الإنجيل اليومي

مار توما الأكوينيّ

موقع Allah Mahabba  مار توما الأكوينيّ

رسالة القدّيس بولس الأولى إلى طيموتاوس 6: 6 – 12

يا إخوَتِي، إِنَّ التَّقْوَى مَعَ القَنَاعَةِ رِبْحٌ عَظِيم.

فإِنَّنا لَمْ نُدْخِلْ إِلى العَالَمِ شَيْئًا، ولا نَسْتَطيعُ أَنْ نُخْرِجَ مِنْهُ شَيئًا.

لِذلِكَ يَكْفِينَا القُوتُ والكُسْوَة.

أَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ الغِنَى فيَقَعُونَ في التَّجْرِبَةِ والفَخِّ وفي كَثِيرٍ مِنَ الشَّهَوَاتِ الغَبِيَّةِ المُضِرَّة، الَّتي تُغْرِقُ النَّاسَ في الدَّمَارِ والهَلاك.

فإِنَّ أَصْلَ كُلِّ الشُّرُورِ هُوَ حُبُّ المَال، وقَد طَمَحَ إِلَيهِ أُنَاسٌ فَشَرَدُوا عنِ الإِيْمَان، وطَعَنُوا أَنفُسَهُم بِأَوْجَاعٍ شَتَّى.

أَمَّا أَنْتَ، يا رجُلَ الله، فَٱهْرُبْ مِن تِلْكَ الأُمُور، وَٱتْبَعِ البِرَّ والتَّقْوَى والإِيْمَانَ والمحَبَّةَ والثَّباتَ والوَدَاعَة.

جَاهِدِ الجِهَادَ الحَسَنَ في سَبِيلِ الإِيْمَان، وأَحْرِزِ الحَيَاةَ الأَبَدِيَّة، الَّتي دُعِيْتَ إِلَيْهَا، وقدِ ٱعْتَرَفْتَ الٱعْتِرافَ الحَسَنَ في حَضْرةِ شُهُودٍ كَثِيِرين.

إنجيل القدّيس متّى 6: 25 – 34

قالَ الربُّ يَسوع: «لا تَهْتَمُّوا لِنَفْسِكُم بِمَا تَأْكُلُون، ولا لِجَسَدِكُم بِمَا تَلْبَسُون. أَلَيْسَتِ النَّفْسُ أَهَمَّ مِنَ الطَّعَام، والجَسَدُ أَهَمَّ مِنَ اللِّبَاس؟

أُنْظُرُوا إِلى طُيُورِ السَّمَاء، فهيَ لا تَزْرَع، ولا تَحْصُد، ولا تَخْزُنُ في الأَهْرَاء، وأَبُوكُم السَّمَاويُّ يَقُوتُهَا. ألَسْتُم أَنْتُم بِالحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟

ومَنْ مِنْكُم، إِذَا ٱهْتَمَّ، يَسْتَطيعُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ وَاحِدَة؟

ومَا بَالُكُم تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاس؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو، وهيَ لا تَتْعَبُ ولا تَغْزِل.

أَقُولُ لَكُم: إِنَّ سُلَيْمَانَ نَفْسَهُ في كُلِّ مَجْدِهِ لَمْ يَلبَسْ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الحَقْلِ الَّذي يُوجَدُ اليَوْم، وغَدًا يُطْرَحُ في التَّنُّور، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالأَحْرَى يُلْبِسُكُم أَنْتُم يَا قَلِيلِي الإِيْمَان؟

لا تَهْتَمُّوا إِذًا وتَقُولُوا: مَاذَا نَأْكُل، أَوْ مَاذَا نَشْرَب، أَو مَاذَا نَلْبَس؟

فَهذَا كُلُّهُ يَسْعَى إِلَيْهِ الوَثَنِيُّون، وَأَبُوكُم السَّمَاوِيُّ يَعْلَمُ أَنَّكُم تَحْتَاجُونَ إِلى هذَا كُلِّهِ.

أُطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وبِرَّهُ، وذلِكَ كُلُّهُ يُزَادُ لَكُم.

لا تَهْتَمُّوا إِذًا بِالغَد، فَالغَدُ يَهْتَمُّ بِنَفْسِهِ. يَكْفِي كُلَّ يَوْمٍ شَرُّهُ. 

