تابعونا على صفحاتنا

مقالات

يُعطينا يَسوع مفاتيح القداسة بعظةٍ واحدَة!

يُعطينا يَسوع مفاتيح القداسة بعظةٍ واحدَة!

عِندَما نَتَكَلَّم عَن القَداسَة، نَتَكَلَّمُ عَنْ الله. وَعِندَما نَتَكَلَّمُ عَنْ اللهِ نَجِد أَنفُسَنا عاجِزينَ وَغَيرَ قادِرينَ عَلى سَبرِ أَغوارِهِ بِقُدُراتِنا العَقليَّة. اللهُ هوَ القُدُّوس أَيّ المـَفصول عَنْ كُلِّ شَيءٍ، أَيّْ أَنَّهُ يَعلو وَيَسمو على كُلِّ شَيء، هوَ فَوقَ المـَوجوداتِ الرُّوحِيَّةِ وَالمادِيَّةِ كُلّها. لَطالَما رَغِبَ الإِنسانُ بِشَكلٍ مُطلَق مَهما كانَ دينُهُ أَو ثقافَتَهُ أَو انتِماءَهُ الإِجتِماعيّ أَو التاريخيّ وَبيئَتَهُ الجُغرافِيَّة، بِأَن يَسمو وَيَرتَقي وَيَزهَد بِأُمورِ الدُّنيا وَالمادَّة. تَدُلُّ هَذِهِ الرَّغبَة عَلى عُمق وَمَكانَة البُعد الرُّوحيّ في كينونَة الإِنسان. إِذًا في عُمقِ رَغبَةِ كُلِّ إِنسانٍ أَن يَكونَ قِدّيسًا، وَلا يُدرِكُ هَذِهِ الرَّغبَة إِلَّا عَنْ طَريقِ النِّعمَة وَعَنْ طَريقِ نُضجِهِ وَنُمُوِّه وَمَعرِفَتِهِ لَها.

ما بَينَ ما نَحنُ عَلَيهِ عَلى المـُستَوى الشّخصيّ وما نَعيشُهُ عَلى المـُستَوى الإِجتِماعيّ حَيثُ نَعيش وَنَختَبِر الكَثير مِنَ الشرورِ وَالحُروب وَنَعرِفُ أَثَر الخَطيئَة. بالإِضافَةِ إِلى مَكانَةِ اللهِ كَما نُؤمِنِ بِهِ كَإِلَهٍ قُدُّوسٍ وَسامٍ وَمَجيد، نَكتَشِف أَنَّ بَينَنا وَبَينَهُ هُوَّةٌ عَميقَة، وَأَنَّنا لَعاجِزينَ حَقيقَةً أَن نَكونَ قِدّيسينَ وَقِدّيساتٍ مِمَّا يَحدو بِنا لِئَلَّا نُصغي إِلى رَغبَةِ قَلبِنا العَميقَة بِإِيمانٍ فَنَتَشَدَّدَ بِالرَّجاءِ لِنَعيشَ القَداسَة في المـَحَبَّة. حَقًّا نَحنُ لا نَستَطيعُ بِمُفرَدِنا أَن نُصبِحَ قِدّيسين، إِنَّنا نَحتاجُ إِلى مَنْ يُعَلِّمُنا وَيَقودُنا إِلى القَداسَة. حَقًّا إِنَّ هَدَف تَجَسُّد الكَلِمَة الإِلَهيّ هوَ أَن نَبلُغَ إِلى القداسَة فَنُحَقِّقَ رَغبَةَ قَلبِنا العَميقَة الَّتي هيَ مَشيئَةُ الله.

عَلَّمَنا يَسوعُ في عِظَتِهِ الأُولى على الجَبَل، لا طَريقًا واحِدًا إِلى القَداسَة، بَل طُرُقًا مُتَعَدِّدَة، وَهيَ لَيسَ بِبَعيدَةٍ عَنْ مُتَناوَلِنا وَلا تَستَدعي مُمارَساتٍ روحِيَّة مُزَيَّفَة تُنتِجُ قَداسَةً. كُلُّ ما في الأَمرِ تَتَطَلَّبُ تَجاوُبًا إِيمانِيًّا مُطلَقًا مَع كَلِمَةِ يَسوع انطِلاقًا مِن واقِعِنا الشَّخصيّ، وَالإِنسانيّ وَالإِجتِماعيّ. عِندَما يُصبِحُ يَسوع الكَلِمَة المـُتَجَسِّد بِالنِّسبَةِ لَنا هوَ الرَّبَّ وَالمـُعلِّم عِندَئِذٍ نَستَطيعُ أَن نَجِدَ دَعوَتَنا إِلى القَداسَة. مِن خِلالِ عِظَةِ التَّطويبات، نكتَشِف أَنَّ يَسوعَ لا يَسلَخُنا مِنْ واقِعِنا الإِجتِماعيّ، لا بَل عَلى العَكس هوَ يَدعونا لِنَتَقَدَّسَ فيهِ، فَنَكونَ لَهُ نورًا مُشِعًّا وَمِلحًا صالِحًا، فَيَتَقَدَّسَ العالَم مِن خِلالِ قَداسَةِ اللهِ فينا.

