الإنجيل اليومي

جمعة الأسبوع الرابع بعد الدّنح

موقع Allah Mahabba  جمعة الأسبوع الرابع بعد الدّنح

رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 3: 1 – 6

يا إِخوتي، أَنَعُودُ نَبْدَأُ فَنُوَصِّيكُم بِأَنْفُسِنَا، أَمْ تُرَانَا نَحْتَاج، كَبَعْضِ النَّاس، إِلى رَسَائِلِ تَوْصِيَةٍ إِلَيْكُم أَوْ مِنكُم؟

إِنَّ رِسَالَتَنَا هيَ أَنْتُم، وهيَ مَكْتُوبَةٌ في قُلُوبِنَا، يَعْرِفُهَا وَيَقْرَأُهَا جَمِيعُ ٱلنَّاس.

أَجَلْ، لَقَدِ ٱتَّضَحَ أَنَّكُم رِسَالَةُ المَسِيح، الَّتي خَدَمْنَاهَا نَحْنُ، وهيَ مَكْتُوبَةٌ لا بِالحِبْرِ بَلْ بِرُوحِ ٱللهِ الحيّ، لا عَلى أَلْوَاحٍ مِنْ حَجَر، بَلْ عَلى أَلْوَاحٍ مِنْ لَحْمٍ أَي في قُلُوبِكُم.

تِلْكَ هيَ الثِّقَةُ الَّتي لَنَا بِالمَسِيحِ عِنْدَ ٱلله،

وهِيَ أَنَّنا لا نَقْدِرُ أَنْ نَدَّعيَ شَيْئًا كأَنَّهُ مِنَّا، بَلْ إِنَّ قُدْرَتَنا هِيَ مِنَ ٱلله،

فهوَ الَّذي قَدَّرَنَا أَنْ نَكُونَ خُدَّامًا لِلعَهْدِ الجَدِيد، لا لِلحَرْفِ بَلْ لِلْرُّوح، لأَنَّ الحَرْفَ يَقْتُلُ أَمَّا الرُّوحُ فَيُحْيِي.

إنجيل القدّيس يوحنّا 7: 37 – 39

في آخِرِ أَيَّامِ العِيدِ وأَعْظَمِهَا (عيد المظال!)، وَقَفَ يَسُوعُ وهَتَفَ قَائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ إِليَّ.

وَالمُؤْمِنُ بِي فَلْيَشْرَبْ، كَمَا قَالَ الكِتَاب: مِنْ جَوْفِهِ تَتَدَفَّقُ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيّ».

قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ المُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوه. فَٱلرُّوحُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أُعْطِيَ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ مُجِّد.

لتأمّل

”إِن عَطِشَ أَحَدٌ فَليُقبِل إِلَيَّ“

نَسمَع مِنَ الرَّبِّ يَسوع، كَلامًا يُثيرُ فينا الحَيرَةَ وَالتَّساؤلَ، إِذ يَصِف نَفسَهُ بِاليُنبوعِ وَالماءِ الحَيّ، مِمَّا يَجعَلُنا نُفَكِّر حَولَ المـَعنى، مُنطَلِقينَ مِن خِبرَتِنا البَسيطَةِ وَالمـُتَواضِعَةِ في الحَياة. لَولا الماء لا نَستَطيعُ الإِستِمرارَ في الحَياةِ هيَ عُنصُرٌ أَساسيٌّ وَحَيَويٌّ لِجَسَدِنا. عِندَما نَرتَوي نَشعُرُ بِالهَناءِ وَالرَّاحَةِ وَالإِنتِعاش. أَيضًا لَولا عَطَشِنا لا نَستَطيعُ أَن نُثَمِّنَ عَطِيَّةَ المـاء، وَأَنَّنا أُناسٌ عَلائِقِّيينَ لَيسَ مَعَ بَعضِنا البَعضَ كَمُجتَمَعٍ بَشَريّ، بَل مَعَ الخَليقَةِ بِأَسرِها، وَكُلُّ شَيءٍ فيها، يَعودُ مِن فَيضِ مَحَبَّةِ اللهِ لِخَيرِنا جَميعًا. نَصِفُ الماءَ بِالنَّقِيّ وَالعَذبِ وَالعَفيفِ وَالصَّافي وَالمـُنعِش، وَهَذِهِ كُلُّها نَجِدُها مُضَمَّنَة في دَعوَةِ يَسوعَ لِكُلٍّ مِنَّا لِكَي نُقبِل إِلَيهِ بِعَطَشِنا. مَن مِنَّا لَيسَ عَطشانًا لِلمحَبَّة وَللخَيرِ وَالسَّلام؟! مَن مِنَّا لا يُريدُ وَيرَغَبُ بِنَقاوَةِ النَّفسِ وَعُذوبَةِ الرُّوحِ وَصَفاءِ الفِكرِ وَانتِعاشِ الجَسَد؟! نَحنُ خَطَأَة وَنُريدُ أَن نُبَرَرَّ، وَيَسوع يَقولُ لَنا أَنَّهُ عَلَينا أَن نولَدَ مِنَ الماءِ والرُّوحِ، وَهوَّذا يُقَدِّمُ لَنا ذاتَهُ ماءً، كَمُعَلِّمٍ يَكشِفُ أَسرارَ إِنسانِيَّتِنا.