التأمّل

مَن يَأتي إِلَيَّ فَلَن أَطرُدَهُ خارِجاً

مُنذُ سِنِيّ الطُّفولَةِ الأُولى، وَالَّتي تُشَكِّلُ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ لِبُنيانِنا النَّفسيّ، نَختَبِرُ على مُستَوى اللَّاوَعي، الخَوفَ مِن أَن نَكونَ مَرفوضينَ وَغَيرَ مَقبولينَ، مِن ذَوينا، وَأَيضاً مِن كُلِّ غَريبٍ. تُرافِقُنا هَذِهِ الخِبرَةِ، وَهذا الهاجِسِ الباطِنيّ، طوالَ مُدَّةِ حَياتِنا، وَتُؤَثِّرُ بِشَكلٍ قَويّ على نَوعِيَّةِ استِضافَتِنا لِكُلِّ مَن نَلتَقيهِم، لِيَبقى السُّؤالُ يُجاري عَقلَنا وَقَلبَنا: هَل أَنا مَحبوبٌ لِذاتي؟ كَيفَ يَنظُرُ إِلَيَّ الآخَرون؟ أَيضاً في سِنِيّ الطُّفولَةِ الأُولى، لَولا تَشجيعِ الأَهلِ عَلى التَّحَرُّرِ مِن خَوفِنا، لِنَقبَلَ كُلَّ وَجهٍ وَصَوتٍ غَريبٍ، لَما استَطَعنا الإِنفِتاحَ على النَّاسِ، وَإِذا كانَ هُناكَ مِن مُشكِلَةٍ ما في سِنِيّ بُلوغِنا على مُستَوى الإِنفِتاحِ على الآخَرين، قَد يَعودُ إِلى تِلكَ الخُبُراتِ الَّتي تَحتَوي عَلى جِراحٍ مَدفونَةٍ في طَيَّاتِ قُلوبِنا. مَعَ الرَّبّ يَسوع وَفي خِبرَتِنا الرّوحِيَّةِ لِمَحَبَّتِهِ لَنا، نَتَمَكَّن مِن خِلالِ استِضافَتِهِ لَنا أَن نَقبَلَ الآخَرينَ في حَياتِنا، مُبعِدينَ عَنَّا تَجرُبَةِ القَبولِ وَالرَّفض، عَن طَريقِ الإِنفِتاح وَقَبول الواقِعِ وَالآخَر بِالمـَحدودِيَّةِ الَّتي تُحيطُنا جَميعاً.

يَا بُنَيَّ، وَأَنتَ تُصارِعُ في قَرارَةِ نَفسِكَ بَينَ الرَّفضِ وَالقَبول، بَينَ أَنَّكَ مَحبوبٌ أَو غَيرَ مَرغوبٍ فيكَ، عَلَيكَ أَن تَفتَحَ نافِذَةً صَوبي لِكَي تَستَضيفَ عَن طَريقِ كَلِمَتي أَنوارَ مَحَبَّتي الَّتي تُحَرِّرُكَ مِن كُلِّ ظَلامٍ يَعتَري قَلبَكَ، وَمِن كُلِّ أَسًى وَشُعورٍ قاسٍ. مَتى فَتَحتَ قَلبَكَ لي، وَأَصعَدتَ زَفيرَهُ إِلَيَّ سَتَعرِفُ بِما أَصنَعهُ بِمَشاعِرِكَ الباطِنِيَّة إِذ أُحَوِّلُ كُلَّ مَرارَةٍ إِلى عُزوبَةٍ روحِيَّةٍ، فتُشفى مِن صِراعِكَ هذا، حَيثُ لا تَعُد تَكتَرِثُ إِن كُنتَ مَحبوباً أَو مَرفوضاً مِنَ النَّاسِ، فَجُلَّ ما تَطلُبُهُ مِن ذاتِكَ، أَن تَكونَ أَنتَ في المـَحَبَّة، فَتُحِبَّ عَمَلًا وَتَماثلًا بِمَحَبَّتي لَكَ، لِأَنَّكَ بِها تَعرِفُ الفَرَحَ وَالسَّكينَةَ وَالسَّلام. يُستَحسَنُ بِكَ أَن تَعرِفَ الدَّافِعَ الَّذي يَقودُكَ إِلَيَّ، لِأَنَّكَ بِإِصغائِكَ لِروحي العامِلِ فيكَ، وَالَّذي يُخزي ما في قَلبَكَ مِنَ العالَمِ مِن خَطيئَةٍ وَبِرٍّ وَدَينونَة، سَتَعرِفُ كَيفَ أَنَّهُ يَستَخرِجُ مِنَ الشَّرِّ خَيراً، لِتَكونَ حَيّاً، فَلا تَعُد بِالمـَلامَةِ على نَفسِكَ وَعلى الآخَرين، بَل تَكونُ شاكِرًا، وراضِيًا بِنِعمَتي المـُقَدِّسَة لِكُلِّ تاريخِكَ. في أَيِّ حالَةٍ تُقبِلُ إِلَيَّ، وَإِن في قُبحِ الخَطيئَةِ سَتَجِدُ أَنَّكَ مَحبوبٌ مِنِّي، لأَنِّي جِئتُ لِكَي أَرفَعَكَ مِن حُفرَةِ القَبرِ إِلى الحَياة.

