الإنجيل اليومي

إثنين الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير

موقع Allah Mahabba  إثنين الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير

رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي 3: 6 – 13

يا إخوَتِي، لَقََدْ عَادَ طِيمُوتَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُم إِلَيْنَا، وبَشَّرَنَا بإِيْمِانِكُم ومَحَبَّتِكُم، وبِأَنَّكُم تَذكُرُونَنَا عَلى الدَّوَامِ ذِكْرًا طيِّبًا، وَأَنَّكُم مُشْتَاقُونَ إِلى رُؤْيَتِنَا كَما أَنَّنَا نَحْنُ مُشْتَاقُونَ إِلى رُؤْيَتِكُم.

لِذلِكَ تَعَزَّيْنَا بِكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، في شِدَّتِنَا وضِيقِنَا، بِفَضْلِ إِيْمَانِكُم.

وإِنَّنَا الآنَ نَحْيَا، بِمَا أَنَّكُم أَنْتُم ثَابِتُونَ في الرَّبّ.

فَأَيَّ شُكْرٍ نَسْتَطيعُ أَنْ نُؤَدِّيَ إِلى اللهِ مِنْ أَجلِكُم، عَنْ كُلِّ الفَرَحِ الَّذي نَفْرَحُهُ بِكُم، في حَضْرَةِ إِلهِنَا؟

ونَحنُ نَطلُبُ إِلَيهِ بإِلْحَاحٍ لَيْلَ نَهَار، أَنْ نَرَى وَجْهَكُم، ونُكَمِّلَ مَا نَقَصَ مِنْ إِيْمَانِكُم.

عَسَى أَنْ يُقَوِّمَ طَرِيقَنَا إِلَيكُمُ اللهُ أَبُونَا نَفْسُهُ، ورَبُّنَا يَسُوع!

وَلْيَجْعَلْكُمُ ٱلرَّبُّ تَزِيدُونَ وتَفِيْضُونَ مَحَبَّةً بَعضُكُم لِبَعْضٍ وَلِلجَمِيع، كَما نَحْنُ نُحِبُّكُم!

وَلْيُثَبِّتْ قُلُوبَكُم في القَدَاسَةِ بِغَيرِ لَوْم، في حَضْرَةِ إِلهِنَا وأَبِينَا، عِندَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوع في صُحْبَةِ جَميعِ قِدِّيسِيه!

إنجيل القدّيس متّى 6: 22 – 24

قالَ الربُّ يَسوعُ: «سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العَيْن. إِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَلِيمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا.

وإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ سَقِيْمَة، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِمًا. وإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذي فِيْكَ ظَلامًا، فَيَا لَهُ مِنْ ظَلام!

لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَعبُدَ رَبَّين. فَإِمَّا يُبْغِضُ الوَاحِدَ ويُحِبُّ الآخَر، أَو يُلازِمُ الوَاحِدَ ويَرْذُلُ الآخَر. لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ والمَال.

التأمّل

”لا تَستَطيعونَ أَن تَعبدوا اللهَ وَالمال“

إِنَّ أَسمى تَعابيرِ الحُبّ وَأَرفَعُها على الإِطلاق، هيَ العِبادَة، لِذَلِكَ تُخَصَّصُ فَقَط لله، وَلَكِن واقِع حَياتَنا البَشَرِيَّة يَكشِفُ لَنا على عَكسِ هذا الأَمر، إِذ نَرى وَنُلاحِظُ أَنَّ العِبادَة قَد تُصبِحُ لِأَشخاصٍ وَقادَةٍ وَزُعَماءٍ، أَو لِأَشياءٍ وَمُقتَنَياتٍ وَأَملاكٍ وَمال، وهي بِحَسَبِ ارتِباطِها تُعَبِّرُ عَن شَكلِها وَطُقوسِها، فَبِكَثيرٍ مِن مَجالاتِها يَختَفي البُعد العاطِفيّ، لِيَظهَرَ مَكانَهُ بِشَكلٍ قَويّ وَمُؤَثِّر البُعد الفِكري، حَيثُ يَظهَر التَّعَلُّقَ المـُنحَرِف الَّذي يُشيرُ إِلى نَوعِ العِبادَة، عَن طَريقِ القَناعات وَالأَفكار. على سَبيلِ المِثال، فَمَن يَعبُدُ المالَ لا يَقولُ أَنَّهُ يُحِبُّ المـالَ أَوَّلًا وَفَوقَ كُلّ شَيء، وَلَكِنَّهُ مِن خِلالِ البُخلِ وَالطَّمَعِ وَالجَشَع، الظَّاهِرينَ في تَصَرُّفاتِهِ، وَمِن خِلالِ تَعبيرِهِ الكَلاميّ يَتَّضِحُ لَنا أَمرُ العِبادَةِ هذا. انطِلاقاً مِن هُنا، إِذا كُنَّا فِعلاً حَريصينَ على أَن نَعبُدَ اللهَ فَوقَ كُلّ شَيء وَالَّذي عَرَفناهُ بِشَخصِ الرَّبّ يَسوع، عَلَينا بِكامِلِ إِنسانِيَّتِنا وَمِن دونِ تَفريطٍ فيها أَن نُحِبَّ إِنسانِيَّتَهُ، مُتَّعَلِّقينَ بِنَهجِ حَياتِهِ، وَمُصَمِّمينَ عَلى التَّتَلمُذِ لَهُ وَحدَهُ.

