الإنجيل اليومي

خميس الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير

موقع Allah Mahabba  خميس الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير

رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبّي 4: 4 – 10

يا إخوَتِي، إِفْرَحُوا دائِمًا في الرَّبّ، وأَقُولُ أَيْضًا ٱفْرَحُوا.

لِيُعْرَفْ حِلْمُكُم عِنْدَ جَمِيعِ النَّاس: إِنَّ الرَّبَّ قَرِيب!

لا تَقْلَقُوا أَبَدًا، بَلْ في كُلِّ شَيءٍ فَلْتُعْرَفْ طِلْبَاتُكُم أَمَامَ الله، بِالصَّلاةِ والدُّعَاءِ معَ الشُّكْرَان.

وسلامُ اللهِ الَّذي يَفُوقُ كُلَّ إِدْرَاك، يَحْفَظُ قُلُوبَكُم وأَفْكَارَكُم في المَسِيحِ يَسُوع!

وبَعْدُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، فَكُلُّ مَا هُوَ حَقّ، وكُلُّ مَا هُوَ شَرِيف، وَكُلُّ مَا هُوَ بَارّ، وكُلُّ مَا هُوَ نَقِيّ، وكُلُّ مَا هُوَ مُحَبَّب، وكُلُّ مَا هُوَ مَمْدُوح، وكُلُّ مَا فِيهِ فَضِيلَة، وكُلُّ مَا فيهِ مَدِيح، فَفِيهِ فَكِّرُوا.

وما تَعَلَّمْتُمُوهُ وتَلَقَّيْتُمُوهُ وسَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، ورأَيْتُمُوهُ فيَّ، فإِيَّاهُ ٱعْمَلُوا. وإِلهُ السَّلامِ يَكُونُ مَعَكُم!

لَقَدْ فَرِحْتُ في الرَّبِّ فَرَحًا عَظِيمًا، لأَنَّ ٱهْتِمَامَكُم بِي عَادَ أَخِيرًا فأَزْهَر. وكُنْتُم تَهْتَمُّون، غَيْرَ أَنَّ الفُرْصَةَ لَمْ تَسْنَحْ لَكُم

إنجيل القدّيس لوقا 8: 4 – 15

لَمَّا ٱحْتَشَدَ جَمْعٌ كَثِير، وَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى يَسُوعَ مِنْ كُلِّ مَدِينَة، خَاطَبَهُم بِمَثَل:

«خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفيمَا هُوَ يَزْرَع، وَقَعَ بَعْضُ الحَبِّ على جَانِبِ الطَّرِيق، فَدَاسَتْهُ الأَقْدَام، وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاء.

وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ عَلى الصَّخْرَة، وَمَا إِنْ نَبَتَ حَتَّى يَبِسَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُطُوبَة.

وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في وَسَطِ الشَّوْك، وَنَبَتَ الشَّوكُ مَعَهُ فَخَنَقَهُ.

وَوَقَعَ بَعْضُهُ الآخَرُ في الأَرْضِ الصَّالِحَة، وَنَبَتَ فَأَثْمَرَ مِئَةَ ضِعْف. قالَ يَسُوعُ هذَا، وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!».»

وَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «مَا تُراهُ يَعْنِي هذَا المَثَل؟».

فَقَال: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُم أَنْتُم أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرارَ مَلَكُوتِ الله. أَمَّا البَاقُونَ فَأُكلِّمُهُم باِلأَمْثَال، لِكَي يَنْظُرُوا فَلا يُبْصِرُوا، وَيَسْمَعُوا فَلا يَفْهَمُوا.

وَهذَا هُوَ مَعْنَى المَثَل: أَلزَّرْعُ هُوِ كَلِمَةُ الله.

والَّذِينَ عَلى جَانِبِ الطَّريقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُون، ثُمَّ يَأْتي إِبْلِيسُ فَيَنْتَزِعُ الكَلِمَةَ مِنْ قُلوبِهِم، لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.

والَّذِينَ عَلى الصَّخْرةِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا بِفَرَح؛ هؤُلاءِ لا أَصْلَ لَهُم، فَهُم يُؤْمِنُونَ إِلى حِين، وفي وَقْتِ التَّجْرِبَةِ يَتَرَاجَعُون.