يَا بُنَيَّ، في آخَرِ أَيَّامِ عيدِ المـَظالِ، صَرَختُ لا بَل دَعَوتُ كُلَّ النَّاسِ الحاضِرَةِ في الهَيكَلِ مُحتَفِلَةً بِبَهجَةِ العيد، لِتَخرُجَ مِن حالَةِ العَيشِ الرَّمزيّ لِاحتِفالاتِها الطَّقسِيَّة، وَتَمضي إِلى عُمقِ مَعانيها فَتُجَسِّدَ إِيمانَها أَعمالًا. في هذا العيدِ كُنَّا نَحتَفِلُ كَيَهودٍ بالحَصادِ، وَنَنصُبُ الأَكواخَ كَعلامَةِ حَجٍّ لَنا، فَلَيسَ لَنا مَدينَةٌ باقِيَةٌ وَلا مَسكِنٌ باقٍ على الأَرض، إِنَّما سُكنى الله الَّذي كانَ مَعَنا عِندَ الخُروجِ وَالَّذي نَصَبَ خَيمَتَهُ فيما بَينَنا هوَ الَّذي يَرعانا. كُنَّا نَحتَفِلُ أَيضًا بِعَطِيَّةِ الوَصايا، وَفي آخِرِ يَومٍ نَلتَمِسُ مِنَ اللهِ المـَطَرَ لِتُسقى حُقولُنا مِن بَرَكاتِهِ وَنِعَمِهِ. انطِلاقًا مِن هُنا صَرَختُ لِئَلَّا يَظُنَّ مُلتَمِسوا ماءَ المـَطَرِ أَنَّهُ سَيُرويهِم، لا بَل أَنا اليُنبوعُ الحَيّ الَّذي أُرويهِم. وَأَسَفاه، لَم يَسمَعوا لِكَلِمَتي، على الرُّغمِ مِن عَطَشِهِم، لِأَنَّهُم رَأوا فيَّ إِنسانًا بَسيطًا، أُحاكي بِحالَتي خِيَمَ القَصَبِ وَالقَشّ الَّتي كانوا يَصنَعوها لهذا الإِحتِفال، فَما استَطاعوا رُؤيَةَ كُلّ رُموزِ العيدِ مُحَقَّقَةً في شَخصي، فَبَقِيَت عِبادَتَهُم فارِغَة وَناقِصَة، لِأَنَّها لَم تَبلُغ غايَتَها. أَرجوكَ يا وَلَدي أَقبِل إِلَيَّ بِعَطَشِكَ لِأُروي ظَمَأَ إِنسانِيَّتَكَ الَّتي أَلَّهتُها بِتَجَسُّدي وَتَعليمي.

وَقَفَ يَسوعُ في وَسَطِ الهَيكَل وَصَرَخَ عَلى مَسمَعِ الجَميع: “إِن عَطِشَ أَحَدٌ فَليُقبِل إِلَيَّ”. لَقَد اختارَ المـَكانَ المـُلائِمَ لِصَرخَتِه، وَالمنـاسَبَة الصَّحيحَة لِمَعنى ما أَعلَنَهُ. كُلُّ مَن يَصعَدُ إِلى الهَيكَلِ، يُعَبِّرُ بِوَجهٍ مِنَ الأَوجُهِ عَن حالَةِ العَطَشِ الَّتي تُرافِقُ الإِنسانَ إِلى أَن يَلتَقي اللهَ الحَيّ، فَيَعبُدَهُ بِالرُّوحِ وَالحَقّ. يُمكِنُنا اختِصارَ مَعنى الصَّلاة، بِالعَطَشِ الرُّوحيّ، وَهذا ما يَختَبِرُهُ الإِنسانَ المـُؤمِن، إِذ يَكتَشِف ذاتَهُ كَأَرضٍ جَدباءَ قاحِلَة، تَحتاجُ لِأَن تَستَقي مِنَ الله حُبًّا بِزَرَّاتِ مَطَرِ النِّعمَةِ الإِلَهيَّة. في اليَومِ الأَخيرِ مِن عيدِ المَظالِ صَرَخَ يَسوعُ صَرخَتَهُ، لِيَقولَ لِكُلِّ مَن يَنتَظِرُ المَطَرَ لِرَيّ حُقولِهِ، أَنَّهُ عَطِيَّةُ الآبِ الَّذي يَروي الإِنسانَ بِكَلِمَةِ الحَياة؛ تَوَجَّه إِلى يَسوع لِيَروي قَلبَكَ رَحمَةً وَحَياة.

رَبّي يَسوع، أَنا العَطشانُ إِلَيكَ، وَقَلبي لَجائِعٌ جِدًّا إِلَيكَ، كُلُّ الأَشياءِ تَفقِدُ مَعناها، وَتُصبَحُ سَرابًا إِن لَم تَستَقي مِنكَ الوُجودَ لِتَستَمِرَّ بِعَطاءِ الخَيرِ الَّذي بَذَرتَهُ فيها. اجتَذِبني أَكثَرَ إِلَيكَ وَإِن عَرَفتُ العَطَشَ بِشَكلٍ أَكبَر وَأَعمَق لِأَنّي بِفَضلِ نِعمَتِكَ العامِلَةِ فِيَّ كُلَّ صالِحٍ وَخَير، أَتَذَوَّقُ كَلماتَ إِنجيلِكَ، فَينتَعِشَ قَلبي بِمَحَبَّتِكَ، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة جمعة الأسبوع الرابع بعد الدّنح ”إِن عَطِشَ أَحَدٌ فَليُقبِل إِلَيَّ“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!