نَسمَع الكَثير مِنَ النَّاس الَّذينَ يَظُنُّون أَنَّ القداسَة تَتَطَلَّبُ إِنسِلاخًا عَنْ العالَم لِلعَيشِ في الصَّوامِع بَعيدًا عَنْ ضَجيجِ العالَم. القَداسَةُ تَتَطَلَّبُ أَوَّلًا إِنسِلاخًا عَنْ روحِ العالَم، وَاتِّحادًا بِروحِ المـَسيح الفَقيرَة وَالوَديعَة وَالمـُتَواضِعة وَالبَسيطَة، الَّتي تُعطي رَحمَةً وَمَحَبَّةً وَسلامًا وَنَقاوَةً وَفَرَحًا وَتَعزِيَةً وَقُوَّةً تَحتَمِلُ المـِحَن وَالإِضطِهادات. السُّؤالُ هُنا، كَيفَ يَكون هذا؟ أَوَّلًا عَلَينا أَلَّا نُصغي لِروحِ وَفِكرِ وَمُعتَقَد العالَم، الَّذي يَدعونا إِلى الغِنى وَالمـَجدِ الباطِل، بَل عَلَينا أَن نُصغي إِلى الحَقّ، الَّذي يَدعونا إِلى الفَقر الرُّوحيّ حَيثُ نَغتَني بِنِعمَةِ اللهِ وَحَيثُ نَختَبِر حَقيقَةً مُرافَقَة وَمُواكَبَة عِنايَةَ اللهِ فينا. يَقولُ لَنا يَسوع طوبى لِفُقَراءِ الرّوح، وَأَيضًا ماذا يَنفَعُ الإِنسان لَو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفسَهُ؟.

في وَقتٍ يَدعونا في العالَم لِنَكونَ مُتَسَلِّطينَ، زاعِمينَ أَنَّ لَدَينا شَخصِيَّةً قَوِيَّة، نَكتَشِف أَن يَسوع يَدعونا لِنَكونَ ودَعاء وَمُتَواضِعينَ وَلُطَفاء، واثِقينَ أَنَّهُ هوَ الَّذي يُدافِعُ عَنَّا مَهما حَصَل مَعَنا، فَنَغلِبَ الشَّرَّ بِالخَير، لا بِمَنطِقِ العَينِ بِالعَين… . وَعِنَدما يَدعونا العالَم لِنَعيشَ بِأَفراحٍ مُزَيَّفَةٍ، نَسمَع يَسوع يَقولُ لَنا طوبى للمـَحزونين الَّذينَ لا يَرغَبونَ أَن يُحزِنوا روحَ اللهِ فيهِم، وَأَلّا يَبتَعِدوا عَنْ الحَقّ، وَأَلَّا يَتَعَزّوا إِلَّا بِالرُّوحِ القُدُس، لِأَنَّهُم وَضَعوا رَجاءَهُم فيه. وَعِندَما نَسمَع العالَم يَدعونا إِلى الطَّمَعِ وَإِلى التَمَلُّكِ الجَشِع وَإِلى الشراهَة، نَسمَع يَسوع يَقولُ لَنا طوبى للجِياعِ وَالعِطاشِ إِلى البِرّ. وَفي وَقتٍ الإِنسانِيَّةُ مُتَغطِرَسَةٌ بِإِيدانَةِ الآخَر وَرَفضِهِ لِأَيّ سَبَبٍ كان، أَخلاقيّ أَو روحيّ أَو إِجتِماعي… نَسمَع يَسوع يَدعونا لِنَكونَ عَلى مِثالِهِ رُحَماء، لِأَنَّ الرَّحمَةَ تَستَخِفُّ بِالدّينونَة. وَعِندَما نَأتي إِلى أَفكارِنا وَقُلوبِنا نَجِدُها في حالَةٍ مِنَ الضبابِيَّةِ وَالظّلام، وَهُنا نَسمَع يَسوع يَدعونا لِنَكونَ أَطهارَ القُلوب. وَحدَها كَلِمَتُهُ تَستَطيعُ أَن تُنيرَنا وَتُنَقِّينا لِيَكونَ لَنا شُعورَهُ وَفِكرَهُ وَمَوقِفَهُ وعَمَلَهُ. عِندَما نَسمَعُ العالَم يَدفَعُنا إِلى الحِقد وَالإِنتِقام، نَسمعَ يَسوع يَدعونا إِلى المـَغفِرَة وَالسّلام. وَعِنَدما نَجِد أَنفُسَنا مُضطَهَدينَ لِأَنَّنا نَصنَعُ الخَير أَو مِن أَجلِ إِسمِع يَسوع، يَدعونا الرَّبّ لِكَي نَفرَح وَنَبتَهِج.

من يَسوع نَتَعَلَّم أَنَّ القَداسَة هيَ إِنحِيازٌ دائِم إِلى الخَيرِ وَالحَقّ وَالمـَحَبَّة. نَستَطيعُ أَن نَعيشَها فَقَط عِندَما نُحِبُّهُ مِن كُلِّ قُلوبِنا، وَلا نَعُد نَرغَب إِلَّا بِإِرضائِهِ وَحدَهُ فَقَط، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!