والَّذِي وَقَعَ في الشَّوكِ هُمُ الَّذينَ يَسْمَعُونَ وَيَمْضُون، فَتَخْنُقُهُمُ الهُمُومُ والغِنَى وَمَلَذَّاتُ الحَيَاة، فَلا يَنْضَجُ لَهُم ثَمَر.

أَمَّا الَّذِي وَقَعَ في الأَرْضِ الجَيِّدَةِ فَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الكَلِمَةَ بِقَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ فَيَحْفَظُونَها، وَيَثبُتُونَ فَيُثْمِرُون.

التأمّل

”ألزَرعُ هوَ كَلِمَةُ الله“

إِذا نَظَرنا إِلى ما يُحَرِّكُنا مِنَ الدَّاخِل، هيَ الكَلِمَة، قَد تَكون بِبُعدِها البَشَريّ، أَو بِبُعدِها الجَوهَريّ الإِلَهيّ. ما نَقصِدُهُ بِهذا القَول، الكَلِمَةُ الَّتي تُشَكِّلُ فِكرَنا الباطِنيّ، مِنها ما يَطفو إِلى وَعينا، وَمِنها ما يَبقى في عُمقِ لاوَعينا. يَكفينا أَن نَتَأَمَّل بِالوَحدَة القائِمَة بَينَ الفِكرِ وَالكَلِمَة، لا نَستَطيعُ أَن نُفَكِّرَ مِن دونِ لُغَةٍّ نُخاطِبُ مِن خِلالِها أَنفُسَنا، وَمَضمونُ الكَلام، هوَ ثَمَرَةُ ما زُرِعَ فينا مِن تَربِيَةٍ وَعاداتٍ وَتَقاليدَ مَوروثَة، أَو مَرئِيَّة وَمَسموعَة وَمَلموسَة وَقَد طُبِعَت فينا، فَصِرنا وَإِيَّاها واحِداً، وَباتَت مِثلَ الوَشمِ الَّذي يُمَيِّزُ شَخصِيَّتَنا عَن سِوانا. لِكَي نَتَجَدَّدَ وَنُخلَقَ مِن جَديدٍ، لا بُدَّ مِن دَمٍ جَديدٍ يَسري في عُروقِنا، وَكَيفَ يَكونُ هذا، عَلَينا بِقَبولِ زَرعِ اللهِ فينا، بِأَن نَسمَحَ لِكَلِمَةِ الله الَّتي عَرَفناها بِشَخصِ يَسوع أَن تَأخُذَ مَكانَتَها في صَميمِ قُلوبِنا، إِلى حَدٍّ تُصبِحُ هِيَ اللُّغَةُ الوَحيدَة الَّتي يَنطِقُ بِها فِكرَنا وَقَلبَنا، فَيَكونَ لَنا عِندَئِذٍ فِكرَ المـَسيح، عِندَئِذٍ تُنَقَّى أَرضُنا مِن كُلِّ فِكرٍ مَوروثٍ خاطِئ. إِذًا عَلَينا أَن نُعاشِرَ الإِنجيلَ يَومِيّاً.

