة والحقّ والنُّور. يُصبحون بين يدي الله الآب القدير وعنايته الأبويّة العطوفة، وبالتّالي يخرُجون من عبثيّة العيش بلا معنًى وبقدريّة الوُجود الّذي لا طريق ولا منفذ لهُ.
أوّلُ حاجةٍ يلتمسُها الإنسان هي الأمان الّتي عليها يبني إستقرارهُ ووجودهُ، ليعود ويُطور حياتهُ. وأكثرُ خطرٍ يُواجهُهُ الإنسان هو خسارتهُ للأمان العاطفيّ والمعنويّ والرُّوحيّ والإجتماعيّ والغذائيّ. هذا ما يجعلُ الخوف مرضًا وأرقًا للنّفس الّتي لا تعرفُ حُضور الله. من هُنا نجدُ أنّ ميزة من يتبعون الرّبّ يسوع، يعرفون تمامًا أنّ ضمانتهم الوحيدة في هذا العالم، هو معرفتهُم لمحبّة المـسيح لهُم. فهُم لا يسعون وفقًا لروح العالم ليجدوا ضماناتٍ لهُم من خلال وفرة المال وسواها. بل يجتهدون ليبقوا ثابتين في محبّة المـسيح المـُحرّرة والشّافية.
لكي نكون تلاميذ حقيقيّين للرّبّ يسوع، علينا أن نُؤمن بكلامه الحيّ لنا، وأن نعرفهُ كراعٍ صالحٍ يُعنى ويهتمُّ ويكترثُ لأمننا وأماننا، فنجد فيه ضمانتنا وتُصبح علاقتُنا به بمثابة البيت الّذي نجدُ فيه راحتنا الثّابتة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!