مقالات

البُشرى السارّة: الله صارَ إنسانًا مِثلنا واسمُهُ يسوع!

كَثيراً ما يُحِبُّ الأَطفال القِصَص وَالرِّوايات المـُشَوِّقَة وَالأَفلامَ الخَيالِيَّة الَّتي تَجعَلُهُم يَشعُرونَ بِمَزيدٍ مِنَ المـَحَبَّةِ وَالطُمَأنينَةِ وَالسَّلام، وَبِالأَكثَر تَجعَلُهُم يَحلُمون أَن يُصبِحوا بِدورِهِم أَبطالًا لِمِثلِ هَكَذا قِصَص. رُبّما كُلُّنا عَرَفنا هذا الإختِبارَ في طُفولَتِنا، وَنَرتاحُ لَها كَثيراً. رُبّما هذا مُبَرِّرٌ لِعالَم السّينَما وَالأَفلام وَالتّلفزيون. جَميلٌ أَن نَتَوَقَّف أَمامَ حَدَث بِشارَة مَريَمُ العَذراء وَأن يَكونَ لَدَينا مَوقِفَ الطُّفلِ الَّذي يُؤمِنْ بِما يَرى وَيَسمَع وَيَشعُر. في بِشارَةِ ولادَة الرَّبّ يَسوع مِنْ مَريَم العَذراء الَّتي قَلَبَت كُلَّ التّاريخ رَأسًا عَلى عَقِب، نَجِدُ مَعنى الخَلاص الَّذي أَعطانا إِيّاهُ الرَّبّ. نَجِدُ مَعنى وَقيمَةَ وَغايَة وجودِنا.

جَميلٌ أَن نَتَأَمَّلَ بَعينَي طُفلٍ مَريَمَ العَذراء، وَهيَ في حالَةِ الصّلاةِ تَختَبِرُ حُضورَ المَلاكِ جِبرائيل وَالسَّلامَ الَّتي شَعَرت بِهِ، وَالكَلِماتِ الَّتي تَلَقَّتها، وَكَيفَ تَفاعَلَت في قَلبِها. مَعَ هذا الحَدَث الحَقيقيّ يَعودُ إِلى أَذهانِنا السُّؤال: هَل نَحنُ بِحاجَةٍ إِلى الخَلاص، لِيَأتي إِلَينا الرَّبَّ وَيُخَلِّصُنا؟ ماذا عَنى المـَلاكُ بِقَولِهِ: “فَسَمّيهِ يَسوع”.

لَقَد باتَ الإِنسانُ في عالَمِ اليَوم عُرضَةً لاهتِزازٍ جَوهَريّ في الأُسُسِ وَالمـَبادِئِ وَالقِيَم، الَّتي إِذا خَرَجَت عَنْ الخَيرِ وَالحَقّ أَصبَحَت قانونًا وَنِظاماً كاذِبًا. يَكرَهُ الإِنسانُ وَيَرفُضُ العُنفَ وَالقَتلَ، وَيُسَمّي الأُمورَ السَيّئَة بِظاهِرِها، لَكِنَّهُ لا يَكتَرِث لِلأُمورِ الصَّغيرَة الَّتي تُوَلِّدُ شُرورًا كَبيرَة مِن حَيثُ لا يَدري. بِالتَّالي أَصبَحَ إِنسانُ اليَوم يَربُطُ الخَلاص بِمَعنى التَّخَلُّص مِنَ الشُّرور الكبيرة بِظاهِرِها مِثلَ الحُروب وَالمَجاعات وَالأَمراض وَالأَوبِئَة، وَلَكِنْ أَلَيسَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنَّا حَربَهُ اليَومِيَّة الخاصَّة وَجوعَهُ لِأَن يَكونَ مَرغوبًا بِهِ وَمَحبوبًا؟ مَنْ مِنَّا لا يَعرِفُ المـَرَضَ وَالوَجَع النَّفسيّ مِنْهُ قَبلَ الجَسَديّ، مِنْ مِنَّا لا يَهابُ سِرَّ المـَوت؟ إِنَّ جَهلَنا لِحاجَتِنا الماسَّة لِلخَلاصِ الَّذي يُعطينا إِيَّاهُ الرَّبُّ، هوَ أَكبَرُ الشرّورِ على الإِطلاق، وَمتى تَحَرَّرنا مِنهُ نُدرِكُ مَعنى وَغايَة بِشارَة مَريَمُ العَذراء، وَنُعجَب بِعَظَمَةِ سِرّ تَجَسُّد الكَلِمَة.

في حَدَثِ البِشارَة يوجَد ثَلاثَة أُمور تُساعِدُنا لِنَفهَمَ مَعنى الخلاص، هيَ التَّاليَة: أَوَّلًا، مُبادَرة الله المَجّانِيَّة الَّتي تُؤَكِّد عَلى مَحَبَّتِهِ لَنا. ثانِيًا حِوارَهُ وَاحتِرامَهُ لِحُرِّيّتِنا، وبِكَلامِهِ المـُحيي نَكتَشِفُ قيمَتَنا وَكَرامَتَنا وَدَعوَتَنا، وَنَكتَشِفُ أَيضًا الخَلاصَ الَّذي يُعطينا إِيَّاه. ثالِثًا، جَوابُنا الحُرَّ عَلَيْه.

خَلاصُ اللهِ لَنا يُغَيِّرُ تَمَوضُعَنا لِيَجعَلَنا في النُورِ وَالحَقّ، وَبِالتَّالي لِكَي نَعرِفَهُ عَلَينا أَن نَكونَ عَلى مِثالِ مَريَم العَذراء في حالَةٍ مِنَ الإِيمانِ الّذي يَدفَعُنا إِلى الصَّلاةِ وَإِلى الإِصغاءِ لِكَلِمَةِ الله. كَلِمَةُ الَّتي نَسمَعُها بِقُوَّةِ الرُوحِ القُدُسِ والسَّلام الَّذي نُعطاه يُمَكِّنانِنا مِنْ مَعرِفَة أَنَّنا مَحبوبينَ مِنَ الرَّبّ، وَأَنَّنا خاصَّتَهُ، وَمِنْ مَعرِفَةِ أَثَرِ الشَّر وَالخَطيئَة في حَياتِنا. تَجاوُبَنا مَع دَعوَةِ الرَّبِّ لَنا عَلى مِثالِ أُمّنا مَريَمُ العَذراء، يَجعَلُنا نَتْرُك الإِنسانَ القَديم فَنَكونَ خَلقًا جَديدًا.

هَكذا تُصبِحُ نَظرَتَنا لِأَنفُسِنا، نَظرَةً مَلْؤها السَّلام وَالفَرَح، لِأَنَّ إِنسانِيَّتَنا أَصبَحَت مُخَلَّصَة وَمُقَدَّسَة مِنْ أَوَّل لَحَظاتِ تَكوينِنا وَغايَتُها التَّأَلُّه. كَما أَنَّ الثِّمار لا تَأخُذ شَكلَ الشَّجَرَة الَّتي تَحمِلها، بَل تَدُلُّ عَلَيها، هَكَذا نَحنُ الثِّمارَ الرُّوحِيَّة الَّتي نُؤتيها بِقوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ، تَدُلُّ عَلى عَمَلِ النِّعمَةِ في قُلوبِنا، وَلا تَتَصَّلِ بِشَجَرَةِ أَجسادِنا، إِنَّما تَجعَلُها مُقَدَّسَة بِقَدَرِ ما تَكونُ مِنَ الله. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!