الإنجيل اليومي

السبت الثالث من الصوم الكبير

موقع Allah Mahabba  السبت الثالث من الصوم الكبير

رسالة القدّيس بولس الثانية إلى طيموتاوس 3: 1 – 9

يا إخوَتِي، إِنَّهَا سَتَأْتي في الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَوقَاتٌ صَعْبَة،

فيَكُونُ النَّاسُ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِم، مُحِبِّينَ لِلمَال، مُدَّعِين، مُتَكَبِّرِين، مُجَدِّفِين، عَاقِّينَ لِلوالِدِين، نَاكِرِينَ لِلجَمِيل، مُنْتَهِكِينَ لِلحُرُمَات،

بِلا حَنَان، بلا وَفَاء، مُفْتِنِين، نَهِمِين، شَرِسِين، مُبْغِضِينَ لِلصَّلاح،

خَائِنِين، وَقِحِين، عُمْيَانا بِالكِبْرِيَاء، مُحِبِّينَ لِلَّذَّةِ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّهِم لله،

مُتَمَسِّكِينَ بِمَظْهَرِ التَّقْوَى، نَاكِرِينَ قُوَّتَهَا: هؤُلاءِ النَّاسُ أَعْرِضْ عَنْهُم!

فَمِنْهُم مَنْ يَتَسَلَّلُونَ إِلى البُيُوت، ويُغْوُونَ نِسَاءً ضَعيفَاتٍ، مُثْقَلاتٍ بِالْخَطايَا، مُنْقَادَاتٍ لِشَهَواتٍ شَتَّى،

يتَعَلَّمْنَ دَائِمًا ولا يُمْكِنُهُنَّ البُلُوغَ إِلى مَعرِفَةِ الحَقِّ أَبَدًا.

وكَمَا أَنَّ يَنِّيسَ ويَمْبَرِيسَ قَاوَمَا مُوسى، كَذلِكَ هؤُلاءِ يُقاوِمُونَ الْحَقَّ. إِنَّهُم أُنَاسٌ فَاسِدُو العَقْل، غيرُ أَهْلٍ لِلإِيْمَان.

لكِنَّهُم لَنْ يَتَمَادَوا أَكْثَر، لأَنَّ حَمَاقَتَهُم سَتَنْكَشِفُ لِلجَميعِ كَمَا ٱنْكَشَفَتْ حَمَاقَةُ يَنِّيسَ ويَمْبَرِيس.

إنجيل القدّيس متّى 12: 1 – 14

ٱجْتَازَ يَسُوعُ يَوْمَ السَّبتِ بَيْنَ الزُّرُوع. وجَاعَ تَلامِيذُهُ فَأَخَذُوا يَقْلَعُونَ سَنَابِلَ ويَأْكُلُون.

ورآهُمُ الفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا لِيَسُوع: «هُوَذَا تَلامِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لا يَحِلُّ فِعْلُهُ يَوْمَ السَّبْت».

فقَالَ لَهُم: «أَمَا قَرَأْتُم مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِيْنَ جَاعَ هُوَ والَّذِينَ مَعَهُ؟

كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ الله، وأَكَلُوا خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذي لا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ، ولا لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ وَحْدَهُم؟

أَوَ مَا قَرَأْتُم في التَّورَاةِ أَنَّ الكَهَنَة، أَيَّامَ السَّبْت، يَنْتَهِكُونَ في الهَيْكَلِ حُرْمَةَ السَّبْت، ولا ذَنْبَ عَلَيْهِم؟

وأَقُولُ لَكُم: ههُنا أَعْظَمُ مِنَ الهَيْكَل!

ولَوْ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ مَا مَعْنَى: أُريدُ رَحْمَةً لا ذَبيحَة، لَمَا حَكَمْتُم على مَنْ لا ذنْبَ عَلَيْهِم!

فَرَبُّ السَّبْتِ هُوَ ٱبْنُ الإِنْسَان!».

وٱنْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاك، وجَاءَ إِلى مَجْمَعِهِم.

وإِذَا بِرَجُلٍ يَدُهُ يَابِسَة، فَسَأَلُوهُ قَائِلين: «هَلْ يَحِلُّ الشِّفَاءُ يَوْمَ السَّبْت؟». وكَانَ مُرَادُهُم أَنْ يَشْكُوه.