لَم يَتَعاطَى يَسوعُ مَعَ مَوقِفِ اليَهودِ الرَّافِضِ لَهُ، بِرَدَّةِ فِعلٍ عَنيفَةٍ، إِنَّما أَعطى لِتَصَرُّفِهِم أَعذاراً مُفادُها: قِلَّةُ إِيمانِهِم المـُتَأَتّي مِن عِبادَتِهِم لِحَرفِ الشَّريعَة، وَعَدَمَ اصغائِهِم الدَّاخِليّ لِمَن باستِطاعَتِهِ أَن يَجتَذِبَهُم وَيُعَرِّفَهُم عَلى هُوِيَّتِهِ كَإِبنٍ وَحيدٍ وَوَسيطٍ أَحَد. كَما وَأَنَّ الَّذينَ يُقبِلونَ بِدَفعٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ إِلَيهِ فَهُم لَيسوا بِكامِلينَ بَل خَطَأَة، وَقَبولُ الإِبنِ لَهُم عَلى ما هُم عَلَيهِ يُظَهِّرُ هُوِيَّتَهُ ذاتَ السُّلطانِ لِمَغفِرَةِ الخَطايا، فَيَعرِفونَ مَحَبَّتَهُ الَّتي سَتَكشِفُ لَهُم مَعَ الوَقتِ مَن استَخرَجَ مِن ضُعفِهِم وَخَطيئَتِهِم سَبيلًا أَودى بِهِم لِطَلَبِ الخَلاصِ، مُلتَمِسينَ وَجهَ الإِبنِ المـُتَجَسِّد. هَكَذا نَتَعَرَّفُ عَلى مَحَبَّةِ اللهِ الَّتي تَقبَلُنا عَبرَ إِنسانِيَّةِ يَسوع. كُن واثِقاً بِمَحَبَّتِهِ لَكَ كَما أَنتَ، لِتَكونَ حَقيقَةَ ذاتِكَ.

رَبِّي يَسوع، فيكَ أَجِدُ ذاتي، وَبِروحِكَ أَتَعَرَّفُ على السُّبُلِ الَّتي لا تَبرَح تَخلُقُها وَتوجِدُها، لِكَي أَتَقَرَّبَ مِنكَ، وَأَنا حامِلٌ لَكَ تاريخي وَإِرثي بِما فيهِ من ضُعفٍ وَخَطيئَةٍ، لِأَنّي مَعَكَ لا أَعُد أَعرِفُ الهُروبَ مِن ماضِيَّ، بَل غَمرَةَ الإِستِضافَةِ وَقُبلَةَ المـُصالَحَةِ بِقُوَّةِ الحُبِّ الَّذي أَحبَبتَني بِها، إِذ غَفَرتَ لي لِأُخلَقَ فيكَ خَلقاً جَديدًا، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مار توما الأكوينيّ ”مَن يَأتي إِلَيَّ فَلَن أَطرُدَهُ خارِجاً“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!