يَا بُنَيَّ، لا أَبزُرُ بَزراً لا نَفعَ مِنهُ وَلا خُصوبَةَ حَياةٍ فيهِ، فَلَحظَةَ خَلَقتُ العالَمَ وَشَكَّلتَهُ بِأَنواعِهِ المـُتَعَدِّدَة، كُنتُ قَد غَرَستُ نَمَوِيَّةَ روحي في كُلِّ شَيءٍ، لِكَي يَنموَ وَيَنضُجَ وَيُثمِرَ لِيُعطيَ حَياةً مِن حَياتي الَّتي وَهَبتُها لِلعالَم لِيَكونَ صالِحًا، حامِلاً صورَةً مُقتَبَسَةً عَن جَمالي الإِلهيّ. لَيسَ كُلُّ زَرعٍ في العالَم، هوَ زَرعي، وَإِن أَنا خَلَقتُهُ، فَما هُوَ مِنِّي يَعودُ إِلَيَّ، وَيُعرَفُ بالصّلاحِ وَالخَيرِ الَّذي فيه، أَمَّا كُلُّ ما يُؤتي شَرّاً وَإِثماً وَخَطيئَة، فَلا صِلَةَ لَهُ بي. ألزَّرعُ الحَقيقيّ هوَ كَلِمَتي الَّتي إِذا قَبِلتَها بِتُربَةِ قَلبِكَ، وَمَعناهُ الإِيمان، جَعَلَت بَراعِمَ النَّعمَةِ الإِلَهِيَّةِ تَنبُتُ وَتَنمو فيك، وَلِكَي يَكونَ ذَلِكَ، عَلَيكَ أَن تُصغي لي، على مِثالي أُمِّي العَّذراءِ مَريَم، وَمِثلَما هِيَ سَأَلَتَ وَفي سُؤالِها كانَت تُعِدُّ للجَوابِ بِكُلِّ سَخاءٍ وَحُبٍّ وَطيبَةِ خاطِر، عَلَيكَ أَنتَ أَيضاً أَن تَقومَ بِنَفسِ الفِعلِ، حَتَّى تَعرِفَ قُوَّةَ حُرِّيَّتي الَّتي تُخرِجُكَ مِن سِجنِ السَّأَمِ وَاليَأسِ وَاللَّامَعنى. مَتى قُلتَ لي عَلى مِثالِها نَعَم، وَالتَزَمتَها سَتَعرِفُ عِندَها ثِمارَ الرُّوحِ مِن سَلامٍ وَفَرَح. إِذاً، بَعدَ الإِصغاءِ لِكَلِمَتي، يَأتي العَمَل، لِأَنَّ لَيسَ مَن يَقولُ لي: يا رَبّ، يا رَبّ، يَدخُلُ مَلَكوتَ السَّمَوات، بَل مَن يَعمَل بِكَلِمَتي.

يَأتي الإِنجيليّ لوقا، في الخُطَبِ التَّعليميَّة على ذِكرِ مَثَل الزَّارِعِ وَتَفسيرُهُ، وَيَسبِقُهُ مَشهَد كِرازَة يَسوع في القُرى وَالمـُدُن بِصُحبَةِ النِّسوَة اللَّواتي كُنَّ يُعنَينَ مَعَ أُمِّهِ مَريَم بِهِ وَبِالتَّلاميذ، وَيَتبَعَهُ جَوابٌ عَلى مَن هُم إِخوَتُهُ وَقَد عَنى بِهِم مَن يَعمَلونَ بِكَلِمَتِهِ وَهُم الَّذينَ دائِماً بِصُحبَتِهِ. مُفادُ هذا الإِطارِ لَنا، أَنَّنا لَن نَستَطيعَ أَن نَكونَ مِنَ التُّربَةِ الجَيِّدَة وَالَّتي تُعطي ثَمَراً وافِرًا، ما لَم نَكُن دائِماً بِصُحبَةِ الكَلِمَة، تاريكينَهُ يَعمَلُ فينا عَمَلَ النِّعمَةِ المـُقَدَّسَة، كَيما تَعمَلَ إِرادَتُنا وَفقاً لِمَشيئَتِهِ القُدُّوسَة، وَعِندَها تُثَبَّتُ هُوِيَّتَنا، فَنُعرَفَ في العالَم، أَنَّنا أَخَواتُ وَإِخوَةُ يَسوع. في مَثَلِ الزَّارِع أُلقِيَ بَزرُ الكَلِمَة على أَنواعِ الأَرضِ الأَربَعَة وَفي أَصقاعِها، لَكِنَّ أَرضاً واحِدَة استَضافَتهُ، كُن تِلكَ الأَرضَ وَأَعدِد قَلبَكَ لَهُ.

رَبّي يَسوع، يَومَ غَرَستَ آدَمَ في جَنَّةِ عَدنٍ، كُنتَ قَد خَلَقتَهُ على صورَتِكَ كَمِثالِكَ، نافِخاً فيهِ روحَكَ القُدُّوس المـُحيي. وَيومَ تَجَسَّدتَ في مِلءِ الزَّمَنِ غَرَستَ في طَبيعَتِنا الفانِيَة مِلءَ النِّعمَةِ وَالحَقّ، لِئَلَّا نَعرِفَ المـَوتَ وَالفَسادَ، مَتى صِرنا لَكَ أَرضاً طَيِّبَةً على مِثالِ أُمِّكَ العَذراءِ مَريَم، مُقتَبِلينَ كَلامَكَ الحَقّ، لِيُثمِرَ فينا أَعمالًا، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة خميس الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير ”ألزَرعُ هوَ كَلِمَةُ الله“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!