فقَالَ لَهُم: «أَيُّ رَجُلٍ مِنْكُم يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِد، فَإِنْ سَقَطَ يَوْمَ السَّبْتِ في حُفْرَة، أَلا يُمْسِكُهُ ويُقِيمُهُ؟

وكَمِ الإِنْسَانُ أَفْضَلُ مِنْ خَرُوف؟ فَعَمَلُ الخَيْرِ إِذًا يَحِلُّ يَوْمَ السَّبْت».

حِينَئِذٍ قَالَ لِلرَّجُل: «مُدَّ يَدَكَ». ومَدَّهَا فَعَادَتْ صَحِيحَةً كاليَدِ الأُخْرَى.

وخَرَجَ الفَرِّيسِيُّونَ فَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِيُهْلِكُوه.

التأمّل

أُريدُ رَحمَةً لا ذَبيحَةً

يَأخُذُ السُّؤال حَولَ مَشيئَةِ اللهِ عَلَينا، حَيِّزاً واسِعاً مِن بَحثِنا وَتَفكيرِنا، وَنَحنُ نَتَساءَلُ، ماذا يُريدُ الله وَماذا يُرضيهِ، وَهَل نَحنُ عَلى مُستَوى مَرضاتِهِ أَم لا؟ بِمَكانٍ ما نَنطَلِقُ مِن بابِ المـُمارَساتِ الرُّوحِيَّة وَالتَّقَوِيَّة، وَنَحنُ نَسعى لِنُرضيهِ بِأَفعالِنا، إِلى حَدٍّ نُصبِحُ مُستَعبَدينَ مِن أَشكالِ الذَّبائِحِ الَّتي نُقَدِّمُها، وَالمـُمارَساتِ الَّتي نَستَعرِضُ أَنفُسَنا أَمامَ أَنفُسِنا وَأَمامَ اللهِ وَالآخَرين، وَعِندَما نَبلُغُ الفَراغَ نَكتَشِفُ أَنَّها لَم تَكُن مُطَعَّمَةً بِالإِيمانِ الَّذي يُساعِدُنا عَلى السَّماحِ لاكتِشافِ صورَةِ اللهِ الحَقَّة، بِما هوَ عَلَيهِ مِن رَحمَةٍ لامُتَناهِيَةٍ وَمِن مَحَبَّةٍ نَقِيَّةٍ وَصافِيَّةٍ وَكامِلَة. نَخلُطُ بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّاتِ بَينَ المـُمارَساتِ التَّقَوِيَّةِ وَمَشيئَةِ اللهِ عَلَينا، مِن حَيثُ نَظُنُّ أَنَّنا إِن أَكثَرنا الصَّلاةَ نَكونُ في حَيِّزِ تَتميمِ مَشيئَةِ الله، وَإِن أَنهَكنا جَسَدَنا بِالأَصوامِ وَالإِماتاتِ، نَكونُ على المـُستَوى نَفسِه، فَمَعَ المـَسيحِ الَّذي لَم يُلغِ أَركانَ العِبادَةِ التَّقليدِيَّة، نَكتَشِفُ أَنَّ أُسُسَها كُلَّها عَلَيها أَن تَنطَلِقَ وَتَصِل إِلى المـَحَبَّة الَّتي بِها وَحدَها نُتَمِّمُ مَشيئَتَهُ القُدُّوسَة وَالصَّالِحَة عَلَينا.