يَا بُنَيَّ، لَكَ قَلبٌ واحِد، لا إِثنَين، وَبِالتَّالي لا تَستَطيعُ أَن تَكونَ مُجَزَّأً، إِمَّا أَن تَعبُدَ اللهَ أَو المال على شَتَّى أَشكالِهِ وَأَنواعِه. يُمكِنُكَ أَن تَعبُدَ صورَةً عَن الله، وَتَكونُ مُزَيَّفَةً مَنسوجَةً مِن فِكرِكَ وَخَيالِكَ، وَتَربِيَتِكَ الخاطِئَة، وَلَكِن لِكَي تَعبُدَهُ عِبادَةَ الرُّوحِ وَالحَقّ، عَلَيكَ أَن تَنظُرَ إِلَيَّ وَأَن تُؤمِنَ بي، وَأَن تُجالِسَني لِتَكتَشِفَ حُضوري الإِلَهيّ الفاعِلِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ في حَياتِكَ الشَخصِيَّة، فَتَعرِفَ كَم أُحِبُّكَ، وَعِندَئِذٍ بِمُبادَلَتِكَ لي الحُبَّ بِالحُبّ، تَكونُ قَد اختَرتَ عِبادَة الآبِ السَّماويّ لِأَنَّ خَيارَكَ هذا سَيُؤَدّي بِكَ لِتَكونَ لَهُ ابنًا، لا عَبدًا، حُرًّا لا خاضِعًا. قَد تَسأل: “لِماذا قَلبي يَعرِفُ الإِنقِسامَ وَالصِّراعَ، وَلِماذا عَلَيَّ أَن أَكونَ مَسؤولاً عَن خَياراتي، فيما أَنا ضَعيفٌ قَليلُ الفَهمِ وَالإِدراك؟” لَقَد أُعطِيَ لَكَ قَبلَ هذا كُلِّهِ نِعمَةَ التَّمييزِ، وَأَنتَ تَنظُرُ إِلى غاياتِ كُلّ ما هوَ مَعروضٌ عَلَيكَ تُدرِكُ النَّتائِج، كَما وَأَنَّكَ تَستَطيعُ أَن تَستَفيدَ مِن خِبرَةِ مَن تَلتَقيهِم وَمَن هُم حَولَكَ، وَمَن سَمِعتَ بِسُمعَتِهِم مِثلَ القِدّيسينَ، لِيَكونَ خَيارُكَ مُطابِقًا لِرَغبَةِ قَلبِكَ العَميقَة، فَأَكونُ أَنا على رأسِ أَولَوِيَّاتِكَ وَفي صَميمِ قَلبِكَ، حينَئِذٍ سَتَنعَمُ بِالسَّلام وَالحُرِّيَّةِ الحَقَّة.

أُعطِيَ في العَهدِ القَديمِ مَكانَةً خاصَّةً لِلغَنيّ انطِلاقًا مِن أَنَّهُ مُنعَمٌ عَلَيهِ بِبَرَكَةٍ مُمَيَّزَةٍ مِنَ اللهِ، وَبِالتَّالي صارَ الفَقير وَفقًا لِهذِهِ القِراءَة، وَكَأَنَّ اللَّعنَةَ قَد أَصابَتهُ. شَكَّلَ هذا المـُعتَقَد قِراناً ما بَين اقتِناء المال وَعِبادَةَ الله. أَتى يَسوع في العَهدِ الجَديد، وَأَقامَ طَلاقاً بَينَهُما، أَوَّلاً لِأَنَّ بَرَكَةَ الآبِ تَسودُ عَلى جَميعِ البَشَر. ثانياً لِأَنَّ المـَحَبَّةَ الحَقَّة، لا تُبنى على أَساسِ الحالَة الإِجتِماعِيَّة، بَل على أَساس المـَعرِفَة وَالعَلاقَة الشَّخصِيَّة. ثالثاً لِأَنَّ الغايَة الَّتي حَقَّقَها بِقِيامَتِهِ مِن بَينِ الأَموات، لَيسَت مِن هذا العالَم وَلا تُقتَنى بِواسِطَةِ أَموالِهِ، بَل هيَ الحَياةُ الأَبَدِيَّة. في هذا التَّعليمِ الجَديد، لَم يَقُل يَسوع أَنَّ المالَ شَرّاً، بَل أَشارَ إِلى العَقَبَة الَّتي يُشَكِّلُها. لِكَي تَعبُدَ اللهَ بِالرُّوحِ وَالحقّ، دَع الرَّبّ يَسوع يُرَتِّبُ أَولَوِيَّاتِكَ.

رَبّي يَسوع، إِنَّ كَلامَكَ حَقٌّ وَنورٌ لي، إِذ فيهِ أَجِدُ مَلاذَ الحَياةِ وَالرَّاحَةِ وَالفَرَح. لا أَستَطيعُ أَن أُجَزِّءَ قَلبي وَأَعرِفَ المـَحَبَّة، وَلا أَستَطيعُ أَن أَكونَ للعالَمِ وَلِذاتي وَلَكَ أَيضاً، فيما إِذا كُنتُ بِكُلِّيَّتي لَكَ وَعابِدًا حَقيقيًّا كَإِبنٍ لله، أَستَطيعُ أَن أَكونَ لِذاتي وَلِلعالَمِ مَعَكَ، دونَ أَيّ تَجزِئَةٍ مِنّي، بَل مَدفوعاً بِقُوَّةِ مَحَبَّتِكَ الّتي تُوَحِّدُني بكَ يا إِلَهي، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة إثنين الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير ”لا تَستَطيعونَ أَن تَعبدوا اللهَ وَالمال“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!