يَا بُنَيَّ، ما أُريدُهُ مِنكَ قَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخَر، هوَ أَن تَكتَشِفَ راحَةَ قَلبِكَ، عَن طَريقِ اختِبارِكَ لِرَحمَتي، أَوَّلاً مِن خِلالِ إِيمانِكَ بِمَحَبَّتي وَغُفراني لَكَ، وَثانِياً مِن خِلالِ عَيشِكَ لِرَحمَتي مَعَ كُلِّ النَّاس. لِكَي تَستَطيعَ ذَلِكَ، عَلَيكَ بِالإِنفِتاحِ عَلَيَّ، مِن خِلالِ عَيشِكَ لِنِعمَةِ الإِيمانِ وَمُستَلزَماتِهِ وَفقاً لِكَلِمَتي وَلِمَثلي في نَهجِ الحَياة، وَمِن خِلالِ طَلَبِكَ مِنّي نِعمَةَ عَيشِ الطُّوبى الَّتي تَخُصُّ الرَّحمَة، فَبِها تَستَطيعُ أَن تَستَقبِلَ بِإِرادَتِكَ رَحمَتي، حَتَّى تَعيشَ حَياتَكَ بِمَثابَةِ ذَبيحَةِ حُبٍّ، في التَّضحِيَةِ وَبَذلِ الذَّاتِ وَالعَطاء. رُبَّما تَسأَلُني لِماذا أَولَيتُ الرَّحمَةَ على الذَّبيحَة، وَما كانَ مُرادي بِهذا الطَّلَب، فَالجَوابُ واضِحٌ تَجِدُهُ بِهُوِيَّتي فَلَستُ إِلَهاً سادِيّاً مُحِبٌّ للأَلَم، بَل أَنا بِذاتي سَيِّدُ الرَّحمَة، وَكُلّ ما أَطلُبهُ مِنكَ هوَ أَن تَصيرَ مِثلي رَحيمًا وَمُحِبّاً وَحَنوناً. لَطالَما قَدَّمَ الإِنسانُ الذَّبائِحَ في كُلِّ الأَديانِ وَالطُّقوسِ وَالعِباداتِ مِن مُنطَلَقِ شُعورِهِ بِالذَّنبِ وَسَعياً لِإِرضاءِ الآلِهَة، فيما أَنا ما أَطلُبُهُ مِنكَ هوَ الإِنطِلاقُ مِن مَحَبَّتي الثَّابِتَةِ لَكَ. قَد تَسأَلُني أَيضاً: أَنتَ قَدَّمتَ ذَاتَكَ على الصَّليبِ ذَبيحَةً فَكَيف تولي الرَّحمَةَ على الذَّبيحَة؟ لَم أَختَر الأَلَم، إِنَّما قَدَّستُهُ بِرَحمَتي وَغُفراني وَمَحَبَّتي.

تَمَيَّزَ الرَّبّ يَسوع بِحِكمَتِهِ وَفِطنَتِهِ، فَكانَ يُعطي الجَوابَ المـُناسِبَ لِكُلِّ مَن يَسأَلُهُ، وَالتَّعليمَ المـُناسِبِ لِكُلِّ مَن يُريدُ أَن يَنهَلَ الخَلاصَ لِنَفسِهِ. ها هوَّذا الآن، يَتَوَجَّهُ إِلى الفَرّيسيّين الَّذينَ يُطالِبونَ النَّاسَ أَن يَكونوا أَشباهَهُم بِنَهجِ الحَياةِ، فَيَسِنُّوا عَلَيهِم شَرائِعِهِم، وَيَحكُمونَ عَلَيهِم وَفقاً لِنَظرَتِهِم، فيما المـَطلوبُ مِنهُم أَلَّا يَدينوا أَحَداً بَل أَن يَرحَموا، وَأَلَّا يَطلُبوا الذَّبائِحَ مِن أَحَد، بَل عَلَيهِم أَن يَعيشوا المـَحَبَّةَ لا الطُّقوسَ وَلا تَطبيقَ الفُروض وَعِبادَةِ المـُمارَساتِ الدِّينيَّة، الَّتي تَنتَهي عِن شَكلِيَّاتٍ إِجتِماعِيَّةٍ لا أَكثَر. أُريدُ رَحمَةً لا ذَبيحَة، فَمِن خِلالِ الرَّحمَة يَبقى الرَّجاءُ بِالحَياةِ مَوجوداً، أَمَّا مَعَ الذّبيحَةِ يُطالَبُ الإِنسانُ بِالمـَوتِ بِغَيرِ رِضًى لِيُرضي. كُن مِمَّن يَرحَمونَ فَتَكونَ تِلميذًا حَقيقيّاً للرَّبّ.

رَبّي يَسوع، أَنتَ سَيِّدُ الحَياةِ وَمُعطيها، وَأَنتَ الرَّحومُ الَّذي تَصفَحُ عَن آثامي قَبلَ أَن أَسأَل، فيكَ أَجِدُ سَعادَتي لِأَنَّكَ مُتَّ عَنِّي وَأَنتَ الكُلّيُّ العَطفِ وَالحَنان، لِتُعَلِّمَني أَنَّ رَحمَتَكَ تَمضي إِلى أَبعَد مِن كُلِّ الذَّبائِحِ وَالمـُحرَقاتِ، بُغيَةَ نُمُوّ المـَحَبَّة في المـَحَبَّة، وَهذا ما أَرَدتَهُ لي أَيضاً أَن أَعيشَ فيكَ، لِتَعيشَ فِيَّ، فَأَحيا بِرَحمَتِكَ حَياةَ عَطاءٍ، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!